رغم تبرئهم والإفراج عنهم.. سمعة “غوانتانامو” السيئة تطارد من سُجنوا فيه ظلماً وتحرمهم من عائلاتهم

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/10/09 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/10 الساعة 08:34 بتوقيت غرينتش
معسكر دلتا في خليج غوانتانامو "أرشيفية" - رويترز

يتطلع صلاح الدين عبدالأحد وخليل محمود وأيوب محمد بشوق للاجتماع بأطفالهم في كندا. لكن الرجال الثلاثة، من أقلية الإيغور المسلمة، يجدون صعوبة في ذلك، لأنَّ سنوات سجنهم في غوانتانامو سيئ السمعة لا تزال تطاردهم بالرغم من مرور عقد على تبرئة ساحتهم وإطلاق سراحهم، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية.

وعلى الرغم من وصول سلسلة من المحاكمات الأمريكية إلى قرار بعدم وجود صلة للرجال الثلاثة بالإرهاب، تقول حكومة جستن ترودو إنهم كانوا في ما سبق متمردين مسلحين، ولا زالوا يشكلون خطراً على الأمن القومي.      

من جانبها، قالت المحامية براسانا بالاسوندرام -المقيمة في تورونتو، التي تولت قضايا الرجال الثلاثة الذين أصبحوا الآن في الأربعينيات من العمر- إنهم يعانون أكثر مما يتخيله الكثيرون. وأضافت: "العيش بعيداً عن عائلاتهم له عبء نفسي عميق عليهم. أنا ألتقي بزوجاتهم وبأطفالهم، وأرى بوضوح العبء الذي يثقل كاهل الجميع مما يحدث".

معاناة وظلم عمره 20 عاماً

يقول الرجال إنَّه خلال نشأتهم في الصين تعرضوا للمراقبة المستمرة بسبب أنهم مسلمون. وعاقبت الدولة عائلاتهم بسبب مخالفات بسيطة. (لدى كل من محمد وعبدالأحد أقارب محتجزون حالياً في معسكرات "إعادة التأهيل" سيئة السمعة في الصين).

وخوفاً من عدم وجود مستقبل لهم في الصين، فرّ الرجال الثلاثة من البلاد في عام 2001، وسافروا أولاً إلى باكستان ثم إلى أفغانستان، حيث استقروا وسط مجتمع صغير من الإيغور في قرية خارج جلال أباد.

وعقب ذلك بأشهر قليلة، وقع الغزو الأمريكي على أفغانستان، وقصفت قوات التحالف القرية التي كانوا بها؛ مما دفع سكانها للفرار إلى الجبال. وعقب عودة الرجال إلى باكستان، خانهم بعض سكان القرى، وباعوهم للجيش الأمريكي بمقابل مادي 5000 دولار لكل رجل. 

ونُقلوا إلى قاعدة عسكرية أمريكية في قندهار، ثم إلى القاعدة الأمريكية في خليج غوانتانامو، حيث احتجز محمد لمدة 4 سنوات وعبدالله ومحمود لمدة 7 أعوام. وقضوا أياماً من الاستجوابات المكثفة على يد مسؤولين أمريكيين وصينيين.

وعلى غرار الكثير الذين علقوا في مصيدة الاعتقالات الأمريكية الواسعة، برأت ساحة الرجال وأُخلي سبيلهم في النهاية، الذين لم تكن تهمتهم سوى التواجد في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.  

أين يقيمون الآن؟

يقول محامو الرجال إنَّ عودتهم للصين تنطوي على خطورة على أرواحهم. وضمن خطط إغلاق معتقل غوانتانامو، نقلتهم إدارة أوباما إلى ألبانيا وبرمودا، ضمن مجموعة اتفاقات دبلوماسية معقدة للتخلص من المعتقلين من الحرب على الإرهاب.

وفي النهاية، التقى الرجال الثلاثة بزوجاتهم المستقبليات عبر أصدقاء مشتركين ومجتمع الإيغور على الإنترنت، اللاتي سافرن إلى ألبانيا وبرمودا لتأسيس عائلات.

لكن النساء الثلاث وجدن هذه الخطوة مُربِكة. وبحلول عام 2013، أصيبت زوجة عبدالأحد، زولبية يعقوب بالاكتئاب. وعلى أمل أن تكون أقرب إلى آخرين من الإيغور، تقدمت بطلب لجوء إلى كندا ومُنِحَت وضع اللاجئة.

في حين غادرت أمينيغولي، زوجة خليل محمود، برمودا بعد أن مرض طفلهما الأول وأُرسِلا إلى تورونتو لتلقي العلاج. ومُنِحا الإقامة الدائمة في عام 2017.

وكانت مليكة أيركين، زوجة أيوب، مواطنة كندية بالفعل عندما التقى الاثنان عبر الإنترنت. وبعد محاولة فاشلة لتأسيس حياة في ألبانيا، انتقلت مع طفليها إلى كندا.

وبسبب عدم قدرتهم على السفر إلى كندا، اضطر الرجال إلى مشاهدة أطفالهم يكبرون بعيداً عنهم. وتسافر زوجاتهم وأطفالهم من حين لآخر لرؤيتهم في برمودا وألبانيا، لكن هذه الزيارات مُكلفة ولا يشعرون قط أنها كافية.

الحكومة الكندية ما زالت ترى فيهم خطراً

من جانبها، تؤكد الحكومة الكندية أنَّ هناك "أسباباً معقولة" للاعتقاد بأنه بينما كانوا في أفغانستان، درب الرجال الثلاثة حركة تركستان الشرقية الإسلامية، وهي جماعة انفصالية صنفتها الصين على أنها منظمة إرهابية، وضغطت على دول أخرى لفعل ذلك أيضاً، بما في ذلك الولايات المتحدة. 

لكن ردت المحامية براسانا بالاسوندرام قائلة إنَّ هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وأضافت أنَّ الحكومة الكندية استندت في رفضها إلى استجواب الرجال على يد مسؤولين أمريكيين "فقدوا مصداقيتهم في النهاية".

وانتقدت جماعات حقوقية الحكومة الكندية لرفضها طلبات لجوء الرجال، في الوقت الذي يعرب فيه ترودو عن دعمه لأقلية الإيغور المضطهدة. 

وقال أليكس نيفي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية بكندا، أمام لجنة برلمانية مؤخراً: "الألم والظلم اللذان تعرض لهما هؤلاء الأفراد وعائلاتهم غير مقبولين على الإطلاق. يمكن لكندا حل هذا الوضع في غضون أيام أو أسابيع قليلة".

ومع مرور الوقت، أصبح الرجال أكثر واقعية ويطلبون فقط فرصة زيارة عائلاتهم. ويقول عبدالأحد، الذي تحمل زوجته حالياً في طفلهما الرابع: "طلبت من الحكومة الكندية منحي شهراً واحداً فقط لأكون مع زوجتي حين تضع طفلنا. ثم سأرحل بعدها". وأضاف: "لا يمكنني أن أكون معها ولا مع أطفالي. لا أصدق أنَّ هذه الأيام السوداء ستستمر للأبد". 

تحميل المزيد