في خطوة تقابل برفض دولي واسع وتهدد بزيادة عزلة واشنطن، تقول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران يجب إعادة فرضها، اعتباراً من اليوم السبت 19 سبتمبر/أيلول 2020، وإن حظر الأسلحة المفروض عليها يجب ألا ينتهي أجله في منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
لكن 13 دولة عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، ومن بينها حلفاء قدامى للولايات المتحدة، تقول إن خطوة واشنطن باطلة. وبذلك تكاد أن تكون واشنطن وحيدة ضد الجميع في هذا الموقف إذ تعترض عليه القوى العظمى الأخرى، روسيا والصين بالإضافة إلى الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة.
ويقول دبلوماسيون إن قلة قليلة فقط من الدول قد تؤيد إعادة فرض تلك الإجراءات التي كانت قد رفعت بموجب الاتفاق النووي الذي وقعته إيران في 2015 مع القوى العالمية بهدف منعها من تطوير أسلحة نووية. فيما يلي نظرة على الأحداث التي أدت إلى هذه المواجهة وما قد يحدث بعد ذلك.
لماذا سينتهي العمل بحظر الأسلحة على إيران؟
فرض مجلس الأمن الدولي حظر الأسلحة على إيران عام 2007. ومن المقرر أن ينقضي أجل هذا الحظر في 18 أكتوبر/تشرين الأول بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. ويمنع الاتفاق طهران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات عنها. وتم إدراج الاتفاق في قرار لمجلس الأمن عام 2015.
وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، واصفاً إياه بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق". الشهر الماضي، وعندما أخفقت الولايات المتحدة في محاولة تمديد الحظر المفروض على إيران في مجلس الأمن، اتّهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فرنسا وبريطانيا وألمانيا في هجوم اتّسم بمستوى نادر من العنف، بأنها "اختارت الانحياز إلى آيات الله" الإيرانيين.
ماذا يعني هذا بالنسبة للاتفاق النووي لعام 2015؟
تقول الأطراف التي ظلت مشاركة في الاتفاق النووي إنها ملتزمة بالحفاظ عليه. وقالت إيران إن الاتفاق سيظل سارياً رغم الخطوة الأمريكية في الأمم المتحدة.
وقالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا لمجلس الأمن الدولي الجمعة 18 أيلول/سبتمبر إن إعفاء إيران من عقوبات الأمم المتحدة سيستمر لما بعد 20 سبتمبر/أيلول.
وكتب مبعوثو الأطراف الأوروبية الثلاثة في خطاب للمجلس اطلعت عليه رويترز: "عملنا بلا كلل من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي وما زلنا ملتزمين بذلك".
ما هي العقوبات التي ستعود؟
من شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية.
وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على إطلاق أسلحة نووية واستئناف فرض عقوبات محددة على عشرات الأفراد والكيانات. كما سيتم حث الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.
ما الذي أدى بالأمور إلى تلك النتيجة؟
قدمت الولايات المتحدة شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن انتهاك إيران للاتفاق النووي الشهر الماضي. ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت واشنطن عقوبات قوية من جانب واحد في محاولة لإرغام إيران على العودة للتفاوض على اتفاق جديد، ورداً على ذلك خرقت إيران قيوداً أساسية فرضها الاتفاق بما شمل مخزونها من اليورانيوم المخصب.
تقول الولايات المتحدة إنه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 2015 الذي يدرج الاتفاق النووي في منظومته، فقد فعّلت بذلك عملية تدوم 30 يوماً لإعادة فرض كل العقوبات من الأمم المتحدة على إيران. وترى واشنطن أنه برغم انسحابها من الاتفاق النووي فإن القرار لا يزال يعتبرها دولة مشاركة فيه.
وكان على مجلس الأمن التصويت في غضون 30 يوماً على قرار لاستمرار تخفيف العقوبات المفروضة على إيران. وما لم يتم اعتماد مثل هذا القرار بحلول الموعد النهائي، فستتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة التي كانت سارية قبل الاتفاق النووي لعام 2015 تلقائياً. ولم يتم طرح مثل هذا القرار للتصويت.
وفي الشهر الماضي، قالت إندونيسيا التي كانت ترأس مجلس الأمن الدولي لشهر أغسطس/آب إنها "ليست في موضع يسمح لها باتخاذ المزيد من الإجراءات" فيما يتعلق بمحاولة الولايات المتحدة تفعيل عودة كل عقوبات المنظمة الدولية على إيران لأن الأمر لا يحظى بإجماع داخل المجلس.
وتقول 13 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن إنها تعارض تحركات واشنطن إذ تعتبرها باطلة بالنظر إلى أنها تستخدم فيها عملية من داخل الاتفاق النووي الذي لم تعد طرفاً فيه.
ماذا ستفعل الولايات المتحدة الآن؟
سيستمر حوار الطرشان بين واشنطن وباقي الدول التي تعارضها، إذ إن إدارة ترامب تنوي التصرّف وكأنه أُعيد فرض العقوبات الدولية على طهران، فيما تعتزم القوى الأخرى التصرّف وكأن شيئاً لم يكن.
وقالت مصادر لرويترز، إن ترامب يعتزم إصدار أمر تنفيذي يسمح له بفرض عقوبات على كل من ينتهك حظر الأسلحة التقليدية المفروض على إيران من الأمم المتحدة في محاولة لتعزيز إصرار أمريكا، على أن الإجراء أصبح ممدداً إلى أجل غير مسمى لما بعد 18 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم نشر أسمائها، إن من المتوقع إصدار الأمر التنفيذي في الأيام المقبلة وإنه سيسمح للرئيس بمعاقبة المخالفين الأجانب، إذ إن الكيانات الأمريكية ممنوعة بالفعل من القيام بأي تعاملات متعلقة بالأسلحة مع إيران، وحرمانهم من الوصول إلى السوق الأمريكية.
لكن مصدراً دبلوماسياً أوروبياً قال لـ"أ ف ب"، إن الأمريكيين "سيدّعون أنهم فعّلوا آلية سناب باك وبالتالي أن العقوبات عادت"، لكن "هذه الخطوة ليس لديها أي أساس قانوني" وبالتالي لا يمكن أن يكون لديها "أي أثر قانوني". ويتوقع الدبلوماسي الأممي أن "لا شيء سيحدث" مضيفاً أن الوضع "أشبه بالضغط على الزناد من دون انطلاق الرصاصة".
كيف قد تتعامل إدارة يقودها الديمقراطي جو بايدن مع إيران؟
قال ثلاثة مسؤولين إيرانيين بارزين لرويترز إن القيادة في بلادهم عازمة على إبقاء التزامها بالاتفاق النووي على أمل أن فوز منافس ترامب الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني قد ينقذ الاتفاق.
وقال بايدن، الذي كان نائباً لأوباما وقت التفاوض على الاتفاق النووي، إنه سيعيد بلاده طرفاً فيه إذا عادت إيران أولاً للالتزام بكل بنوده. وقال آندرو بيتس المتحدث باسم حملة بايدن: "إذا عادت إيران لالتزام صارم بالاتفاق النووي، فستعود الولايات المتحدة للانضمام للاتفاق والبناء عليه بينما ستعمل مع حلفائها للتصدي لأفعال إيران المزعزعة للاستقرار".