“ستعضون أصابعكم ندماً!”.. الحريري يعلق على فشل تشكيل الحكومة ويحذر من عدم تطبيق مبادرة فرنسا

قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، السبت 26 سبتمبر/أيلول 2020، إن المبتهجين بسقوط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول لبنان "سيعضون أصابعهم ندماً"، معرباً عن غضبه من فشل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعدما اعتذر مصطفى أديب عن تشكيلها، فيما قال الرئيس ميشيل عون إنه لا يزال مهتماً بمبادرة ماكرون.

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/26 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/26 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
سعد الحريري/ رويترز

قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، السبت 26 سبتمبر/أيلول 2020، إن المبتهجين بسقوط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول لبنان "سيعضون أصابعهم ندماً"، معرباً عن غضبه من فشل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعدما اعتذر مصطفى أديب عن تشكيلها، فيما قال الرئيس ميشيل عون إنه لا يزال مهتماً بمبادرة ماكرون. 

تحذير من القادم: جاء ذلك في بيان نشره الحريري بعد دقائق من إعلان أديب استقالته من منصبه، ومثّل ذلك ضربة لجهود باريس طوال الأسابيع الماضية، والتي دفعت باتجاه تشكيل حكومة هدفها انتشال البلاد من أشد أزمة تمر بها منذ عقود، ما يضع البلاد أمام مرحلة مجهولة المعالم.

الحريري قال في بيانه إن "أهل السياسة في ​لبنان​ يقدمون لأصدقائنا في العالم نموذجاً صارخاً عن الفشل في إدارة الشأن العام ومقاربة المصلحة الوطنية، فاللبنانيون يضعون اعتذار أديب عن مواصلة ​تشكيل الحكومة​ اليوم بخانة المعرقلين، الذين لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، وقد كشفوا عن أنفسهم في الداخل والخارج ولكل مَن هبَّ مِن الأشقاء والأصدقاء لنجدة لبنان بعد الكارثة التي حلت ب​بيروت​".

الحريري حذّر أولئك "المعرقلين" -دون أن يحدد أحداً بالاسم- وقال "لأؤلئك الذين يصفقون اليوم لسقوط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون​، إنكم ستعضون أصابعكم ندماً لخسارة صديق من أنبل الأصدقاء، ولهدر فرصة استثنائية سيكون من الصعب أن تتكرر لوقف الانهيار الاقتصادي ووضع البلاد على سكة الإصلاح المطلوب".

كذلك اعتبر الحريري أن مبادرة ماكرون لم تسقط، "لأن الذي سقط هو النهج الذي يقود لبنان واللبنانيين إلى الخراب، ولن تنفع بعد ذلك أساليب تقاذف الاتهامات ورمي المسؤولية على الآخرين، ووضع مكون رئيسي لبناني في مواجهة كل المكونات الأخرى".

أشار الحريري أيضاً إلى أن هناك إصراراً "على إبقاء لبنان رهين أجندات خارجية"، مضيفاً أن ذلك "بات أمراً يفوق طاقتنا على تدوير الزوايا وتقديم التضحيات"، لافتاً إلى أن تياره قدَّم تنازلات من أجل لبنان ولاستثمار المبادرة الفرنسية. 

وختم الحريري بيانه بشكر ماكرون وأديب، وقال عن الأخير إنه "تحمَّل مسؤولياته بكل جدارة، والتزم حدود الدستور والمصلحة الوطنية حتى اللحظة الأخيرة"، بحسب تعبيره. 

من جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشيل عون، في تغريدة نشرها حساب الرئاسة، إن "المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تزال مستمرة، وتلقّى مني كل الدعم، وفق الأسس التي أعلنها الرئيس الفرنسي"، كما أعرب رئيس مجلس النواب نبيه البري عن موقف مماثل لموقف عون.

وكان قرار أديب قد جاء بعد لقاء جمعه بالرئيس اللبناني ميشيل عون، وقال في تصريح متلفز إن "التوافق الذي قبلت من أجله المهمة الوطنية في لبنان لم يعد قائماً"، فيما قالت الرئاسة اللبنانية، إن "عون شكر أديب على جهوده وأبلغه قبول اعتذاره عن تشكيل الحكومة".

كذلك ناشد دياب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بالاستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الصعبة، ومواصلة مساعيه ومبادرته لمساعدة البلد".

ما هي مبادرة ماكرون؟ كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التقى في أغسطس/آب 2020، قادة الأحزاب اللبنانية ومسؤولين، وأبلغهم ببنود مبادرته، أو ما سمّاها بالميثاق، وقال إنها ستكون الفرصة الأخيرة للسياسيين اللبنانيين.

مصادر دبلوماسية خاصة كانت قد كشفت لعربي بوست عن بنود الميثاق الوطني الجديد، وأوصى ماكرون بضرورة وضع وثيقة تأسيسيّة تكون بمثابة عقد سياسيّ واجتماعيّ جديد للبنان، وفي حال لم تصدر قبل نهاية هذا الصيف فإنّ فرنسا ستلغي أيّ إمكانيّة لمساعدة لبنان مالياً.

أهم ما جاء في الوثيقة بند "الحياد المسلح" الذي يلتزم بموجبه لبنان الحياد تجاه أي معارك حاصلة خارج حدوده الجغرافية، ملتزماً فقط بمبدأ "الدفاع عن النفس" تجاه أي عدوان مسلح، ويكون رد العدوان من قبل "الجيش اللبناني" فقط. 

كما ستتضمّن تنفيذ اللامركزيّة الإداريّة، عبر خطّة كاملة تُعيد بلورة عمل المؤسسات والهيئات والمصالح والمجلس على مختلف الأراضي اللبنانيّة، إضافةً إلى إنقاذ المسار الاقتصادي والاجتماعي عبر تعزيز دور المنشآت الحيويّة الأساسيّة، وتغيير إداراتها، بناءً على نظام الكفاءة والجدارة، بدلاً من الطائفية والمحاصصة المذهبية المعمول بها منذ تأسيس لبنان.

ستُعبّر الوثيقة عن التأكيد على الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين  في مجلس النواب ومجلس الوزراء والتعيينات الإداريّة لمنع التفريط بها، فضلاً عن احترام المواطنيّة والتعدديّة وإشراك المرأة.

وبالنسبة إلى حزب الله فيؤكد المصدر أنّه "سيكون عليه التراجع عن الإمساك بمفاصل الدولة، بُحكم الموافقة الروسيّة على الميثاق الجديد، والذي سيدفع طهران لاحقاً للموافقة عليها، كي يستطيع العمل مع باقي الأحزاب، فالوثيقة بمثابة إعلان توازن جديد في لبنان، وعليه القبول بها، والتفاهم على ملف السلاح لاحقاً في حال حصول اتفاق إيراني- أمريكي في المنطقة.

يتضمن الميثاق الجديد أيضاً مشاركة قوى الثورة والحراك بشكل فاعل، عبر تشكيل مجلس وطني يضم ممثلين عن أكبر مجموعات الحراك، الذي انطلق في 17 /أكتوبر/تشرين الأول، ويمثل شريحة أوسع من اللبنانيين.

يُشار إلى أن فرنسا حذرت القوى السياسية في لبنان، الأسبوع الماضي، من عواقب عدم تشكيل حكومة جديدة في وقت قصير، وقالت الخارجية إن على تلك القوى أن تختار بين الاتفاق أو الانهيار. 

تحميل المزيد