أكد تقرير سري للأمم المتحدة، أن دولة الإمارات قامت بانتهاك حظر الأسلحة في ليبيا خلال العام الجاري، بعد أن أقدمت على رفع عدد شحنات الإمدادات العسكرية إلى أمير الحرب الليبي الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، بالتزامن مع محاولات الدولة الخليجية لإنقاذ حملة القائد العسكري والتصدّي لنفوذ منافستها الإقليمية تركيا.
وفق تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الأربعاء 30 سبتمبر/أيلول 2020، نقلاً عن دبلوماسيٍّ مطلع على التقرير غير المنشور الذي أعدّته لجنة خبراء الأمم المتحدة المنوطة بها مراقبة حظر الأسلحة، فإن أعداد الرحلات الجوية العسكرية الإماراتية ارتفع إبان قتال حفتر؛ للحيلولة دون انهيار هجومه الذي امتد لعامٍ كامل، على الحكومة الليبية المعترف بها دولياً في طرابلس،
خرق سافر: فبين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، أرسلت القوات الجوية الإماراتية نحو 150 رحلة جوية، يعتقد خبراء الأمم المتحدة أنها كانت تحمل ذخيرة وأنظمة دفاعية.
المصدر الدبلوماسي قال إنّ عشرات الرحلات الجوية من الإمارات استمرت خلال الصيف، باستخدام طائرة نقل عسكرية أمريكية من طراز سي-17، حتى بعد انتهاء هجوم حفتر.
كما اتُّهِمَت الإمارات أيضاً باستخدام السفن لنقل الوقود إلى ليبيا لأغراضٍ عسكرية، في انتهاكٍ لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وكان الاتحاد الأوروبي، الذي أطلق العام الجاري دوريات بحرية لتعزيز الحظر، قد أوقف الشهر الجاري سفينةً محملةً بوقود الطائرات الذي يزعم مسؤولو الأمم المتحدة أنّه كان مخصصاً للاستخدام العسكري في المنطقة التي يسيطر عليها حفتر.
إغراق ليبيا بالسلاح: إذ أدّت الأسلحة القادمة من الإمارات إلى تراكمٍ هائل للأسلحة في ليبيا. كما أنّ دعم الإمارات لحفتر خلال هجومه الممتد لـ14 شهراً، على الحكومة المركزية في طرابلس قد وضع الإماراتيين على الجانب المقابل للولايات المتحدة.
تعترف واشنطن، مثل الأمم المتحدة، بسلطات طرابلس على أنّها الحكومة الشرعية، رغم أن الرئيس دونالد ترامب أثنى على حفتر عام 2019، ليترك سياسة الولايات المتحدة بشأن الصراع متخبطةً عدة أشهر.
إمدادات الأسلحة من الإماراتيين كانت ضروريةً من أجل سيطرة حفتر العسكرية على النصف الشرقي من ليبيا، حيث يُواصل مقاومة محاولات الوساطة في حلٍ سياسيٍّ للصراع.
وأرسلت الإمارات إلى قوات حفتر في السنوات الأخيرة عدداً من الطائرات المسلحة من دون طيار، والأنظمة الدفاعية، والقنابل المُوجّهة بالليزر، والمروحيات الهجومية، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة المنشورة سابقاً.
بينما رفض وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، مناقشة تفاصيل شحنات أسلحة بلاده إلى ليبيا، قائلاً إنّ الإمارات تحارب الجماعات الإرهابية في ليبيا إلى جانب الحلفاء.
وقد حطّت كثير من الرحلات الجوية الإماراتية في قاعدة سيدي براني الجوية المصرية، قرب الحدود الليبية. ومن هناك، نقلت المركبات والطائرات تلك المعدات إلى ليبيا وفقاً لتقرير الأمم المتحدة، الذي استشهد بصورٍ رأسية للقاعدة وسجلات الرحلات الجوية.
وانتهى هجوم حفتر بالفشل في يونيو/حزيران، حين طردت القوات الموالية للحكومة -بدعمٍ تركي- ميليشيات حفتر بعيداً عن العاصمة.
أسلحة روسية: تستخدم الإمارات شبكةً من الشركات الخاصة، وتعتمد على الدول الحليفة، لتوصيل الأسلحة إلى ليبيا، وفقاً للوثائق التي راجعتها صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية والمقابلات مع أشخاص مطلعين على الوضع. وهو الأمر الذي يساعدها على تجنّب تدقيق محقّقي الأمم المتحدة وتضليل مُورّدي الأسلحة بشأن الوجهة النهائية لتلك المعدات، بحسب مسؤولٍ سابق مطلع على الوضع.
ففي السنوات الأخيرة مثلاً، اشترت الإمارات عدة مروحيات هجومية روسية طراز مي-24، من دول أخرى في أوروبا عادةً مثل بيلاروسيا، وفقاً للجنة خبراء الأمم المتحدة المنوطة بها مراقبة حظر الأسلحة. ومن ثم رتّبت إرسال المروحيات إلى ليبيا، بحسب الوثائق التي شاهدتها الصحيفة وتقارير الأمم المتحدة.
وكان الجيش الإماراتي، باستخدام شركةٍ خاصة في دبي تُدعى AAL Group، قد طلب سبع مروحيات مي-24 روسية الصُّنع من جمهورية التشيك في عام 2015، وفقاً للعقود والوثائق الأخرى التي اطّلعت عليها الصحيفة.
لكن AAL Group لم ترد على المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني التي طلبت تعليقها على المسألة.
ولم يتأكّد ما إذا كانت المروحيات التي باعتها التشيك قد انتهى بها المطاف في ليبيا. لكن قوات حفتر استخدمت عدة مروحيات مي-24 في القتال خلال الشهور الأخيرة، خاصةً في هجوم طرابلس. كما تدرّب الطيارون الليبيون من قوات حفتر على نوعية المروحيات نفسها في مصر، بحسب مسؤولٍ غربيٍّ سابق مطلع على الوضع.
لكن المتحدث باسم الحكومة المصرية رفض الرد على طلبات التعليق على نقل المروحيات والأسلحة إلى ليبيا.
كما لم تستجب وزارتا الخارجية والدفاع الإماراتيتان لطلبات التعليق على تفاصيل صادرات المروحيات.