يحب التيكي تاكا ويكتشف المواهب الشابة.. من هو كومان الذي سينقذ برشلونة؟

تحدٍّ صعب، وموقف حَرِج يَجِدُ فيه المدرب الهولندي رونالد كومان نفسه، وقد تسلم مفاتيح تدريب نادي برشلونة، بعد موسم صفري، وثُمانية بافارية، وميسي يُهدِّدُ بالرحيل، وأبقار مقدسة، وأزمة مالية بسبب وباء كورونا…

من كل هذا، دعونا نتعرف على كومان وطريقة لعبه، ثم نتصور ماهية البارسا في عهده.

من هو رونالد كومان؟ 

نشر موقع Goal.com الكروي المتخصص تقريراً وافياً عن مسيرة رونالد كومان. الهولندي هو لاعب ومدرب كرة قدم وُلد في 21 مارس/آذار 1963 ويبلغ من العمر 57 عاماً، يمتلك مسيرة كروية طويلة كلاعب منتصف ملعب، حيث مثّل العديد من الأندية قبل أن يُشهر اعتزاله عام 1997 ويتجه إلى عالم التدريب.

بدأ كومان مسيرته كلاعب عام 1980 مع نادي غرونينغن ثم انتقل إلى أياكس، وفي صفقة مثيرة للجدل رحل إلى الغريم أيندهوفن، قبل أن يخطو أولى خطواته خارج هولندا، وبالتحديد إلى برشلونة عام 1989 ثم ذهب إلى فينورد في 1996 لمدة عامين واختتم مسيرته هناك.

كما مثّل كومان منتخب بلاده هولندا على مدار 12 سنة بين 1982 و1994 في 78 مباراة أحرز خلالها 14 هدفاً وكان جزءاً من قائمة الطواحين التي حققت لقب كأس الأمم الأوروبية 1988.

حقق كومان لقب دوري أبطال أوروبا كلاعب مرتين؛ مرة مع برشلونة، ومرة مع أيندهوفن، وفاز بالدوري الإسباني 4 مرات والكأس مرة واحدة، مع إنجازات أخرى كثيرة داخل هولندا.

كذلك، يُعد يوهان كرويف أحد أكثر الملهمين له كمدرب، ومن قبلها من أهم من اكتشفوه كلاعب وطوّره كثيراً.

ما هي مسيرة رونالد كومان التدريبية؟

بدأ كومان مسيرته التدريبية كمساعد لغوس هيدينك ثم فرانك ريكارد في تدريب منتخب هولندا في الفترة بين 1997 و1998، ثم ذهب لمعاونة لويس فان خال في تدريب برشلونة لمدة عام بين 1998 و1999.

بعد ذلك اتخذ كومان خطوته الأولى كمدير فني بإشرافه على تدريب فيتسي، ثم تولى تدريب أياكس لمدة أربعة مواسم من 2001 إلى 2005 قبل أن يرتحل إلى البرتغال لتدريب بنفيكا لمدة عام ثم عاد إلى هولندا من بوابة أيندهوفن.

تجربة كومان الأولى في إسبانيا كانت رفقة فالنسيا لمدة ستة أشهر حقق معهم لقب كأس الملك، ولكنه لم يكن محبوباً للجماهير ولا الإدارة، ليرحل ويعود إلى هولندا مجدداً ويشرف على تدريب ألكمار ثم فينورد.

توجه صاحب الـ57 عاماً إلى إنجلترا بعد ذلك وبدأ مشروعاً مميزاً جداً مع ساوثامبتون من 2014 إلى 2016، لينتقل بعدها لتدريب إيفرتون في تجربة لم تكن ناجحة، وأخيراً تولى تدريب منتخب هولندا منذ السادس من فبراير/شباط وحتى رحيله لتدريب البرسا مؤخراً.

أبرز الإنجازات التي حققها كومان في مسيرته كانت لقب الدوري الهولندي في 3 مناسبات وكأس الملك في مرة وحيدة، وكذلك مع بنفيكا توِّج بلقب كأس السوبر مع بنفيكا، وحقق كأس هولندا مرة واحدة.

تصنف تجربته الأخيرة مع منتخب هولندا بالناجحة للغاية، حيث أعاد إحياء الطواحين بعد التراجع الكبير في كرة القدم الهولندية منذ 2014، فقاد زملاء فيرجيل فان دايك لنهائي دوري الأمم الأوروبية، وكذلك للتأهل إلى كأس الأمم الأوروبية من مجموعة معقدة كان نده الأول فيها ألمانيا.

