يصورون أنفسهم مقيدين ومعصوبي الأعين ثم يرسلونها مكرهين إلى عائلاتهم في الصين. هذا ما يفعله الطلاب الصينيون في الخارج بإكراه من عصابة إجرامية لابتزاز أهاليهم دون ترك أثر.
إذ أعلنت السلطات الأسترالية عن ازدياد نشاط عصابات إجرامية تجبر الطلاب الصينيين على تزوير عمليات اختطافهم لابتزاز أهاليهم مقابل أموال الفدية.
وأعلنت الشرطة الأسترالية أنه تم الإبلاغ عما لا يقل عن 8 حالات ما يسمى "الاختطاف الافتراضي" في مدينة واحدة، وفق ما نشر موقع Vice.
وقالت الشرطة الفيدرالية الأسترالية في مايو/أيار 2020، إنها تحقق في 25 حالة على الأقل من عمليات اختطاف ابتزاز تستهدف الطلاب الصينيين.
انتحال صفة رسمية
واتضح أن عمليات الاحتيال هذه تتبع نفس السيناريو: يتظاهر محتال بتمثيل سلطة حكومية صينية، ثم يقنع الضحية بأنها ستواجه إجراءات قانونية في الصين مع احتمال الاعتقال أو الترحيل.
يتم إجبار الضحية على تحويل الأموال إلى حسابات مصرفية خارج أستراليا والصين أو حتى تصوير أنفسهم وكأنهم مقيدون كي يتم إرسالها كـ "دليل" إلى عائلاتهم في الصين التي تدفع الفدية من أجل "الإفراج الآمن" عن الضحية.
وتم إجبار الضحايا -ومعظمهم طلاب صينيون- على قطع الاتصالات الهاتفية ووسائل التواصل الاجتماعي، وإخلاء أماكن إقامتهم، وإرسال صور مفبركة لهم وهم مقيدون إلى جانب إرسال رسائل إلى عائلاتهم لدفع الفدية.
وحتى أواخر شهر يوليو/تموز 2020، تم ابتزاز 2.3 مليون دولار كأموال الفدية، في حين تراوحت أموال كل عملية منها بين 20 ألف دولار و500 ألف دولار؛ في حين أرسلت عائلة واحدة 1.4 مليون دولار للإفراج عن ابنتها.
ودفعت عائلة أخرى في الصين أكثر من 14000 دولار بعد تلقي مقطع فيديو عن ابنها البالغ من العمر 22 عاماً وهو مقيد ومعصوب العينين عبر تطبيق المراسلة WeChat.
الطلاب الصينيون المختطفون
وقال مساعد مفوض شرطة نيو ساوث ويلز بيتر ثورتيل: "إن ضحايا عمليات الاختطاف الافتراضية مصدومون بسبب ما حدث، لاعتقادهم بأنهم وضعوا أنفسهم وأحباءهم في خطر حقيقي".
ونصح أصدقاء وعائلة الضحايا بالتقدم وإبلاغ الشرطة عن هذه الجرائم الجريمة، حيث يشعر الضحايا بالحرج أو الخجل بسبب ما حدث".
بدوره قال رئيس وحدة رئيس المباحث في نيو ساوث ويلز دارين بينيت إن "عمليات الخطف الافتراضية" ازدادت في السنوات العشر الماضية.
وقال: "يستهدف هؤلاء المحتالون أفراداً ضعفاء من المجتمع الصيني الأسترالي".
كما أكد أن القنصلية الصينية في سيدني تنفي اتصالها بأي من الطلاب على هواتفهم الممولة أو تطلب منهم تحويل مبالغ مالية لأية وجهة.
وفي العام 2019 فقط، تم تسجيل نحو 1172 عملية احتيال باسم "السلطات الصينية" في سائر أنحاء أستراليا العام الماضي، مع خسارة إجمالية تزيد عن 2 مليون دولار.
ويعيش 165000 طالب صيني في أستراليا في عام 2020، على الرغم من أن العدد قد يكون أقل بسبب جائحة فيروس كورونا، إذ إن الرقم يتراوح عادة بين 200 ألف و210 آلاف، وفقاً للأرقام الحكومية.
كيف تتم علمية الإيقاع بالضحية؟
يتصل المحتالون بأرقام عشوائية ويتحدثون بلغة الماندرين الصينية.
يشكل هذا الاتصال الخطوة الأولى، فالأستراليون الذين لا يفهمون لغة الماندرين سيغلقون الهاتف، أما الطلاب الصينيون فسيردون باللغة نفسها.
بعد ذلك يزعم المحتالون أنهم يمثلون السلطة الرسيمة في الصين، وينتحلون صفة عضو في السفارة أو الشرطة الصينية.
يقنع المخادع الضحية بتورطها في جريمة في الصين، ويحذر الضحية من تسليمها إلى السلطات الصينية لمواجهة اتهامات جنائية في المحكمة – أو حتى تهديد أسرهم بعقوبات جنائية إذا لم يتعاونوا.
وباستخدام برامج تكنولوجية، يخفي أعضاء العصابة موقعهم الجغرافي وحتى رقم الهاتف الذين يجرون منه الاتصالات، لذلك يبدو أن المكالمة قادمة من السلطات الصينية الفعلية.
وقال المحاضر في علم الجريمة بجامعة موناش الأسترالية الدكتور لينون تشانغ لموقع CNN إنه في حال بحث الضحايا عن رقم هاتف المتصل عبر الإنترنت، فسوف يتطابق مع عدد الشرطة الصينية أو السفارة.
بعد ذلك تسلك العصابة طريقين:
إما تهديد الضحايا وإكراههم على تحويل الأموال إلى حسابات مصرفية خارجية
أو تزييف عمليات الاختطاف الخاصة بهم لابتزاز أسرهم.
في هذه الحالة، يأمر المحتالون الضحايا بقطع الاتصال بأسرهم وأصدقائهم واستئجار غرفة في فندق. يُطلب من الضحايا بعد ذلك تصوير أنفسهم مقيدين ومعصوبي الأعين – ثم يتم إرسال الصور إلى عائلاتهم في الصين.
يهدد المختطف العائلة ويمارس الضغط عليها كي تدفع أموال الفدية، وعندما يتم إبلاغ السلطات الأسترالية بعد ذلك، غالباً ما يتم إيجاد الضحايا سالمين في غرفة في فندق ما.
لماذا يتم استهداف الصينيين دوناً عن غيرهم؟
أوضح تشانغ أن الطلاب الدوليين يعتبرون من الفئات الضعيفة، لعدم وجود هيئات داعمة بصورة كافية لهم في أستراليا، ولأنهم قليلو الخبرة بالمجتمع الجديد الذين يتواجدون فيه، غالباً ما يقعون في فخ اتصالات "موظفي السفارة" المزيفة.
وبالنسبة لهذه العصابات، فإن الهدف المثالي هو طالب يعيش لوحده، بينما تقبع عائلته في مكان آخر بعيد عنه، ولأنه قد يتم اعتقال الصينيين بتهمة "ارتداء وشاح أحمر أثناء صيد السمك" كما حصل مع سيدة صينية في العام 2019، يسهل إقناع هؤلاء الطلاب بارتكاب أي جريمة يعاقب عليها القانون الصيني وبالتالي استغلالهم.