أصبح رجل الأعمال السوري، رياض سيف، البالغ من العمر 73 عاماً واحد من أشهر المعارضين لنظام الأسد، كما يُطلق عليه "أسطورة المعارضة السورية"، وخلقت شهادته في محاكمة أحد رموز النظام الحدث لدى المتتبعين لجلسات المحاكمة لرموز نظام الأسد، في تهم تتعلق بالتعذيب والاغتصاب والقتل، فقد خرج أخيراً رياض عن صمته، وسمع السوريون شهادته التاريخية.
وفق تقرير لشبكة Deutsche Welle الألمانية، الجمعة 28 أغسطس/آب 2020، فإن اليوم الـ26 من محاكمة "نور ر."، أحد رموز نظام الأسد، فيما يخص القمع والاضطهاد، وتشمل التهم جرائم ضد الإنسانية، و58 تهمة قتل، وما لا يقل عن أربعة آلاف حالة تعذيب، تميز بشهادة استثنائية من رمز المعارضة في سوريا.
محاكمة استثنائية: تقع القاعة الصارمة رقم 128 للمحكمة الإقليمية العليا في كوبلنز، على مرمى حجر من المتنزه المثالي الممتد على طول ضفة نهر الراين. ومنذ أبريل/نيسان، كان هذا هو المكان المناسب لمحاكمة غير مسبوقة للتحقيق في أهوال غرف التعذيب السورية، والدور الذي اضطلع به المتهم الرئيسي.
وتتسم هذه المحكمة بحجمها الهائل، إذ أدلى العديد من الشهود، الناجين من التعذيب وامتهان الإنسانية في أسوأ أشكاله، بشهاداتهم بالفعل. ومن أجل حماية هوياتهم، أخفى أعضاء سابقون في المخابرات السورية وجوههم وراء أقنعة أثناء استجوابهم عما يعرفونه حول "سجن الخطيب" سيئ السمعة في دمشق. كما خضع محققون من مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية بألمانيا (BKA) ومسؤولون من وزارة الخارجية في برلين للاستجواب كذلك.
وفي اليوم الـ26 من المحاكمة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، كانت التوقعات مرتفعة، حيث انضم أخيراً أحد رموز المعارضة السورية إلى ساحة الشهود: رياض سيف.
مِن رجل أعمال إلى مسؤول صوري: سافر المخرج السوري فراس فياض من برلين إلى كوبلنز؛ لكي يرى ويسمع شخصياً ما قاله هذا الشاهد المهم. إذ يقول فياض: "في النهاية، يجمع رياض سيف والنظام السوري تاريخ طويل". ففي بداية يونيو/حزيران، كان الشاب (35 عاماً) من أوائل ضحايا انتهاكات "سجن الخطيب" الذين أدلوا بشهادتهم. ويضيف فياض: "ما يمكن أن يخبرنا به سيف مهم إذا أردنا فهم سياق الصراع والمقاومة اللاعنفية".
وكان رياض سيف (73 عاماً)، رجل أعمال نموذجياً في سوريا، وكان لسنوات عديدة معارضاً سياسياً.
لكن هناك شيء آخر يجعل سيرته الذاتية غير عادية، إذ لعب رياض سيف دوراً رئيسياً في تمكين "أنور ر."، العقيد السابق المختص بقمع المعارضة السورية والرئيس السابق لـ"سجن الخطيب"، من دخول ألمانيا عام 2014 بتأشيرة صادرة عن السفارة الألمانية في عمان.
استجواب عبر مكالمة مصورة: استُجوب سيف عبر مكالمة فيديو. فالرجل الذي يبلغ من العمر 73 عاماً، مريض، بدرجة خطيرة؛ مما يجعل سفره إلى كوبلنز مستحيلاً.
لذا شوهد جالساً أمام الكاميرا في محكمة مقاطعة برلين، مرتدياً سترةً زرقاء وقميصاً أبيض وبشعرٍ رمادي قصير، وإلى جانبه مترجمه ومحاميه.
محاولات الاغتيال: تحدّث سيف عن اعتقالات متكررة، وتحذيرات من اللقاء مع دبلوماسيين أو صحفيين، إلى جانب اعتقالات أخرى.
فمنذ ربيع 2011، شارك في الاحتجاجات. ويصف كيف هاجمته مجموعات من البلطجية، على سبيل المثال، في خريف عام 2011: "أرادوا قتلي. ضربوني بقضبان حديدية".
نتيجةً لهذا الضرب، ترتجف يد سيف اليمنى أحياناً، لكن يظل صوته رغم ذلك حازماً. فقط حين سُئل عن رحلة هروبه من سوريا؛ انفجر الرجل في البكاء بعد أن ظل متماسكاً طوال الوقت. وقد تعطلت جلسة الاستماع فترة وجيزة.
يعرف سيف جيداً أنّه غادر وطنه في الـ13 من يونيو/حزيران عام 2012. ففي الليلة السابقة، تعرَّض منزله لإطلاق نار. وأخذته رحلته في البداية إلى القاهرة ومن هناك إلى برلين
المحاكمة التي تحرّك مشاعر الجميع: من الواضح أنّ مراقبي المحاكمة أُعجبوا بشدة بمساهمة رياض سيف باعتباره شاهداً.
فعلى الرغم من صحته السيئة، أجاب عن الأسئلة طيلة أكثر من أربع ساعات. وعندما انتهى كل شيء، بدا رياض سيف منهكاً.
إنها محاكمة لن تترك أحداً دون أن تُؤثّر فيه.