فلسفة كومان

المعروف لدى الجميع أن رونالد كومان كان أحد أهم عناصر "فريق الأحلام" الذي صنعه الراحل يوهان كرويف مع برشلونة في بداية التسعينات، مما جعله "مُريداً" للطريقة "اليوهانية" في كرة القدم: الاستحواذ/التيكي تاكا.. وقد تمكن من فرض هذا الأسلوب في عدد من الفرق التي دربها.

كومان يؤمن كذلك بالاعتماد على مواهب الشباب في كرة القدم، حيث كان له الفضل في إهداء كرة القدم عدداً من المواهب التي صنعت جيلاً جميلاً لأياكس في بداية القرن العشرين مثل: ويسلي شنايدر، رافاييل فان دير فارت، هيتينغا (من مدرسة أياكس)، إضافة لموهبة أتى بها من مالمو السويدي: زلاتان إبراهيموفيتش. أما في ساوثهامبتون، فقد ساهم كومان في بزوغ نجم بعض اللاعبين، على رأسهم ساديو ماني، ودوسان تاديتش، وخوسيه فونتي.. وفي آخر تجاربه مع المنتخب الهولندي، اعتمد كومان بشكل كبير على الثلاثي الشاب: فرانكي دي يونغ، ماتياس دي ليخت، ودينزل دومفرايس.

إذن، قدوم كومان لتدريب برشلونة خبر سعيد لفاتي، وريكي بوتش، ولمدرسة اللاماسيا بأسرها.

التكتيك

لن يكون هناك أي مشكلة في ما يتعلق بمُلاءَمة فكرِ كومان وفلسفة نادي برشلونة، فالاثنان خرجا من مشكاة واحدة. كومان يعتمد على خطة الـ 4-3-3 مع مرونة التحول إلى 4-3-2-1 وأحياناً إلى 3-4-3.

⁦▪️⁩ دور قلبي الدفاع

يؤمن كومان بضرورة مشاركة محوري الدفاع في بناء الهجمة. إن أراد كومان النجاح في برشلونة، فعليه توفير قلبي دفاع قويين، قادرين على تقديم تمريرات بين الخطوط، وإرسال الكرات العالية الطولية بنجاعة ودقة أيضاً (أي أن كومان يبحث عن شبيه الميكسيكي رافاييل ماركيز، أو فان دايك حاليًا)

⁦▪️⁩ الأظهرة
الهجوم ولا شيء غير الهجوم.. كومان يعشق الهجوم الانتحاري بالنسبة للأظهرة، يركز وينتظر منهم الأدوار الهجومية أكثر من الدفاعية. لعله سيعجب بسيميدو كثيراً، لكن أمامه تحدي تطويره دفاعياً، والتخلص من غبائه الذي يقصم ظهر الفريق مرات كثيرة.

⁦▪️⁩ خط الوسط.. نقطة قوة كومان

في المؤتمر الصحفي، صرح رونالد قائلاً عن الموهبة دي يونغ بأنه لم يلعب في مركزه الأصلي هذا الموسم.. وبكل تأكيد، سنرى فرانكي الموسم المقبل أساسياً كـCDM بدل سيرجيو بوسكيتس، أحد المهددين بالرحيل، أو الجلوس على دكة البدلاء. دي يونغ سيكون نقطة فارقة في تجربة كومان مع البارسا، خصوصاً مع الأداء الذي كان يبذله الفتى الهولندي في المنتخب مع ذات المدرب. بجانبه، يبدو أن بيانيتش خياراً مميزاً.. كومان، يعتمد على لاعب الوسط القادر على خلق التوازن ما بين الأدوار الدفاعية والهجومية.. وهذا ما يمكن للبوسني توفيره.

⁦ ▪️ ⁩الأجنحة
الملاحظ في كومان ميله للجناح المتميز بخاصية الـCut-in.. أي جناح يحب التمركز على الأطراف ومن ثم الاختراق للعمق.. فعلها مع بيرغوين في المنتخب، ومع باركلي في إيفرتون.. في برشلونة، سيملك نسخة أفضل لهذا المركز وهذا الدور: ليونيل ميسي.

على الجهة اليسرى، سنرى فاتي كثيراً الموسم المقبل، لكن المنافسة ستكون قوية بينه وبين بيدري الوافد الجديد.

