يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت، الإثنين 31 أغسطس/آب 2020، في محاولة ضغط على الطبقة اللبنانية الحاكمة لتشكيل حكومة جديدة، ولتبني "خارطة طريق" كان الإليزيه قد اقترحها كحل لإخراج لبنان من أزمته العميقة سياسياً واقتصادياً.
تأتي هذه الزيارة، وهي الثانية إلى بيروت، بعد انفجار المرفأ في 4 أغسطس/آب، بينما يبدأ الرئيس اللبناني ميشال عون استشارات مع الكتل النيابية لتكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة بعد ثلاثة أسابيع من استقالة حكومة حسان دياب، تحت ضغط الشارع الذي حملها مسؤولية الانفجار، بسبب الإهمال وفساد المؤسسات.
برنامج غير تقليدي: بخلاف المألوف في الزيارات الرئاسية الرسمية، يستهل ماكرون زيارته بلقاء المغنية اللبنانية فيروز (85 عاماً)، التي تعتبر أيقونة الفن اللبناني وسفيرته إلى العالم، ومن الرموز القليلة التي يلتفّ اللبنانيون حولها بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم.
حيث ستستقبل فيروز الرئيس الفرنسي في منزلها شرق بيروت، كما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
بعدها، سيجول ماكرون الثلاثاء في الأحياء المتضررة بهدف تقييم عمليات رفع الأنقاض وتوزيع المساعدات، وسيلتقي ممثلين عن منظمات غير حكومية وعن وكالات الأمم المتحدة، لكنه سيحرص على أن يحدّ من تواصله مع الناس في الشارع جراء تدابير الإغلاق العام لمكافحة وباء كورونا.
وكان ماكرون قد قابل عشرات اللبنانيين في الشارع خلال زيارته السابقة، مناشدين إياه عدم تقديم المساعدات عبر مؤسسات الدولة التي لا يثقون بها.
كما سيجتمع الرئيس الفرنسي بقرابة 400 جندي فرنسي وصلوا إلى لبنان عقب الانفجار، للمساعدة في إفراغ نحو ألف طن من المساعدات الطبية والغذائية، المتعلقة بإعادة الإعمار، المرسلة من فرنسا.
وفي التحركات الرمزية سيزور محمية أرز جاج شمال بيروت، حيث سيغرس مع عدد من الطلاب اللبنانيين شجرة أرز، تأكيداً على عمق العلاقات الثنائية التاريخية بين فرنسا ولبنان.
لقاءات سياسية: جدول أعمال ماكرون لن يخلو من اللقاءات السياسية، إذ إن "هدف زيارته واضح، وهو ممارسة الضغط حتى تتوفّر الشروط لتشكيل حكومة بمهمة محددة، قادرة على الاضطلاع بإعادة الإعمار والإصلاح"، مع ضمان أن يلتزم المجتمع الدولي بدعم لبنان الذي نضبت موارده، ويشهد أسوأ أزماته الاقتصادية، حسب ما أفاد بيان للرئاسة الفرنسية.
ويعقد الرئيس الفرنسي سلسلة اجتماعات يبدأها لدى وصوله مع السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، على أن يجتمع على طاولة الغداء مع عون الثلاثاء، ويلتقي مساء ممثلي 9 من القوى السياسية الرئيسية في لبنان.
تحذير من انهيار لبنان: وفي تصريحات الجمعة، دق ماكرون ناقوس الخطر، محذراً من "حرب أهلية" في لبنان "إذا تخلينا عنه".
حيث قال من باريس "إذا تخلينا عن لبنان في المنطقة، وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية" وسيؤدي ذلك إلى "تقويض الهوية اللبنانية".
وأكد ماكرون على هذه النقطة الجمعة، مشدداً على وجوب "تمرير قانون مكافحة الفساد وإصلاح العقود العامة وإصلاح قطاع الطاقة" والنظام المصرفي، محذراً من أنه "إذا لم نفعل ذلك فإن الاقتصاد اللبناني سينهار".
كما كرّرت باريس الخميس دعوتها لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة واعتماد إصلاحات "عاجلة". وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من أن "الخطر اليوم هو اختفاء لبنان، لذلك يجب اتخاذ هذه الإجراءات".