أصبح جوزيبي باترنو، الجمعة 31 يوليو/تموز 2020، البالغ من العمر96 عاماً، أكبر خريج سناً بإيطاليا، بعد أن تخرج في قسم الفلسفة بجامعة باليرمو، ليصبح بذلك أحد الأمثال التي باتت تُضرب في العزيمة والإرادة، والرغبة في التعلم والتحصيل الجامعي، رغم كونه قد حُرم منها في طفولته، بسبب ظروفه الاجتماعية.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 5 أغسطس/آب 2020، فإن باترنو وضع هدف تلقي تعليم جامعي نصب عينيه، كطفل نشأ بصقلية في ثلاثينيات القرن الماضي. إلا أن الفقر والحرب وإعالة أسرته وقفوا عائقاً في طريقه. واليوم، في سن 96 عاماً، حقق جوزيبي هدفه، ليصبح الخريج الأكبر سناً في إيطاليا.
حلم تحقق: قال عامل سكة الحديد السابق وأحد قدامى محاربي الحرب العالمية الثانية، هذا الأسبوع، بعد تخرجه في قسم الفلسفة من جامعة باليرمو: "لقد حققت حلمي أخيراً".
وتابع: "لطالما كانت مسألة أن أصبح قادراً على الدراسة أكبر طموح لي، لكن عائلتي لم تكن قادرة على دفع تكاليف تعليمي. كنا أسرة كبيرة وفقراء للغاية".
بدأ جوزيبي، الابن الأكبر من بين سبعة أشقاء، العمل وهو طفل، عندما ساعد والده في عمله بمصنع للخمور في باليرمو. في يوليو/تموز عام 1943، كان جوزيبي يعمل موظف بريد لدى الجيش الإيطالي في تراباني عندما هبطت قوات الحلفاء بصقلية.
يقول: "خرجت سالماً من الحرب وعملت في خدمة السكك الحديدية الحكومية. لم أكن متحمساً لوظيفتي، لكنني أدركت أنني كنت مضطراً إلى مزاولتها، إذ بحلول ذلك الوقت كنت قد تزوجت وصارت لديَّ أسرة لأُعيلها. في الوقت ذاته، كانت لديَّ رغبة غامرة في التعمق بالكتب والقراءة والدراسة والتعلم".
في سن الـ31، بعد حضور الدروس المسائية، تخرج جوزيبي في المدرسة الثانوية بينما كان يعمل مسّاحاً.
إذ يقول بهذا الخصوص: "كنت أعمل خلال النهار. وفي المساء كنت أذهب إلى المدرسة، وفي الليل أدرس". لكن حلمه بالحصول على شهادة جامعية ظل بعيد المنال.
في النهاية التحق جوزيبي بقسم الفلسفة في جامعة باليرمو عام 2017.
صعوبات اعترضته: يحكي "الشيخ" الإيطالي أيضاً: "كنت أصحو في السابعة صباحاً للدراسة. وأستخدم آلة كاتبة قديمة لإتمام فروضي. آخذ فترة بعد الظهيرة للاستراحة، وفي المساء أدرس حتى منتصف الليل".
كما أردف: "اعتاد جيراني سؤالي: لِمَ تُكبِّد نفسك كل تلك المشاق في عمرك هذا؟! لكنهم لم يستطيعوا فهم أهمية تحقيق الحلم، بغض النظر عن عمري".
ومع اقتراب انتهاء اختبارات جوزيبي، عرَّضته جائحة كورونا لخطر تعطيل تخرجه. لكن جوزيبي اضطر إلى التأقلم مع التكنولوجيا الجديدة عندما تحولت كل الدروس والدورات التدريبية إلى منصات التعلم عن بعد.
مخاوف على صحته: صرح نيني باترنو، ابن جوزيبي: "بدأت تراودنا المخاوف على صحة أبي عندما بدأت الجائحة. أخبرته بأنه بمقدورنا تأجيل الامتحانات ويمكنه العودة إلى الصفوف في فصل الخريف لاستكمال دراسته. لكنه أبى. وقال إنه بالنظر إلى عمره المتقدم، يخشى ألا يجتاز الصيف بسلام".
تحقق حلم جوزيبي يوم الجمعة 31 يوليو/تموز 2020، عندما تخرج متقدماً فصله الدراسي مع مرتبة الشرف العليا. وقال: "إنه أحد أسعد أيام حياتي كلها. أتمنى لو كانت زوجتي هنا لرؤيتي، إذ توفيت منذ 14 عاماً".
والآن بعد تخرجه، تُرى هل أقلع جوزيبي عن الحلم؟ على العكس تماماً، إذ يقول: "أفكر في مواصلة الدراسة للحصول على درجة الماجستير. عاشت والدتي حتى بلغت 100 عام. من ثم، إذا كانت الأرقام وعلم الوراثة في صالحي، فلا يزال لديَّ أربع سنوات متبقين من عمري".