⁦▪️⁩ رأس الحربة

كومان لعب كثيراً برأس الحربة الوهمي، كما يحب المهاجم الـFlexible النشيط بين خطوط الدفاع. لاوتارو مارتينيز سيكون خياراً رائعاً للمدرب، وغريزمان إن تخلى عن إدمانه لعبة فورتانيت والسفر لأمريكا سيكون له حظ في تشكيلة كومان. لكن في جميع الأحوال، يمكننا رؤية ميسي في هذا المركز أيضًا، مع الاعتماد على الوافد الجديد ترينكاو، أو ديمبيلي كجناح أيمن.

الخاسرون من قدوم كومان

الوضع الحالي لنادي برشلونة، يذكرنا كثيراً بنادي فالنسيا سنة 2007 حينما تسلم رونالدو كومان مهمة تدريب نادي الخفافيش، حيث قام الهولندي بحملة شعواء على عدد من رموز الفريق آنذاك: ألبيلدا، كانيزاريس، أنغولو.. مقابل الحرص على تجديد الدماء بلاعبين مثل بانيغا، ومحاولة الحفاظ على أعمدة الفريق من الشباب: فيا، دافيد سيلفا، ماتا. لكن، صدامه مع رموز النادي جعله في موقف ضعف، وكان سبباً في تفكك غرفة ملابس الفريق، ما أدى لضعف النتائج، ورحيله بعد موسم واحد فقط.

سننتظر مواجهة مثيرة بين كومان، و"الأبقار المقدسة" كما وصفتهم الصحافة.

الأكيد أن النقم الجماهيري، ودعم الإدارة (إن استمر) سيكون لصالح كومان. لكن هل سينجح المدرب في طرد لاعبين لهم وزن في غرفة الملابس كبيكيه، وبوسكيتس، وسواريز؟ اللهم إلا إذا اقتنع هؤلاء بضرورة مغادرتهم.. كما صرح بيكيه بعد فضيحة بايرن ميونيخ.

تكتيكياً، بعض اللاعبين باتوا في حكم المغادرين أيضاً. كومان يحب الاعتماد على لاعب وسط يملك سجلاً تهديفياً جيداً. ومع الكلام الكثير عن إمكانية قدوم فان دي بيك، يبدو أن فيدال في طريقه لمغادرة الفريق الكتالوني، دون الحديث عن راكيتيتش الذي سيرحل بلا شك.

الميركاتو

لن نتوقع ثورة كبيرة في الانتقالات لدى نادي برشلونة، فالوضع الاقتصادي بسبب فيروس كورونا والإخفاق في الفوز بالألقاب سيؤثران كثيراً على ميزانية النادي.

لكن العلاقة الجيدة بين ناديي أياكس وبرشلونة قد تساهم في تعاقدين اثنين: فان دي بيك كما أسلفنا، إضافة للظهير الأيمن والأمريكي سيرجينيو ديست، إن قرر كومان التخلي عن سيميدو.

على مستوى محور الدفاع، يبدو إيريك غارسيا هو المدافع الوحيد المتاح للفريق الكتالوني بعدما قرّر الرحيل عن السيتي، والذي سيعوض أومتيتي، وينال المركز الأساسي من بيكيه.

الصفقة الضخمة الوحيدة التي قد يقوم بها البارسا، هي جلب لاوتارو مارتينيز. لكنها مرتبطة كذلك بعدد اللاعبين الذين سيغادرون الفريق، والمبالغ التي سيحصل عليها النادي بعد عمليات البيع.

المخاوف

من الصعب جداً ضمان النجاح لكومان من أول موسم، فالوضع الاقتصادي ليس مناسباً للصفقات الضخمة، والثغرات لا تزال موجودة.

غارسيا لا يبدو أنه المدافع المثالي، لقلة مشاركته مع السيتي، وزاد من المخاوف بعد الأداء الكارثي في لقاء ليون في دوري الأبطال.

خط الدفاع على العموم لا يزال غير مطمئن لبرشلونة، فما دام جوردي ألبا وحيداً دون ظهير حقيقي يجاريه ويهدد مركزه، فلا فاعلية من ذلك المركز. لونغليه مزاجي، أومتيتي لا يُعوَّل عليه، وبيكيه انتهى.

أما فيما يتعلق بالمواهب الشابة، فلا ضمانات حقيقية. النجاح في براغا، أو لاس بالماس لا يعني بالضرورة النجاح في برشلونة. والمواهب الشابة تحتاج لوقت للنضوج.

ختاماً، دعونا من هذه الأمور، ولننتقل للتخوف الأكبر الذي يلاحق أي مشجع برشلوني: ماذا لو أعلن ليونيل ميسي الرحيل؟

لعل هذه هي مهمة كومان الأولى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net