أجرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC تحقيقاً استمر ثلاثة أشهر؛ لبحث قضية مقتل 26 طالباً ليبيّاً أعزل في يناير/كانون الثاني 2020، وقالت إنها توصلت لأدلة جديدة تؤكد تورط الإمارات بالمذبحة، كما تحدثت عن دور مصر.
تحقيق BBC وجد أدلة على إصابة الطلاب في أكاديمية عسكرية بالعاصمة الليبية طرابلس بصاروخ جو-أرض صيني الصنع يُعرف باسم Blue Arrow 7 (أي السهم الأزرق 7)، أطلقته طائرة إماراتية مسيَّرة تسمى (وينغ لوونغ 2) Wing Loong II.
وقال أيضاً إن الإمارات نشرت طائرات مسيَّرة وطائرات عسكرية أخرى لدعم حلفائها الليبيين بقيادة خليفة حفتر، وإن مصر تسمح للإمارات باستخدام قواعد جوية قريبة من الحدود الليبية.
التحقيق وجد أدلة على أن طائرات "وينغ لوونغ 2" كانت تعمل من قاعدة جوية ليبية واحدة- هي الخادم- وقت الغارة، وأن الإمارات قامت بتزويد وتشغيل الطائرات المسيرة التي كانت متمركزة هناك.
كما ذكر أنَّ سجل أسلحة يُظهر أن الإمارات العربية المتحدة اشترت 15 طائرة مسيّرة من طراز "وينغ لوونغ 2" و350 صاروخاً من نوع السهم الأزرق 7، عام 2017.
الإمارات كانت نفت في السابق أي تدخل عسكري في ليبيا، وزعمت دعمها لعملية السلام التابعة للأمم المتحدة، لكن الأمم المتحدة وجدت في عام 2019 حسب وكالة الأناضول وهيئة الإذاعة البريطانية أن الإمارات انتهكت حظر الأسلحة الذي تفرضه على ليبيا، والذي كان ساري المفعول منذ 2011، بإرسالها طائرات مسيرة من طراز "وينغ لوونغ" وصواريخ "السهم الأزرق 7" إلى البلاد.
التسهيلات المصرية للإمارات ومقتل 53 شخصاً: بخصوص علاقة مصر وتسهيلها مهام الإماراتيين في ليبيا، قال التحقيق إنه "تبين في فبراير/شباط 2020 نقل طائرات وينغ لوونغ 2 المتمركزة في ليبيا عبر الحدود إلى مصر، تحديداً إلى قاعدة جوية بالقرب من سيوة في الصحراء الغربية المصرية".
كما أظهرت صور الأقمار الصناعية أن قاعدة جوية عسكرية مصرية أخرى، وهي سيدي براني، استُخدمت في عمليات لطائرات "ميراج 2000" المقاتلة الملونة بألوان لا تستخدمها القوات الجوية المصرية، ولكنها تطابق تماماً الطائرات التي تستخدمها الإمارات، وهو طراز الطائرة نفسه الذي اتهمته الأمم المتحدة بشن غارة جوية على مركز للمهاجرين شرق طرابلس في يوليو/تموز 2019، وقتل فيها 53 شخصاً.
التحقيق قال إن "قاعدة سيدي براني المصرية تعد أيضاً وجهة للعديد من طائرات الشحن التي أقلعت من الإمارات، مما يشير إلى وجود جسر جوي للمعدات أو الإمدادات بين الإمارات وقاعدة عسكرية على بُعد 80 كيلومتراً فقط من الحدود الليبية".
التحقيق اعتمد على أدلة فيديو لإعادة بناء الصاروخ الذي قتل الطلاب، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية؛ لتأكيد وجود طائرات من دون طيار من طراز "وينغ لوونغ" في القواعد الجوية الليبية، وتتبع هذه الطائرات من دون طيار وهي تقطع الحدود الى مصر كما يبدو.
فريق التحقيق حلل بيانات الرحلات التي سجلها الرادار لتأكيد حركة طائرات الشحن بين الإمارات وقاعدة سيدي براني الجوية العسكرية غرب مصر.
فريق BBC قدم نتائج هذا التحقيق إلى حكومتي الإمارات العربية المتحدة ومصر لكنها لم تتلق أي رد.
فرنسا لا تدعم حفتر: كان اسم فرنسا بين أسماء الدول التي تدعم حفتر إلى جانب الإمارات ومصر، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال الإثنين 29 يونيو/حزيران 2020، إن بلاده لا تدعم زعيم الميليشيا في ليبيا خليفة حفتر، مضيفاً: "أريد أن أوضح فكرة خاطئة، فرنسا لا تدعم حفتر لكنها تسعى بالأحرى إلى حل سلمي دائم".
وبخصوص التشكيلات الروسية الأجنبية قال ماكرون إنه يدين دور المرتزقة الروس في ليبيا، وذلك بعد أيام من انكشاف أمر دخولهم مع آخرين حقل الشرارة النفطي، الأسبوع الماضي.
واعتبر أن روسيا تلعب على "التناقض" الناشئ من وجود ميليشيا روسية خاصة في ليبيا مسماة "فاغنر"، وليس جنوداً من الجيش الروسي.
تطورات الميدان الأخيرة: الخميس، أعلن الجيش الليبي أن ميليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر خرقت اتفاق وقف إطلاق النار في البلاد.
وأفاد بيان لـ"غرفة عمليات سرت والجفرة" التابعة للجيش الليبي، بمحاولة ما سماها "عصابات الكرامة الإرهابية وجماعات الفاغنر (الروسية) التابعة لها، استهداف قواتنا الباسلة بأكثر من 12 صاروخ غراد".
البيان وصف ذلك بأنه اختراق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار، وقال إن "غرفة عمليات سرت والجفرة لن تتوانى عن الرد على هذه التصرفات وفق ما تقره العمليات الميدانية".
فيما حذَّرت الحكومة الليبية ميليشيا حفتر من استمرار الاعتداءات والجرائم في مدينتي سرت (شمال) وتراغن (جنوب غرب).
وقالت الحكومة في بيان، إنها "لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن تفرط في واجباتها تجاه حماية الشعب الليبي والسعي للانتقال به سلمياً إلى مرحلة أكثر استقراراً".
ومنذ الجمعة، يسود في ليبيا وقف لإطلاق النار، بحسب بيانين متزامنين للمجلس الرئاسي للحكومة الليبية، ومجلس نواب طبرق (شرق) الداعم لحفتر، الذي ينازع الحكومة على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
التقى البيانان في نقاط مشتركة، أبرزها وقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، كما لقيا ترحيباً دولياً وعربياً واسعاً، في حين هاجم أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر، مبادرة وقف إطلاق النار.