تتوقع أكثر من نصف الجمعيات الخيرية الصغيرة في المملكة المتحدة تقريباً، والتي تساعد فقراء العالم، إغلاق أبوابها في غضون الأشهر الـ12 المقبلة، بسبب نقص الدعم المادي وفقاً لإحدى الدراسات الاستقصائية، فعلى الرغم من أن كثيراً منها شهد ارتفاعاً في الطلب على خدماتها إبان تفشّي جائحة كوفيد-19، فإن 60% منها تستعد لوقف نشاطها.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 6 أغسطس/آب 2020، فإن 15% من تلك الجمعيات الخيرية ستضطر إلى إغلاق أبوابها في غضون الأشهر الستة المقبلة، و45% منها ستغلق خلال عام، بحسب بيانات شبكة الجمعيات الخيرية Small International Development Charities Network.
جمعيات أفلست: يُتوقع أن تجبر الجائحة واحدةً من أصل كل 10 جمعيات خيرية بالمملكة المتحدة على الإفلاس بنهاية عام 2020، وهو ما يشكل ضربةً ثلاثية للجمعيات الخيرية الصغيرة في الخارج، وفقاً لبيانات الشبكة.
ليست الجمعيات الخيرية البريطانية مُؤهّلةً للحصول على تمويل دعم المجتمعات الخاص بفيروس كورونا من جانب حكومة المملكة المتحدة، كما عدّل كثير من المموّلين البريطانيين معايير المِنح؛ من أجل التبرُّع للمشروعات القائمة داخل المملكة المتحدة فقط.
هذا فضلاً عن أن اندماج وزارة التنمية الدولية مع وزارة الخارجية، وخصم 3.81 مليار دولار من تمويل برنامج المساعدات الخارجية لعام 2020، لم يتركا مساحةً كبيرة لعمل الجمعيات الخيرية الصغيرة، بحسب ريتا شادها الرئيسة التنفيذية لتحالف الجمعيات الخيرية الصغيرة Small Charities Coalition الذي يدعم أكثر من 100 منظمة غير حكومية صغيرة.
وأضافت ريتا: "هناك أكثر من 10 آلاف جمعية خيرية دولية صغيرة بدخلٍ أقل من 1.3 مليون دولار في المملكة المتحدة. ولا يحظى عملهم عادةً باهتمام كبير، إلا بين الأشخاص المتأثّرين به، لكن تأثيره هائل. إذ تساعد تلك الجمعيات في تعليم الفتيات الصغيرات، وتوفير مِنح صغيرة للشركات، والاستثمار في توفير مياه شرب نظيفة؛ لجعلنا جميعاً أفضل صحةً وأكثر أماناً. وقد أثبتت جائحة كوفيد-19 أننا يجب ألا نتوقّف عند التفكير محلياً فقط".
مناصب مهدَّدة: وتنعكس هذه النتائج على المشاكل المالية في جمعية Comic Relief الخيرية لجمع التبرعات، حيث يُواجه واحد من أصل كل أربعة موظفين احتمالية الإقالة، وتحتاج الجمعية أكثر من 6.57 مليون دولار من تكاليف التشغيل اللازمة لمواجهة تداعيات الجائحة، بحسب مجلة Third Sector البريطانية.
أجرت شبكة الجمعيات الخيرية مسحاً لـ53 جمعية/منظمة غير ربحية تعمل بالخارج ولا يتجاوز دخلها 1.3 مليون دولار، لتجد أن 72% من تلك الجمعيات شهدت ارتفاعاً في الطلب على خدماتها إبان الجائحة. بينما اضطرت 57% منها إلى تأجيل برامجها ومشروعاتها.
يقول رئيس إحدى الجمعيات للباحثين: "إن عدم وجود أي دعم للجمعيات الخيرية العالمية أضعف قوانا. إذ اضطررنا إلى إغلاق مكتبنا وتقليل الموظفين وساعات العمل، لكن الطلب على فريقنا المُصغّر يزداد الآن. وحجم التمويل المتاح لاحتياجات كوفيد حالياً ضئيل".
بينما قالت مورييل موبوان من جمعية East African Playgrounds، التي بَنَتْ أكثر من 350 ملعباً، وساعدت في تحسين التعليم لأكثر من نصف مليون طفل بأوغندا، إن الجمعية شهدت "اختفاء 95% من تمويلها بين عشيةٍ وضحاها".
بينما اضطرت جمعيةٌ أخرى في أوغندا تُدعى Kids Club Kampala، التي تدعم الأطفال المستضعفين بالأحياء الفقيرة، إلى تحويل الفصول الدراسية لبنوك طعام؛ من أجل المساعدة في تلبية احتياجات الغذاء الطارئة. ورغم توقّعها الأوّلي إطعام ألف أسرة، فإنها نجحت حتى الآن في تزويد نحو 27.821 أُسرة بأكثر من 600 ألف طرد غذائي. كما طلبت الحكومة الأوغندية من الجمعية توسيع أنشطتها، بحسب رئيستها التنفيذية أوليفيا باركر وايت.
مخاطر اجتماعية: وقالت أوليفيا: "لم يسبق أن كانت هناك هذه الحاجة الشديدة لخدماتنا في كامبالا"، وأشارت إلى مخاوفها حيال الآثار المحتملة للإغلاق على المدى البعيد، مثل: سوء معاملة الأطفال، والعنف المنزلي، والصحة العقلية، وانهيار الأسر.
وأردفت: "نحن في حاجةٍ ماسة إلى مزيد من التمويل؛ لضمان قدرتنا على توفير الدعم لأكثر من يحتاجونه".
بينما قالت صوفيا موراو، من تحالف الجمعيات الخيرية الصغيرة، إن فقدان نصف الجمعيات الخيرية البريطانية العاملة بالخارج ستكون له آثارٌ مُدمّرة على التنمية العالمية. وتابعت: "ربما تكون الجمعيات الخيرية الدولية الصغيرة ضئيلة الحجم، لكن تأثيرها هائل. إذ إنها المسؤولة عادةً عن بناء العلاقات على الأرض مع الشركاء المحليين، ولن نعثر على شيءٍ لسد هذه الفجوة إذا أُجبِرت الجمعيات الخيرية على إغلاق أبوابها. وإذا كانت المنظمات الدولية الكُبرى تُواجه فائضاً في العمالة وخفضاً في الإنفاق، فسوف يكون هناك فراغٌ أكبر بخروج الجمعيات الصغيرة من المعادلة".