قبل أن يهز الانفجار الهائل العاصمة اللبنانية بيروت بثوانٍ، الثلاثاء 4 أغسطس/آب 2020، كانت محطة "بي بي سي عربي" تُجري حواراً من مكتبها الواقع في بيروت مع ضيف مغربي، وبينما كانت الكاميرا تسجل اللقاء وقع الانفجار ليقلب مكتب القناة رأساً على عقب ويُدخل الضيف في صدمة مما رآه.
لحظة لا تُنسى: "بي بي سي" نشرت الأربعاء 5 أغسطس/آب 2020، مقطع الفيديو وأظهر مذيعة القناة مريم التومسي، وهي تبدأ بالحوار مع فيصل الأصيل، مدير المشاريع في الوكالة المغربية للطاقة المستدامة.
لم تكد المذيعة تنتهي من سؤالها إلا وسمعت صوت انفجار، ثم تبعه انفجار هائل ثانٍ ألقى بالمذيعة إلى الأرض، وأزاح الكاميرا من مكانها، وتحولت شاشة المذيعة إلى لون أحمر فقط، بينما بدأت المذيعة بالصراخ، ثم تلا ذلك تأوهات منها جراء إصابتها على ما يبدو.
في هذه اللحظة لم يدرك في البداية الضيف ما حدث، وظلت عيونه مثبتة على الشاشة وهو في حالة ذهول تام محاولاً فهم ما جرى، ثم تظهر في الفيديو سيدة أخرى كانت قد أصيبت هي الأخرى بالصدمة جراء ما شاهدته.
ينتهي الفيديو بعودة المذيعة إلى التقاط الكاميرا وإطفائها بينما كانت علامات الخوف والهلع واضحة عليها، لتقوم بعد ذلك بإطفاء الكاميرا.
شهادات مفزعة: وتضررت من الانفجار ممتلكات عامة وخاصة، وأبنية وسيارات في أحياء عديدة، وتحدث عدد من المواطنين عن اللحظات الأولى للتفجير، الذي أحال بيروت إلى "مدينة منكوبة" بحسب وصف مسؤولين لبنانيين.
آمال عبدو، من منطقة فرن الشباك (شرق بيروت)، قالت في تصريح لوكالة الأناضول: "فجأة سمعنا أصواتاً متتالية لتفجير، ولحظات معدودة، وتفتحت أبواب منزلنا من قوة الضغط على مصاريعها، الحمد الله أننا ما زلنا أحياء".
من جانبها، روت ميراي السويدي، التي كانت وقت الانفجار في منطقة الحمرا (غرب بيروت)، ما شاهدته، وقالت: "كنت في عملي وتدمّر من قوة التفجير المكتب، وتطايرت النوافذ والأبواب علينا، لم نستطع التحرك أبداً، وأصبت بجروح طفيفة في وجهي نتيجة تطاير خشب الأبواب".
بدوره، قال الصحفي مصطفى رعد إنه كان في منزله بعين الرمانة (شرق بيروت)، وقال: "اهتز بنا المبنى الذي أقطن فيه، ومن قوة التفجير تدمّر الزجاج، وفي اللحظات الأولى نزلنا بسرعة إلى المدخل، خوفاً من قوة التفجير وللابتعاد عن مصادر الخطر".
أما أمين قطيش، من منطقة زقاق البلاط (غرب بيروت)، فقال: "تدمرت واجهات منزلي بالكامل، وأبواب المنزل فُتحت على مصاريعها، لم نشهد تفجيراً كهذا حتى في عزّ الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، والعدوان الإسرائيلي في تموز/يوليو 2006".
ووصفت رينا الضاهر، من سكان الأشرفية (شرق بيروت)، الانفجار بأنه "أشبه بفيلم رعب، الزجاج تطاير، لم نستطع التفكير، اختبأنا بمدخل المنزل خوفاً من وقوع أي من أساسات المنزل، المشهد مبكٍ جداً".
بحسب آخر الإحصاءات اللبنانية، فإن انفجار بيروت خلّف حتى صباح الأربعاء 100 قتيل، وفقاً لما قاله رئيس الصليب الأحمر اللبناني جورج الكتاني، في تصريح لوسائل إعلام محلية.
الكتاني قال إن المزيد من الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض، مضيفاً أن الصليب الأحمر ينسق مع وزارة الصحة كي تستقبل المشارح الجثث، لأن المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المزيد.
يُشار إلى أن مسؤولين لبنانيين قالوا إن الانفجار وقع بسبب وجود 2700 طن من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار مخزنة في ميناء بيروت.