حيثما وُجد الملوك كانت هناك عشيقات ملكيات، ونظراً لأن الزيجات الملكية عبر التاريخ كانت تتم لأسباب سياسية واستراتيجية، فغالباً ما كان الملوك يجدون الحب عند المرأة الأخرى أو العشيقة.
لكن بعض هؤلاء العشيقات تخطَّين مهامهن بإرضاء الحاكم وصولاً إلى التأثير على قراراته السياسية.
لن تجد سيرهن في كتب التاريخ، إذ كانت دائماً مهمة "المرأة الأخرى" سرية ومخفية عن العيون، ولكن بقدر ما تحيطها السرية استطاعت في مرحلة تاريخية ما أن تحتل أحد أكثر المراكز خطورة، بقدرتها المباشرة على الهمس في أذن صاحب قرار الحياة أو الموت.
نستعرض فيما يلي تاريخ 4 عشيقات ملكيات نافذات، لم يرضين بالبقاء خلف أبواب جناح الملك الخاص، بل تركن بصماتهن عبر التاريخ من خلال العمل كمستشارات وحافظات لأسرار الدولة.
عشيقات ملكيات
1- ديان دو بواتييه
وُلدت العام 1499 لعائلة فرنسية نبيلة، وحصلت على تعليم يصلح لملك عصر النهضة، بحسب ما نشر موقع History.
في سن الخامسة عشرة تزوّجت من لويس دي بريزي، وهو ضابط ملكي يبلغ من العمر 40 عاماً. دفعها موقع زوجها البارز إلى داخل منزل فرانسوا الأول، حيث عملت مساعدةً للملكة كلود.
وقد حضرت ديان ولادة هنري الثاني، وأُعطيت لها مهمة تعليم الآداب والإتيكيت للملك القادم.
أصبحت أرملة في عام 1531 (كان عمرها 32 عاماً)، وفي عام 1533 شهدت زواج هنري الكئيب من كاثرين دي ميديشي.
ولكن بحلول عام 1538، تطوّرت العلاقة الوثيقة بين هنري وديان لتصبح علاقة حب عاطفية.
وبعد أن اعتلى عشيقها العرش عام 1547، أعطت ديان هنري رأيها في القضايا السياسية، وكتبت العديد من رسائله الرسمية، ووقعت عليها "هنريديان".
ظهرت صورها على العملات المعدنية، وألهمت العديد من الأعمال الفنية.
ظل الملك الشاب شديد التعلق بعشيقته التي تكبره، والتي كانت ترسله بشكل دوري إلى غرفة نوم زوجته لإنتاج ورثة شرعيين، علماً أنها لم تحبل منه، بعكس 3 عشيقات أخريات.
وعندما توفي هنري إثر حادث العام 1559، انتهت فترة حكم ديان الفعلية، إذ صادرت كاثرين شورتها قصرها ونفتها في الريف، حيث ماتت محافظةً على جمالها، رغم أنها كانت في الـ66 من عمرها.
2- أسباسيا ميليتوس
أشار أفلاطون في كتاباته -إلى جانب أرسطوفان وزينوفون وغيرهما من المؤلفين الأثينيين الكلاسيكيين- إلى امرأة قوية تدعى أسباسيا، كانت تعيش مع رجل الدولة النافذ بريكليس.
يُعتقد أنها وُلدت في مستعمرة ميليتوس الأيونية، حوالي عام 470 قبل الميلاد، وانتقلت إلى أثينا لتصبح محظية، عبر تلقي تعليمات تساعدها في الوصول إلى حضرة رجال الدولة آنذاك.
ووفقاً لبلوتارخ، أحبها السياسي البارز كثيراً، لدرجة أنه كان يقبّلها كل صباح ومساء حتى يوم وفاته، لأن أسباسيا كانت أجنبية منع القانون الأثيني بريكليس من زواجها، لكنها أنجبت له ابناً.
وتشير المصادر القديمة -باستخفاف في بعض الأحيان- إلى أن بريكليس كان يستشير عشيقته في كثير من الأحيان حول المسائل السياسية والعسكرية.
حتى أفلاطون كتب مازحاً بأن أسباسيا كانت خطيبة ماهرة ومحادثة نشيطة، وهي من كتبت خطاب بريكليس الشهير في جنازة جنود إحدى المعارك.
ورغم أن مدى تأثيرها اندثر مع التاريخ، فإن بريكليس حقق مشاريع بناء طموحة، وترأس عصراً ذهبياً للديمقراطية خلال علاقتهما.
ووفقاً لبعض الروايات تركت أسباسيا عشيقها السياسي وارتبطت لاحقاً ببيروقراطي أثيني آخر يُدعى ليسكليس.
3- لولا مونتيز
لا يُعرف الكثير عن الحياة المبكرة للجميلة إليزا روزانا جيلبرت، المولودة في أيرلندا في عام 1818 أو 1821.
هربت في سنوات مراهقتها إلى الهند، لتظهر العام 1843 لأول مرة على مسرح لندن، تحت اسم لولا مونتيز، كـ"راقصة إسبانية".
بعد أدائها الرقص في عواصم أوروبية مختلفة انتهى بها الأمر في ميونيخ، حيث أصبحت عشيقة ملك بافاريا لودفيغ الأول.
أثار الملك الألماني المسنّ غضب بلاطه الملكي بعدما جعلها كونتيسة، وبنى لها قصراً، ومنحها راتباً كبيراً، واستشارها في المسائل السياسية.
وتُعدّ لولا حاكمةَ بافاريا الفعلية لأكثر من عام، فتجسّست على منتقديها، وتآمرت عليهم، بينما نفّذ عشيقها المسن كل ما تريده.
وبسبب تأثيرها البالغ على لودفيع، تم إجباره على التنازل عن العرش في العام 1848.
هربت لولا من بافاريا، واستأنفت عملها كراقصة من جديد، وقضت بعض الوقت في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا قبل الاستقرار في نيويورك.
في هذه الفترة تورّطت بزواجين غير شرعيين، وتعرضت لتهمة القتل والفضائح المختلفة بسبب الطبيعة الاستفزازية لرقصتها المسماة "رقصة العنكبوت".
وتوفيت في نيويورك العام 1860، أي قبل أقل من شهر واحد على عيد ميلادها الأربعين.
4 – باربرا بالمر
وُلدت العشيقة الأشهر لملك إنجلترا تشارلز الثاني لعائلة متواضعة في العام 1640.
تزوجت في عمر الـ19 من روبرت بالمر وسافرت معه إلى هولندا، حيث كان تشارلز يعيش في المنفى.
وسرعان ما تحول تعاطفها مع الملك المنفي إلى علاقة عاطفية ترضي طموحاتها.
وعندما عاد تشارلز الثاني إلى لندن في وقت لاحق من ذلك العام، استدعاها إلى جانبه.
أنجبت باربرا 7 أطفال منه، اعترف بـ5 منهم فقط. وما كان من زوجها إلا أن قبل على مضض بهذه العلاقة غير الشرعية، بل تلقى بعض المكارم لترضيته وسكوته.