تتجه اقتصادات دول الخليج إلى اقتراض مبالغ غير مسبوقة هذا العام للمساعدة في تغطية عجز الميزانية، الذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 490 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وذلك بسبب "صدمة مزدوجة"، وفقاً لتقديرات وكالة "ستاندرد آند بورز" S&P Global Ratings.
وفق تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 21 يوليو/تموز 2020، فإن المحللين الاقتصاديين، وعلى رأسهم محلل الوكالة البارز تريفور كولينان، قالوا في تقرير أصدرته الوكالة الإثنين 20 يوليو/تموز، إن الصدمة المزدوجة التي تلقاها أعضاء مجلس التعاون الخليجي الخمسة الذين يعتمدون على النفط من جراء جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط الخام، تعني أن الميزانيات العامة لتلك الدول قد "تستمر في التدهور حتى عام 2023".
فيما ترجح أن تستخدم تلك الدول القروض لتمويل نحو 60% من العجز المالي الكلي للحكومة في 2020-2023، مع استخدام السحب من الأصول لتغطية الباقي من العجز.
رقم ضخم: تتوقع وكالة "ستاندرد آند بورز" أن تقترض دول مجلس التعاون الخليجي –السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان- ما مجموعه نحو 100 مليار دولار، وأن تستعين بنحو 80 مليار دولار أخرى من الأصول الحكومية لتغطية متطلبات التمويل هذا العام.
من المتوقع أن يصل إصدار الدين السنوي إلى 70 مليار دولار بحلول عام 2023، على افتراض أن السعودية ستقلص عجزها المالي خلال هذه الفترة.
جاء في تقرير الوكالة أن "معظم دول التعاون الخليجي، أبدت استعدادها بالفعل للاستعانة بأسواق رؤوس المال الدولية هذا العام، وهي في وضع تُحسد عليه في ظل حيازتها لحصص كبيرة من الأصول المالية الخارجية لتمويل عجزها المالي في حالة تقييد الوصول إلى الأسواق".
انعكاسات أزمة النفط: كانت كل تلك الدول بلا ديون عليها قبل أن تتراجع أسعار النفط الخام في عام 2014، فقد أصبحت دول الخليج بعدها تعتمد بدرجة متزايدة على الاقتراض، في حين تبذل فقط جهوداً متقطعة لخفض الإنفاق وتنويع اقتصاداتها.
هكذا فإن السعودية تعتمد إلى حد كبير على الديون لتغطية عجزها هذا العام، كما التفتت بقية الدول من البحرين إلى قطر إلى سوق السندات لسدِّ عجزها.
قالت وكالة "ستاندرد آند بورز" إن عمان ستتبع على الأرجح خطى جيرانها وستقترض في النصف الثاني من هذا العام مع تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وتعافي أسعار النفط.
في حال غياب إصدار الديون، فإن المرجح أن تتجه الحكومة العمانية إلى تسييل بعض أصولها المالية، والتي تقدرها الوكالة بنحو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.
فيما تتوقع وكالة التصنيف الائتماني أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 30 دولاراً للبرميل في الباقي من عام 2020، وأن يرتفع ليصل إلى 50 دولاراً في عام 2021، و55 دولاراً في عام 2022.
عجز كبير: وفق ما ورد في ملاحظات أخرى لوكالة "ستاندرد آند بورز"، فإنه من المتوقع أن يبلغ متوسط العجز لدول الخليج مجتمعة نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنةً بنحو 5% في عام 2019، و16% في 2016 بعد انهيار أسعار النفط، ومع ذلك فمن المفترض أن يبدأ العجز في التقلص في عام 2021.
فيما تتجه البحرين وعمان وقطر والسعودية إلى تمويل النسبة الأكبر من عجزها من خلال الاقتراض، في حين يُتوقع أن تعتمد العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، والكويت بدرجة أكبر على سندات أصولها لتغطية العجز.
من الجدير بالذكر أن الأصول الحكومية في الكويت وأبو ظبي وقطر والسعودية تتجاوز حجم الدين الحكومي بهامش واسع نسبياً، أما في حالة البحرين وعمان، فإن الديون تتجاوز الأصول.