كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الجمعة 29 يونيو/حزيران 2018، عرض الحوثيين على الأمم المتحدة إدارة ميناء الحُديدة، وموافقة الحكومة الشرعية على المقترح، ما يفتح الباب أمام انفراجة محتملة لصراع تسبب في أحد أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.
جاء ذلك في لقاء أجراه المبعوث الأممي مع موقع أخبار الأمم المتحدة الرسمي.
وقال غريفيث: "لدي أولويتان؛ إحداهما منع وقوع هجوم على الحُديدة، والأخرى بدء المفاوضات السياسية".
وأضاف أن "قيادة جماعة الحوثيين أعطتنا في الأمم المتحدة عرض القيام بدور قيادي في إدارة ميناء الحديدة".
وأوضح غريفيث أن الحكومة اليمنية وافقت على تسلُّم المنظمة الدولية إدارة الميناء.
تفاؤل بالعودة إلى المفاوضات
وأبدى غريفيث تفاؤله بالعودة إلى المفاوضات، قائلاً: "خلال الأيام الماضية، التقيت الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن، ومحمد عبد السلام كبير مفاوضي الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط، وأكد الطرفان استعدادهما للقدوم إلى طاولة المحادثات".
وتابع: "المبدأ الأساسي هو بدء المفاوضات لإنهاء الحرب، الحُديدة مسألة مهمة للغاية، ولكن الأهم هو الحل السياسي العام".
وفي الواقع يرصد صحفيون يمنيون استعدادات من قبل الطرفين وكأن حرباً أشد شراسة ستندل عمّا قريب.
من أمام مستشفى الثورة بالحديدة#اليمن#الحديدة pic.twitter.com/cchqK2B42v
— بسيم الجناني #اليمن (@baseem_aljenani) June 28, 2018
ويقول الصحفي بسيم الجناني الذي ينتمي للمدينة الاستراتيجية إن معارك هي الأشد منذ أسابيع اندلعت بين القوات الحكومية المدعومة من قبل السعودية والإمارات والحوثيين في جنوب غرب مديرية الدريهمي بإتجاه قرى القازة والنخل وخط الشيخ. وأضاف أن طيران التحالف كثف قصفه للمواقع التي يسيطر عليها الحوثيين.
ونشر صوراً لحفريات وسواتر ترابية وتوزيع لآلات عسكرية وسط بعض الأحياء وهذه تُظهر أن الحوثيين يستعدون لحرب شوارع وأن الحديث عن تسليمهم للميناء الاستراتجي مجرد مناورة لكسب الوقت، كما أن القوات الحكومية والتحالف أرسلوا تعزيزات عسكرية متمثلة بالأفراد والأسلحة.
معارك مستمرة هي الأشد منذ أسابيع بين القوات المشتركة والحوثيين في جنوب غرب مديرية الدريهمي بإتجاه قرى القازة والنخل وخط الشيخ وتحليق مكثف للطيران صاحبه قصف متواصل لتعزيزات الحوثي القادمة من طريق اللاوية. #الحديدة_نت على التلجرام ?https://t.co/JjwZsYDiEv
— بسيم الجناني #اليمن (@baseem_aljenani) June 28, 2018
وأنهى مارتن غريفيث، الخميس 28 يونيو/حزيران 2018، جولة من المفاوضات بلقاء مع الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط.
وقال إنه يسعى في جولته "لإيجاد سبل لتحويل أزمة الحديدة إلى فرصة لاستئناف العملية السياسية في اليمن".
والتقى المبعوث الأممي، الأربعاء 27 يونيو/حزيران 2018، الرئيس هادي في عدن، بحضور رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر.
وشدد هادي، خلال اللقاء، على ضرورة انصياع جماعة "الحوثي" لقرارات الشرعية الدولية، كمدخل لأي تسوية سياسية محتملة.
وأكد أن أي تسوية سياسية لا بد أن تخضع لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار الأممي 2216 (يحظر توريد الأسلحة للحوثيين) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
متى التسليم؟
ولم يذكر المبعوث الأممي موعداً محدداً لتسلُّم المنظمة الدولية زمام الأمور في ميناء الحديدة.
ومنذ 13 يونيو/حزيران 2018، تنفذ القوات الحكومية، بإسناد من التحالف العربي، عملية عسكرية لتحرير الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر من مسلحي الحوثيين، وسيطرت خلالها على المطار.
وتعهدت السعودية والإمارات بعملية عسكرية سريعة للسيطرة على المطار والميناء دون دخول وسط المدينة، وذلك لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والحفاظ على تدفق السلع الأساسية.
ويقول السعوديون والإماراتيون الذين تدخلوا في حرب اليمن عام 2015، إنهم يجب أن يستعيدوا السيطرة على الحديدة لحرمان الحوثيين من مصدر دخلهم الرئيسي ولمنعهم من جلب الصواريخ
وكان التحالف العربي بقيادة السعودية قد وعد المبعوث الأممي بدراسة التلميح الذي أطلقه الحوثيون قبل أكثر من أسبوع عن استعدادهم لتسليم إدارة ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة.
ولم يكشف المبعوث الأممي، في تصريحاته، عن موقف التحالف من العرض المقدم من الحوثيين.
وقال مصدر دبلوماسي بالأمم المتحدة إن الأمم المتحدة ستشرف على إيرادات الميناء، وستتأكد من إيداعها في البنك المركزي اليمني.
ويقضي التفاهم بأن يظل موظفو الدولة اليمنية يعملون إلى جانب الأمم المتحدة.
و قال الدبلوماسي الغربي: "أعطى السعوديون بعض الإشارات الإيجابية في هذا الصدد وكذلك لمبعوث الأمم المتحدة خلال الـ24 ساعة الماضية".
وتدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب عام 2015؛ لوضع حد لسيطرة الحوثيين على المراكز السكانية الرئيسية ولإعادة الحكومة المعترف بها دولياً.
وأدلى عبد الله المعلمي، سفير السعودية لدى الأمم المتحدة، بتصريحات في المنظمة الدولية، أكد فيها مطلب التحالف؛ وهو خروج الحوثيين من المدينة تماماً، مشيراً إلى التقدم البطيء الذي يحرزه غريفيث.
وخلال الأيام الماضية، استعد الحوثيون لحرب شوارع في المدينة، فالأحياء السكنية تشكل نقطة قوة لهم، وفق مراقبين عسكريين.
وتسببت عمليات الحفر في تدمير شبكة المياه وانقطاعها عن العديد من الأحياء السكنية، ما أجبر السكان في الجهة الجنوبية والغربية على النزوح.
ويشكل ميناء مدينة الحديدة، التي يسكنها نحو 600 ألف نسمة، المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان. لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تُطلَق على السعودية. ويعتمد نحو 22 مليون نسمة باليمن على المساعدات الإنسانية، في حين يواجه 8.4 مليون خطر المجاعة.