الإجابة عند أبو مازن.. هل تستجيب السلطة الفلسطينية لضغوط دحلان وتجري الانتخابات الرئاسية؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/22 الساعة 17:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/22 الساعة 17:25 بتوقيت غرينتش
محمود عباس ومحمد دحلان (أرشيف)

بين الركود والحراك ثم العودة للركود مرة أخرى ثم الحراك مجدداً، يدور ملف إجراء الانتخابات الرئاسية في أروقة السلطة الفلسطينية واللجان التنفيذية لحركة فتح، ولا أحد يعرف متى يمكن أن يتخذ قرار إجرائها، إلا الرئيس عباس أبو مازن وحده.

هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي طال انتظارها، بعد توقف دام 16 عاماً بعدما أتت بمحمود عباس رئيساً للسلطة، فيما أجريت آخر انتخابات برلمانية برلمانية قبل 14عاماً، وقد فازت بها حركة حماس ثم وقع الانقسام الأكبر في تاريخ فلسطين.

حراك داخلي وخارجي يضغط لأجل إجراء الانتخابات الرئاسية كضرورة وحل لإخراج الفلسطينيين من أزمات كثيرة تلاحقهم، هذا الحراك عاد صوته يعلو قبل نحو عام، نتاج ضغوط أوروبية على القيادة الفلسطينية ربطت بين تجديد شرعيتها كمؤسسة حاكمة وبين إجراء الانتخابات.

الأمر الذي دفع رئيس السلطة محمود عباس وقتها للإعلان عن نيته إجراء الانتخابات خلال كلمته ألقاها أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

بعد عودة الرئيس عباس، كلف رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، كي يتحدث إلى حركة "حماس" في غزة لتنسيق الأمر، وقد نجح ناصر في الحصول على تنازل من حماس عن شروطها لإجراء الانتخابات لدرجة.

تفاجأ الرئيس عباس وحركة فتح من موقف حماس، فقد وافقت الحركة على نظام التمثيل النسبي الكامل وإجراء الانتخابات التشريعية أولاً ثم الرئاسية بعدها بثلاثة أشهر وليس بالتزامن، لكن سرعان ما خفت زخم نقاش الانتخابات على إثر الانشغال بمواجهة جائحة كورونا التي اجتاحت العالم.

بم يفكر الرئيس عباس؟ هل يفعلها ويدعو لاجراء الإنتخابات ؟ – رويترز

مناورة الانتخابات

منحت أزمة تفشي فيروس كورونا ملف الانتخابات فترة من الراحة بين أدراج السلطة، غير أنّ الدعوة إليها قد عادت مجدداً بعد حالة الوفاق والتقارب بين قيادة السلطة وحركة حماس كرد فعل على التطبيع الإماراتي والبحريني.

 وقد شددت منظمة التحرير و"حماس" على جديتهما بأهمية إجراء الانتخابات لتحقيق الوحدة ومعالجة آثار الانقسام الفلسطيني وإصلاح البيت الداخلي لمواجهة مخططات التصفية التي تُحاك ضد قضية فلسطين.

على الجبهة المقابلة، ألمحت جهات سياسية إلى أن الإمارات تقف الآن من وراء الكواليس لإعادة تحريك الضغوط دولية على السلطة الفلسطينية من أجل إجراء الانتخابات، فهي تبحث عن مدخل تمرر من خلاله حليفها الأقرب محمد دحلان كمرشح لحكم السلطة أو تساند من يرشحه دحلان لهذا المنصب، وتقف هي من خلفه تضخ المال لإنجاحه.

دحلان ممنوع من الترشيح

يؤكد قيادي مقرب من الرئاسة الفلسطينية لـ"عربي بوست" أن محمد دحلان ممنوعدستورياً من ترشيح نفسه للانتخابات، بموجب حكم بالسجن صادر بحقه من محكمة جرائم الفساد الفلسطينية.

 وحول المخاوف من المحاولات الإماراتية لرفض شخصية ما على رئاسة السلطة، قال القيادي الفلسطيني: "إذا كانت أمريكا وحلفاؤها يريدون تغيير القيادة، فليكن بالانتخابات وليس على ظهر دبابة أو بأساليب انقلابية" لكنه شكك بقدرة الأموال الإماراتية على فرض دحلان أو غيره على الشعب الفلسطيني.

بدورها، شددت قيادات في مركزية "فتح" بينهم أمين سر مجلسها الثوري ماجد الفتياني على أن القيادة الفلسطينية جدية في حديثها عن الانتخابات كخيار وحيد، مشيراً إلى أن الحوار الوطني سينصب في المرحلة القادمة على الانتخابات كمدخل لإنهاء الانقسام وفق التمثيل النسبي الكامل واحترام نتائج الانتخابات

ثم بعد الانتخابات يتم تشكيل حكومة وحدة أياً كانت النتيجة، وقال: "أما المجلس التشريعي فسوف يعالج كل القضايا القانونية والسياسية التي ترتب طيلة سنوات الانقسام".

وأضاف الفتياني لـ"عربي بوست": "هناك إمكانية لإجراء الانتخابات، وسنحولها إلى قضية سياسية ونضالية لمواجهة الاحتلال".

هل يمكن منع محمد دحلان من الترشح بموجب الأحكام الصادرة ضده؟

هل يثق المواطن في إجراء انتخابات؟

شعبياً ميدانياً، بدا المواطن الفلسطيني غير مبالٍ بفكرة اجراء الانتخابات من عدمها لسببين، الأول لأنه يشكك بجدية القيادات الفلسطينية في إجرائها، ويراها غير راغبة في التخلي عن مواقعها ومناصبها الحالية، أما السبب الثاني، فيكمن في عدم اقتناع فئات واسعة من الفلسطينيين بقدرة هذه الانتخابات على تجديد الوجوه، ويرون أنها ستعيد إفراز نفس القيادة القائمة.

