من إعلامي وسيم يطرح أسئلة عن الفروقات الاجتماعية بين التونسيين في برنامجه "نحن هكة" في 2010 إلى مرشح لرئاسة الجمهورية التونسية في 2019 تحت شعار "رئيس جمهورية قرطاج الجديدة". وثم خبير في الاتصال السياسي سنة 2020، خبير يقدم خطاباته في جلسات مع الشباب ويكتب رسائله السياسية على صفحاته الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي يتهكم فيها تارة على النخبة السياسية الحاكمة التي يدعوها برؤساء طوائف البلاد، وفي المقابل يخبرنا بأنه أربعيني العمر الذي يحمل بين أضلعه حلم استعادة أمجاد قرطاج.
يحاول البعض تحليل ظاهرة نزار الشعري على أنها وليدة التفاعل السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن نجاحه في اجتياح عالم السياسة والفكر وليد مسيرته كإعلامي ونتيجة لخبرته في مجال التواصل. ولكن حين تنشر مجلة عريقة ومتخصصة في شؤون شمال إفريقيا "جون أفريك" الفرنسية تقريراً بعنوان: "نزار الشعري رجل الظل لرئيس الجمهورية قيس سعيد!"، مؤكدة بذلك أهمية نزار في المشهد السياسي، وبأنه مع منظمته يساهمون بطريقة فعالة في صناعة ساسة تونس ويؤثرون في المشهد السياسي التونسي خلافاً لما يأتي على لسان نزار الشعري من نقد واستنكار للنظام الحاكم.
ما وراء توني فيزوين؟
منظمة توني فيزوين، لو ترجمنا اسمها إلى العربية لكان: رؤية تونس!
أطلق نزار الشعري منظمته الشبابية التي تسعى لنشر ثقافة حب العمل بين الشباب وتحفيزهم نحو النجاح وبث روح التجديد ضد الأفكار المتكلسة التي يتلقاها الشباب التونسي من النخبة السياسية الحاكمة.
أحلام التجديد والتشبيك والانفتاح على العالم تبدو جلية من خلال دمج التقنيات الرقمية بشكل كامل في جميع أنشطة المؤسسة وفي منشوراتها ولعل كتاب "تونس في عينيا" الذي نشره نزار الشعري في 2018 وكان أول كتاب تونسي تنشر نسخته إلكترونية على موقع خاص ويدرج فيه "كود" عند كل فصل في الكتاب ليساعد القارئ بطريقة ذكية للتوجه نحو المصادر والمراجع.
من خلال خبرته في مجال الاتصالات والذكاء الصناعي تمكن نزار من إطلاق 188 نادياً جامعياً شبابياً مغطياً كامل تراب الجمهورية غير الشراكات والتنسيقيات التي أبرمها مع العديد من المنظمات الشبابية التونسية. باعتماد التكنولوجيا كوسيلة غير مكلفة للتشبيك والتواصل مع خطاب باللهجة التونسية المحلية تمكن نزار الشعري وزملاؤه من إطلاق عدة تنسيقيات في تونس مثل:
- المؤتمر الوطني للمنظمة: وهو مؤتمر تنظمه مؤسسة توني فيزيون عند نهاية كل عام دراسي من خلال تجميع كل أعضاء النوادي الجامعية لمدة 3 و4 أيام وتكريم القيادات الشبابية من خلال ورش العمل والتدريب وفتح مجال للتشبيك بين الشباب وقيادات توني فيزوين.
- نحن قرطاج: مبادرة تقوم على بعث وحدات عمل وتنسيق بين الشباب لتسليط الضوء على مختلف المحافظات والأحياء بكامل تراب الجمهورية بهدف تعزيز ثقافة الحوار بين مختلف الثقافات التونسية وفتح باب للتعارف بين التونسيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وهي مبادرة أزعجت العديد من السياسيين لأنها حملت اسم قرطاج والذي عادة ما يقترن ذكرها بالقرار السياسي والسيادي التونسي!
- أكاديمية توني فيزوين: مشروع يسعى إلى تمكين الشباب وتدريبه وتعليمه ليكون قائداً في المستقبل.
الشباب من الهامش إلى المركز
مبادرات نزار الشعري الشبابية ليس وحدها التي تثير قلق الأحزاب الكلاسيكية بتونس، بل حتى خطاباته التي ترتكز في معظمها على تثمين مكانة الشباب في تونس والانتصار لمواقفه، وإن كانت مخالفة للأعراف السياسية والدبلوماسية على حد عبارة نزار الشعري في تعليقه على الهجرة غير الشرعية، حيث قال: "على الحكومة أن تترك الشباب يختار مصيره بما أنها فشلت في إيجاد حلول لمشاكله". مضيفاً: "إن تونس دولة ليست بحارس على ضفاف المتوسط لصالح الدول الأوروبية".
إن نقد السياسات الحكومية ترفقه دعوات بتسليم مقاليد الحكم للشباب، حيث يرى نزار الشعري أن النخبة السياسية الحالية غير قادرة على مواجهة تحديات الواقع وما يشهده العالم من تغيرات. وتسند نظرته السلبية عن النظام الحاكم بتونس من خلال الدراسات والورشات والزيارات التي يقوم بها نزار للأحياء الشعبية بتونس والريف التونسي الذي تغيب فيه فرص العمل ومراكز الثقافة ويكاد يكون منسياً من الأجندات الحكومية وبرامجها الوطنية.
يرى نزار أن الحل يكمن بين أيادي الشباب لا غيرهم رافعاً شعار: "أنتج يا حومة!"، بمعنى هيا إلى العمل يا صديقي، وذلك حلاً لمواجهة البطالة والفقر وإقبال الشباب على الهجرة وأيضاً مواجهة حالة الانقطاع الدراسي التي تبلغ 120 ألف حالة كل سنة.
صاحب بديل أم صانع للرؤساء؟
لكن، رغم كل تلك الشعارات والمؤتمرات والخطابات المعارضة الرنانة، تؤكد "جون أفريك" الفرنسية أن نزار الشعري هو رجل الظل لقيس سعيّد من خلال تصريح له على إذاعة الديوان بتونس ورد فيه إعجاب نزار بشعار "الشعب يريد" الذي حمله الرئيس قيس سعيد، مؤكداً أنه رسالة لشباب تونس نحو إرادة الحياة وتقرير المصير. ومن أشهر يقوم نزار الشعري بترويج برنامج وشعار "الشعب يريد" الذي حمله الرئيس قيس سعيد مؤكداً أنه رسالة لشباب تونس نحو إرادة الحياة وتقرير المصير وبناء حلم قرطاج الذي تهدف إليه كل مبادرات توني فيزيون الشبابية. هذا التقارب الواضح ادعى نزار أنه فكري، إيماناً منه باستقلالية قيس سعيد عن الأحزاب التي جعلته محل ثقة شباب تونس الذي بات ساخطاً على الوضع.
وتجدر الإشارة هنا إلى رفض نزار عدة مناصب وزارية ومقترحات للمشاركة في إدارة الحكم، معللاً ذلك بأنه يختار ممارسة قناعاته وحريته بعيداً عن الضغوط.
في الختام وحده التاريخ سيثبت لنا إن كان هذا الأخير رجل ظل في صناعة الحكم أم صاحب بديل سياسي وشبابي أنتجه مسار التحول الرقمي الذي يشهده العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.