قال تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية إن مجموعتين من المعتقلين تسببتا بأزمة دولية صغيرة في ظل ما يبدو من توقُّف للمفاوضات بشأن مصير 12 صياداً إيطالياً وتونسياً محتجزين في ليبيا، مقابل مصير أربعة لاعبي كرة قدم ليبيين مسجونين في إيطاليا بتهمة تهريب البشر.
ففي مدينة مازارا ديل فالو في جزيرة صقلية الإيطالية، يدعو أفراد العائلات للإفراج الفوري عن 12 رجلاً احتجزت زوارق حرس الحدود الليبي سفينتهم متهمين إياهم بالصيد في المياه الإقليمية. واقتيدوا إلى مدينة بنغازي الليبية، حيث تشير تقارير إلى إصدار أمير الحرب الجنرال خليفة حفتر أوامره باحتجازهم ما لم تطلق إيطاليا سراح 4 ليبيين تقول عائلاتهم إنَّهم أُدينوا خطأً.
أليساندرو جياكالوني، شقيق أحد الصيادين قال: "تمكَّنتُ أخيراً من التحدث إلى أحد أفراد الطاقم بعد 16 يوماً، وقال لنا إنهم جميعاً مضغوطين نفسياً، وناشدنا عمل كل ما بوسعنا لإخراجهم من هناك".
تثور التوترات في المنطقة البحرية الفاصلة بين صقلية وليبيا منذ منتصف التسعينيات، حين بدأت ليبيا حماية مياه الصيد الخاصة بها من السفن الأجنبية باستخدام القوة، وتصاعدت عام 2005 حين مدَّ معمر القذافي بصورة أحادية المياه الإقليمية الليبية من 12 إلى 74 ميلاً بحرياً. ومن بين الأمور الموجودة على المحك هنا واحد من أثمن القشريات في العالم، "gambero rosso" أو الجمبري الأحمر، وهو ما يمكن أن يكلف الكيلوغرام الواحد منه 70 يورو (82.8 دولار تقريباً).
وفقاً لبيانات جمعية "Distretto della Pesca" التعاونية المعنية بصناعة الصيد في صقلية، احتُجِز أكثر من 50 قارباً، وصُودِر قاربان، واحتُجِز نحو 30 صياداً، وأُصِيبَ عشرات الأشخاص في آخر 25 عاماً من "حرب الجمبري الأحمر".
صحيفة "العنوان" الليبية قالت إنه بعد خروج الشائعات بشأن عملية التبادل التي اقترحها حفتر، نظَّمت عائلات لاعبي كرة القدم احتجاجات قبالة القاعدة البحرية في بنغازي، مطالبين بعدم الإفراج عن الصيادين الإيطاليين حتى إطلاق سراح اللاعبين الإيطاليين من إيطاليا.
عادةُ ما يُطلَق سراح المحتجزين بعد أسبوعين وسلسلة من المفاوضات، لكن الحالة الأخيرة تعقَّدت أكثر بسبب المزاعم بأنَّ الإيطاليين كانوا يُهرِّبون المخدرات على متن قوارب الصيد.
السلطات الإيطالية تعتقد أن خطة حفتر واضحة، وأن أي اتهامات جديدة بحق الصيادين، الذين يتعين الآن مثولهم أمام قاضٍ ليبي، ستكون مؤشراً آخر على أنه عازم على فرض عملية تبادل لليبيين الأربعة.
كان جمعة طارق العمامي وعبدالكريم الحمد ومحمد جركس وعبدالرحمن عبدالمنصف قد اعتُقِلوا في صقلية عام 2015 وحُكِم عليهم بالسجن 30 عاماً بسبب عملية عبور للبحر لقي فيها 49 شخصاً حتفهم.
وبحسب المحققين، كان الرجال الأربعة فوق جسر السفينة ويُزعَم أنهم حبسوا عشرات الأشخاص في بدن السفينة خلال عملية عبور وعرة، وهي الخطوة التي أدَّت إلى مصرع المهاجرين حين انقلبت السفينة قرب شاطئ صقلية. وقال الدفاع إن الاتهامات بلا أساس.
سينزيا بيكورارو، محامية عبدالكريم، قالت: "القضاة أنفسهم أقرُّوا بأن مهربين آخرين في ليبيا وضعوا المهاجرين في بدن السفينة".
كما تقول عائلات الرجال وأصدقائهم إنَّ الليبيين الأربعة كانوا لاجئين فروا من الحرب الأهلية وواصلوا مسيرتهم المهنية من أجل لعب كرة قدم في ألمانيا، وأجبرهم المهربون على قيادة القارب.
هذا وأكَّدت إحدى محاكم الاستئناف الإيطالية الحكم الأصلي بالسجن 30 عاماً. وبات أمل الليبيين الأخير الآن هو محكمة النقض، أعلى محكمة إيطالية، حيث ينبغي أن ينظر القضاة في القضية خلال الأشهر المقبلة.
وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو تعهد بأن إيطاليا "لن تتعرَّض للابتزاز"، وقال المدعي المحلي المسؤول عن التحقيق، كارميلو زوكارو، إنَّ "التبادل سيكون أمراً بغيضاً".
وانتقل احتجاج أفراد عائلات الصيادين الآن إلى روما، حيث طالبوا الحكومة الإيطالية بعمل كل ما في سلطتها لتحرير الرجال. وفي بنغازي، يواصل أقارب لاعبي الكرة الأربعة معركتهم لإطلاق سراح أحبائهم.