كشف تقرير نشرته صحيفة TIFIPOST الهندية، الثلاثاء 25 أغسطس/آب 2020، أن السعودية وبعض دول الخليج يخططون لانقلاب عسكري وشيك في باكستان، فيما يقود رئيس الأركان الباكستاني الحالي الجنرال قمر جاويد باجوا هذه التحركات، من أجل تنصيب سلفه الجنرال رحيل شريف زعيماً للبلاد.
وقال التقرير إن بعض الدول الخليجية، ومنها السعودية، تبذل جهوداً حثيثة من أجل إقناع الجنرال رحيل شريف، قائد التحالف العسكري الإسلامي لمواجهة الإرهاب، بدخول مُعترك السياسة الباكستاني، وتولّي مسؤوليةٍ أكبر على عاتقه.
تذمر من سياسات باكستان: فيما أضاف التقرير: "سئمت المملكة العربية السعودية الهرج والمرج الباكستاني، وضاقت ذرعاً بنظام رئيس الوزراء عمران خان، لذا فهي تُفضّل الآن التخطيط جهاراً للإطاحة به من إسلام آباد"، مشيراً إلى أن التقارير التي نُشرت حول استبدال رحيل شريف بعمران خان كان لها ردود أفعال إيجابية على الشبكات الاجتماعية في باكستان، وبدأ الناس يزعمون بثقة -مستشهدين بالتقارير الإعلامية- أنّ أيام خان في المنصب باتت معدودة.
كذلك تأتي أنباء دخول رحيل شريف معترك السياسة، واحتمالية أن يحل محل عمران خان بمنصب رئيس الوزراء، في وقتٍ ارتفعت خلاله التوتّرات الثنائية بين باكستان وبعض دول الخليج حيال عدة قضايا، وأهمها ملف كشمير الهام لباكستان.
فبعد أن تجاهلت منظمة التعاون الإسلامي التي تقودها السعودية -وغيرها من دول الخليج- القضية مراراً وتكراراً؛ جنَّ جنون باكستان، وخرج وزير خارجيتها ليُهدّد السعودية على الهواء مباشرةً بأنّ بلاده ستضطر للبحث عن دول إسلامية "بتفكيرٍ مُماثل"، من أجل دعمها في مطالباتها المُتعلّقة بكشمير.
غضب سعودي: كان غضب الرياض واضحاً إزاء تلك التصريحات، إذ وصل بها الأمر إلى ازدراء قائد الجيش الباكستاني بشكلٍ كبير، أثناء زيارته للسعودية مع رئيس وكالة الاستخبارات الباكستانية، لدرجة أنّ ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان رفض لقاء الجنرال باجوا، بدعوى خروج ساسة بلاده عن النص.
كذلك، وفي ظل تخطيط بعض الدول الإسلامية بالشرق الأوسط لانقلابٍ ضد حكومة عمران خان؛ بدأت السعودية في دفع باكستان إلى النزيف الاقتصادي، عن طريق وقف إمدادات النفط، والمطالبة بالسداد الفوري للقروض؛ ما دفع عمران خان إلى المسارعة بإرسال وزير خارجيته شاه محمود قريشي إلى بكين.
حيث يلتقي قرشي نظيره وزير الخارجية الصيني وعضو مجلس الدولة، وانغ يي. ويتضمَّن جدول الأعمال نقاشات مرتبطة بمشروعات مبادرة "الحزام والطريق"، والعلاقات الثنائية، والتحضيرات لزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المُتوقَّعة لباكستان في وقتٍ لاحق من هذا العام. ومن المتوقع كذلك أن يسعى قرشي للحصول على الدعم لموقف باكستان بشأن كشمير، وأن يناقش المواجهة الهندية الصينية على طول خط السيطرة الفعلية في منطقة لاداخ الشرقية.
التحالف مع الصين: ولجأت باكستان، بعدما صدَّها السعوديون ودول الخليج الأخرى، مجدداً إلى حليفتها "في كل الظروف"، الصين. وكان عمران خان قال في وقتٍ سابق: "الصين هي صديقتنا الوحيدة التي ظلَّت ثابتة سياسياً بجانب باكستان في السرَّاء والضرَّاء".
في حين ترفض باكستان التخلي عن كشمير، حيث تحاول إقناع العالم بأنَّه موضوع يستحق المعالجة الدولية. وخلال هذا، يقود باكستان بعيداً عن السعودية ودول الخليج، ويُقرِّبها من بلدان مثل تركيا وقطر والصين.
من ناحية أخرى، يحظى الجنرال رحيل شريف باحترامٍ واسع من الجماهير الباكستانية غير النشطة سياسياً، والتي تعتبره رجلاً جعل الحياة أيسر بعض الشيء بالنسبة للمواطنين العاديين في البلاد. ومن ثَمَّ، يتوقع الناس أنَّه سيُركِّز على حل القضايا الداخلية أولاً، بدلاً من التركيز فقط على مسألة كشمير حين يصبح رئيساً للوزراء.
فيما يعتبر الجنرال شريف حليفاً للسعودية، إذ شكَّلت السعودية "التحالف العسكري الإسلامي" عام 2017 ضد "الإرهاب". وقائد هذا التحالف هو الجنرال رحيل شريف. ويقاتل هذا التحالف ضد المتمردين الحوثيين، وفي الوقت نفسه تدفع السعودية مبالغ طائلة لرحيل شريف مقابل خدماته، بعيداً عن تصويره الآن باعتباره الزعيم الجديد لباكستان.
لقاء غامض: من المثير للاهتمام أنَّ قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا، التقى الثلاثاء 18 أغسطس/آب 2020، بالجنرال رحيل شريف في مقر للجيش في لاهور، إلى جانب مجموعة مختارة من كبار ضباط الجيش.