من جهته، كشف عضو كنيست سابق يقيم في أراضي 48 لـ"عربي بوست" وجود  خلافات في مكتب أبو مازن وكذلك حماس وإسرائيل وأمريكا بشأن الانتخابات، وهو ما يعطي انطباعاً باستحالة إجرائها في الوقت القريب نتيجة هذه الخلافات.

ويقول المصدر إنه بالرغم من أن الانتخابات تمثل الشيء الأهم للفلسطينين، إلا أن سؤالاً يفرض نفسه في هذا الملف، هل يتفق الفلسطينيون على الهدف من إجراء الانتخابات؟ وإذا فازت "حماس" هل ستحكم الضفة وغزة معاً؟ وفي حال فازت "فتح" هل ستحكم غزة أيضاً؟

ويعتقد المصدر ـ الذي رفض ذكر اسمه ـ  أن الظرف الحالي لا يتيح الإمكانية لحسم الإجابة الفلسطينية على هذه التساؤلات، ويظل السؤال المحوري هنا أيضاً: متى سوف تجري الانتخابات وعلى أي أساس؟

تعميق الوحدة قبل الانتخابات

يدعو المصدر السياسي ـ من فلسطينيي "48" إلى تطوير الوحدة الفلسطينية أولاً ويأتي بموازاة ذلك اتفاق على برنامج سياسي موحد لحركتي "حماس" و"فتح" ويحظى بتأييد إقليمي ودولي، ثم بعد تحقيق ذلك يأتي التفكير بالانتخابات.

وحول المساحات التي قد تحاول فيها الإمارات استغلال إجراء الانتخابات لإتاحة الفرصة لفرض محمد دحلان أو أحد تابعيه على السلطة وضمان فوزه بواسطة الأموال الوفيرة، استبعد المصدر المقرب من إسرائيل أن يتمكن محمد دحلان من الوصول لرئاسة السلطة عبر الانتخابات في هذا الوقت.

كما وقلل من جدية أبو ظبي في إجراء الانتخابات، لأن الأخيرة ستقطع الطريق أمام محاولاتها للعب بالمشهد الفلسطيني، موضحاً أن الإمارات تستخدم الانتخابات كوسيلة ضغط وتخويف لعباس حتى يوافق على إعادة تيار محمد دحلان إلى الضفة والمصالحة معه.

هل مازال الشارع الفلسطيني يؤمن بجدوى الانتخابات؟ /رويترز

إسرائيل ترفض إجراء الانتخابات

وعلم "عربي بوست" من مصادر خاصة متخصصة في الشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل لا ترغب في أن تجرى الانتخابات الفلسطينية، وأنها لا ترى أياً من القيادات الموجودة قادرة على الحسم والفوز بخلافة عباس إذا ما غادر الأخير منصبه في حال وفاته أو لسبب طارئ آخر.

وتشير المصادر إلى وجود بورصة أسماء لدى حكومة الاحتلال، تتنافس على الخلافة من بينها محمد دحلان ومحمود العالول وماجد فرج وجبريل رجوب.

وتؤكد المصادر أن إسرائيل لا ترغب أن يخلف عباس، رئيس الحكومة محمد اشتية وأن اسم سلام فياض كشخصية تكنوقراطية أعيد تداوله إسرائيلياً وأنه قد يكون مقبولاً من الإمارات وبعض الدوائر المحلية، خاصة وأن اسمه بعيد عن دائرة الفساد التي تثير غضب الشعب الفلسطيني.

هل تدفع إسرائيل بأحد رجالها في السلطة ليخلف عباس ؟/رويترز

 ماجد فرج وإسرائيل علاقة عميقة

وحول رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، قالت المصادر ذاتها لـ"عربي بوست" أن فرج مدعوم أمريكياً وإسرائيلاً، وقد أجرى سراً عمليتين جراحيتين في المشافي الإسرائيلية حيث كان يحرس غرفته أفراد من جهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك".

 إلا أن هذه العلاقة لا تجعل فرج مرشحاً قوياً لرئاسة السلطة خاصة وأنه واجه "فيتو قوياً" من اللجنة المركزية في فتح وحالت دون منحه العضوية كما كان يرغب عباس.

وترى المصادر أن إسرائيل تعتمد على اللواء ماجد فرج في القيام بدور مهم في صياغة سيناريو يتم من خلاله اختيار شخصية أخرى كواجهة مدعومة من كل أقطاب فتح بشرط حفظ مصالحها.

 وذلك لتسلم زمام المرحلة بعد عباس، خاصة وأن إسرائيل مهتمة بشخص قوي يمسك المرحلة الفلسطينية القادمة ويحفظ الهدوء.

دحلان يحاول فرض نفسه

في غضون ذلك، يسعى دحلان ومن خلفه الإمارات للضغط باتجاه الحضور مجدداً في المشهد السياسي الفلسطيني، وذلك عبر أكثر من طريقة، أبرزها التحالف مع القائد الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، وهو ما تردده الصحافة الإسرائيلية.

ويرى دحلان أن البرغوثي انضم لجهوده لتغيير رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وذلك عبر الانتخابات في الضفة الغربية.

كما يفتعل تيار دحلان في الضفة الغربية بعض الخلافات مع السلطة من أجل الإثارة الإعلامية الضاغطة في اتجاه إجراء الانتخابات، ما دفع الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة لاعتقال مجموعة من الأفراد المحسوبين على دحلان، بينهم هيثم الحلبي من قرية في نابلس إضافة إلى سليم أبو صفية.

تحميل المزيد