الحواسيب الكمية أصبحت ممكنة الآن بفضل خوارزمية جديدة ابتكرها علماء قاموا بحل أكبر المشاكل التي تواجه الحواسيب الكميّة، وقد تمكن العلماء بالفعل من استخدام الخوارزمية بنجاح على حاسوب شركة IBM الكمّي.
ولكن أولاً، ما هي الحواسيب الكمّية؟
عندما تضغط على زر في لوحة مفاتيح حاسبك ثم يظهر هذا الحرف بشكل سحري على الشاشة، فالأمر يتعلق بمبدأ فيزيائي بسيط، وهو سريان الطاقة الكهربائية، تعمل جميع أجهزة الكمبيوتر بفضل ما يسمى باللغة الثنائية، وهي لغّة يتحول كل شيء فيها إلى قيمة إما صفر 0 أو واحد 1. صفر تعني عدم وجود كهرباء، واحد تعني شحنة كهربائية، ويقوم المعالج (processor) في حاسوبك بتحويل هذه النبضات الكهربية إلى بيانات أو العكس.
تسمى كل نبضة كهربائية سواء كانت صفراً أو واحداً بالبت، وكل ثماني بتات تسمى بايت، ومن هنا تأتي ألفاظ مثل غيغا بايت أو كيلو بايت.
أما في الحاسوب الكمّي، لا نقوم بالاعتماد على الكهرباء (الإلكترونات) لنقل ومعالجة البيانات، بل يمكننا الاعتماد على مبادئ ميكانيكا الكمّ وظواهرها، فيحسب المعالج ظواهر أخرى مثل التراكب الكمّي للمواد الفيزيائية، أو التشابك الكمي لها.
لذلك تسمح لنا الحواسيب الكمّية بمعالجة كم هائل من البيانات بسرعة فائقة، مما يعني أن تتضاعف قدرة أجهزة الكمبيوتر لملايين المرات في خطوة واحدة.
تسمى الوحدة الأساسية في أنظمة الحواسيب الكمّية بالكيوبت، تخيل أنها مثل البت في أنظمة الديجيتال العادية، ولكن يمكننا معالجة عدة كيوبتات في مرة واحدة.
أكبر مشاكل الحواسيب الكمية
ربما سيصعب عليك تصديق هذا، ولكن أكبر مشاكل الحواسيب الكمّية هي الضوضاء الصادرة عن الأجهزة، يمكنك سماع صوت الحاسوب الكمّي الخاص بشركة آي بي إم عبر الفيديو أعلاه وستلاحظ أن صوت الحاسوب يشبه صوت ماكينات المصانع، وشكلّه لا يختلف كثيراً أيضاً.
لكن المشكلة ليست في ارتفاع الصوت كما قد تتخيل، ولكن المشكلة أن كل تلك الضوضاء التي تحيط بالمعالجات الكمّية تتسبب في أخطاء أثناء تشغيل الحاسوب. وفي الواقع فإن تطوير الحواسيب الكمية بشكل كبير يتوقف تماماً على حل تلك المشكلة المتعلقة بالضوضاء والتحكم فيها.
فريق من العلماء يتوصل لحل لأكبر مشاكل الحواسيب الكميّة
لكي تستطيع الحواسيب الكمّية العمل، لا بد لنا من فهم تأثير الضوضاء المختلفة التي تحيط بالحواسيب الكمّية على الكيوبتات، كلما زاد عدد الكيوبتات الموجودة في أي نظام كمي، زاد تأثير الضوضاء على الكيوبتات وكلما كان أصعب علينا عزل تأثير الضوضاء عنها. استطاع العلماء في الماضي فهم تأثير الضوضاء على الحواسيب الكمّية على مستوى صغير.
ولكن وفقاً لورقة منشورة في مجلة ناتشر للفيزياء، فقد استطاع فريق من العلماء اقتراح خوارزمية تساعد في فهم الدور الذي تقوم به الضوضاء في المعالجات الكمية كما اقترحوا خوارزمية ستساعد على التحكم في تأثير هذه الضوضاء.
وقد استطاع العلماء تجربة الخوارزمية بنجاح على جهاز الحاسوب الكمّي الخاص بآي بي إم، وتقدم آي بي إم للباحثين خدمة تجربة الحواسيب الكمّية عبر منصتها IBM Quantum Experience.
ووفقاً للتجربة فقد استطاع العلماء تحديد تأثير الضوضاء علي النظام الكمّي وكذلك استطاعوا أيضاً تحديد وحل مشاكل لأول مرة يتم التعامل معها.
تطوير الحواسيب الكميّة الضخمة أصبح أقرب من ذي قبل الآن، فحتى الآن جهازك الشخصي يعمل على الأغلب بكفاءة أكبر من الحواسيب الكمّية الموجودة، ولكن يتوقف تطويرها على تحديد وفهم مصادر الضوضاء التي تحيط بالمعالج، بل وعليهم أيضاً برمجة الحاسوب على حل المشاكل التي تنتج عن تلك الضوضاء بشكل آلي.
اقرأ أيضًا : حاسوب الكوانتم.. التقنية الجديدة التي ستُغيّر واقع البشر
ستساعدنا الخوارزمية الجديدة على تحديد عدد ومكان الأخطاء التي تنتج عن الضوضاء. ويمكن دمج تلك الخوارزمية في أنظمة كمّية جديدة تسمح لنا بإنتاج حواسيب كمية كبيرة ربما ستغير مصير البشرية.
تطبيقات لا نهائية
لكي تفهم كيف يمكن للحواسيب الكمّية التأثير على حياتك تخيل حاسوب يمكنه حل أي عدد من المعادلات في ثوان معدودة، فمثلاً بدلاً من الانتظار لشهور حتى انتهاء التجارب السريرية لمعرفة فعالية لقاح فيروس كورونا، يمكن لمعالج كمّي أن يعرف تماماً تأثير العلاج على كل خلية داخل جسمك إذا تم إمداده بالمدخلات الصحيحة، وبذلك نستطيع معرفة تأثير الأدوية المختلفة على سبيل المثال.
وتطبيقات الحواسيب الكمية تتنوع في كل المجالات بشكل لا نهائي، وربما يتوقف مستقبل البشرية يوماً على تلك الحواسيب.