وإن كان بالإمكان الحكم في ضوء هذه المؤشرات، فإنَّ الأمر مسألة أيام فقط قبل أن يخرج اللواء 111 مشاة التابع للجيش الباكستاني إلى شوارع إسلام آباد ليطيح بعمران خان من رئاسة الوزراء.
يذكر أن العلاقات الباكستانية السعودية تعاني من تدهور تاريخي في الوقت الراهن، فيما تشجع الصين إسلام آباد على الابتعاد عن الرياض.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلنت السعودية عن حزمة قروض بقيمة 6.2 مليار دولار لباكستان، التي كانت تعاني من ضائقة مالية، وشملت الحزمة ما مجموعه 3 مليارات دولار على شكل قروض، وتسهيلاً ائتمانياً نفطياً بقيمة 3.2 مليار دولار.
بعد ذلك طالبت الرياض فجأة بردّ مبلغ القرض البالغ 3 مليارات دولار، ورفضت بيع النفط إلى إسلام آباد على أساس الدفع المؤجل، رداً على ذلك أعادت باكستان على الفور مليار دولار للسعوديين، ما يشير إلى ابتعادهم عن الرياض.
ظهرت الخلافات بين البلدين: كان الخلاف على ما يبدو بعد انحياز السعودية للهند في التوترات الأخيرة بشأن كشمير.
لكن هذا ليس العامل الوحيد المزعج في العلاقات السعودية الباكستانية، في الواقع ما أثار الدهشة في الرياض هو ميل باكستان إلى تركيا وماليزيا، اللتين برزتا كقادة جدد في العالم الإسلامي، وتؤيدان بقوة موقف باكستان من كشمير، بينما يدين البلدان معاملة الهند للشعب الكشميري، حسبما ورد في تقرير لموقع منظمة Lowy Institute البحثية في أستراليا.
بعد ذلك تدخلت الصين، ووصل مستوى تدخلها إلى دعم باكستان التي تعاني من ضائقة مالية في لعبة شدّ الحبل مع السعودية، مع تحوّل التركيز الاستراتيجي من السعودية إلى تركيا وماليزيا، يبدو أن الصين تدفع باكستان لدور قيادة العالم الإسلامي.
خذلان الرياض لكشمير: يبدو أن العلاقات السعودية الباكستانية تدهورت عندما رفضت السعودية طلب باكستان عقد اجتماع خاص لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لبحث قضية كشمير.
كان تدهور العلاقات قد بدأ بالفعل، في ديسمبر/كانون الأول من 2019، عندما انسحبت باكستان، تحت ضغط سعودي، من قمة دولية لزعماء دول إسلامية عُقدت في ماليزيا. استضاف القمة رئيس الوزراء الماليزي آنذاك مهاتير محمد، في كوالالمبور، وحضرها العشرات من قادة العالم، بمن فيهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لمناقشة القضايا الراهنة في العالم الإسلامي.
ومع ذلك، كشف أردوغان أن خان -الذي كان المحرك الرئيسي للقمة- انسحب من الاجتماع بعد أن أعلنت السعودية عن تهديدات اقتصادية بحق باكستان. قال أردوغان إن السعودية هددت بإعادة 4 ملايين باكستاني يعملون في المملكة إلى بلادهم، وكذلك سحب 3 مليارات دولار من البنك المركزي الباكستاني. كان للرياض تحفظات على القمة الماليزية، لأنها من وجهة نظرها لم تكن منظّمة في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، والتي يمكن أن تقسم الأمة الإسلامية.
صداقة المملكة: على الرغم من ضعفها الاقتصادي، كانت باكستان حليفاً عسكرياً قوياً للسعودية، ولا يزال قائد الجيش السابق في البلاد اللواء رحيل شريف يشغل منصب قائد قوات التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم 39 دولة بقيادة السعودية، كما أن باكستان هي الدولة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي.
لكن الصداقة السعودية لم تأتِ بلا مقابل لباكستان، فلقد لعبت الرياض دوراً رئيسياً في إنماء العقلية الراديكالية والجهادية، من خلال تمويل المدارس الدينية المتشددة في باكستان. استمر الدعم المالي المقدّر بنحو 100 مليون دولار سنوياً من الدول العربية في تعزيز شبكة تجنيد المتطرفين في باكستان.
لقد دفعت باكستان ثمناً باهظاً في حربها على التطرف، سواء اقتصادياً أو في الأرواح البشرية. قتلت حركة طالبان الباكستانية آلاف المواطنين الباكستانيين، بمن فيهم أفراد الأمن، من خلال مئات الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء البلاد. وأطلقت البلاد في نهاية المطاف عملية عسكرية شاملة في عام 2015، في الحزام القبلي الشمالي الغربي، على طول الحدود الأفغانية.
إسلام آباد ترفض الخضوع: الآن، يبدو أن باكستان قررت عدم الخضوع لإملاءات السعوديين، بسبب علاقات باكستان مع تركيا وإيران وماليزيا. يبدو أن تحرك إسلام آباد لإعادة القرض السعودي كان مدفوعاً بشريكها الاستراتيجي وصديقتها في جميع الأحوال الصين.
على الجانب الآخر، يبدو أن الصين قوة نشطة وراء هذه التحالفات المتغيرة. تقترب بكين من إتمام صفقة شراكة استراتيجية ضخمة تمتد لـ25 عاماً مع طهران، تشمل 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية في إيران.
نظراً لأن القيادة الحالية لمنظمة المؤتمر الإسلامي تتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، فهناك فرصة للصين لتحقيق تقدم في العالم الإسلامي، وتوسيع نفوذها من خلال هذه الكتلة الجديدة الناشئة.