مفارقات السياسة التونسية.. رئيس الحكومة يقيل وزراء بعد استقالته واعتداء على نائب إسلامي وحلفاء الإمارات يمنعون البرلمان

عربي بوست
تم النشر: 2020/07/16 الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/17 الساعة 08:42 بتوقيت غرينتش
إلياس الفخفاخ/رويترز

شهدت الأزمة السياسية بتونس تطورات خطيرة، في ظل محاولة الحزب الدستوري الحر افتعال اضطرابات داخل البرلمان بطرق متعددة، وصلت إلى منع البرلمان من الانعقاد والاعتداء على أحد أعضاء حزب النهضة، إضافة إلى قيام رئيس الحكومة المستقيل، إلياس الفخفاخ، بإقالة وزراء "النهضة" من الحكومة بعد تقديمه الاستقالة للرئيس التونسي.

في الوقت ذاته تحاول بعض الكتل البرلمانية التونسية تقديم عريضة لإقالة الغنوشي من رئاسة البرلمان التونسي، ولكن مسؤولي حركة النهضة قللوا من قدرة معارضي الغنوشي على حشد العدد اللازم من النواب.

والأربعاء، استقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، بعد خمسة أشهر على توليه المنصب، ومنح البرلمان التونسي الثقة لحكومة الفخفاخ نهاية فبراير/شباط، وهو يواجه اتهامات بتضارب المصالح وشرعت لجنة برلمانية في التحقيق فيها.

دعوى قضائية بسبب الاعتداء على نائب بحركة النهضة

وأعلنت الكتلة البرلمانية لحركة النهضة في تونس (54 نائباً من 217)، الخميس، اعتزامها مقاضاة 4 من نواب كتلة الحزب الدستوري الحر (16 نائباً)، بتهمة الاعتداء "لفظياً وجسدياً" على النائب موسى بن أحمد.

وندّدت كتلة "النهضة"، في مؤتمر صحفي بمقر البرلمان، الخميس، بما قالت إنه "اعتداء نواب كتلة الدستوري الحر لفظياً وجسدياً على النائب بن أحمد".

وقال "بن أحمد"، في المؤتمر، إن "رئيسة كتلة الدستوري الحر، عبير موسى، دخلت في حالة هستيرية بدخوله لقاعة الجلسة العامة مكان اعتصام كتلة الدستوري، الأربعاء، حيث تم احتجازه وغلق الباب عنوة والاعتداء عليه لفظياً وجسدياً".

وأوضح أنه "تدخَّل لتمكين التلفزيون الرسمي التونسي من نقل تجهيزاته التقنية، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب الاعتداء عليه من نواب الدستوري".

وأفاد بأنه "سيرفع قضية على نواب الدستوري، الذين اعتدوا عليه، وهُم كل من عبير موسى وسميرة السائحي ومجدي بوذينة وكريم كريفة".

واعتبر أن ما حدث "خطير على الدولة ومؤسساتها"، مضيفاً أنه صوَّر "الاعتداء بفيديو يوثّق الحالة الهستيرية لعبير موسى".

فيما قال المتحدث باسم "النهضة"، النائب عماد الخميري، أثناء المؤتمر، إن "الحركة تندّد بما تعرض له النائب موسى بن أحمد من طرف كتلة الدستوري الحر".

كما ندد بـ"احتلال قاعة الجلسات العامة من قِبل نواب الدستوري، واعتبارها قاعة للاعتصام".

وأردف الخميري: "هذا الأمر أصبح غير مقبول"، و"التجاوزات وصلت للعنف اللفظي والمادي".

وتنفذ كتلة "الدستوري الحر"، منذ الجمعة الماضي، اعتصاماً داخل القاعة الرئيسية للجلسات العامة؛ إثر رفض طلب للكتلة بعقد جلسة لمساءلة رئيس البرلمان، راشد الغنوشي.

وندّد البرلمان، في بيان له، الثلاثاء، بتعطيل كتلة "الدستوري الحر" لأعماله.

وهذه ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها الكتلة اعتصاماً داخل البرلمان، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفذت اعتصاماً مفتوحاً، على خلفية مناوشات كلامية مع كتلة "النهضة".

ويعتبر نواب تونسيون أن ما تقوم به عبير موسى، التي توصف بأنها حليفة الإمارات في تونس، إرباك وتعطيل وتشويش على البرلمان.

وتصاعدت الأزمة في البلاد منذ أن قررت الحركة، الإثنين، بدء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، في ظل "شبهة تضارب مصالح" تلاحق الفخفاخ (ينفي صحتها)، وترى الحركة أنها أثرت سلباً على صورة الائتلاف الحاكم.

ودعوى قضائية على عبير موسى بسبب تعطيلها  للبرلمان ومنعها انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية

وأعلن رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي، الخميس، اتخاذ قرار برفع دعوى جزائية ضد النائبة عبير موسي، وكتلتها "الدستوري الحر"؛ لتعطيلها عقد جلسات البرلمان.

وتم اتخاذ القرار على خلفية مواصلة كتلة "الدستوري الحر" (16 مقعداً من أصل 217)، تنفيذ اعتصام منذ الجمعة الماضي، في قاعة الجلسات العامة بالبرلمان.

وفي وقت سابق من الخميس، شهدت قاعة الجلسات العامة بمجلس المستشارين (المبنى الفرعي للبرلمان) حالة من التوتر؛ من جراء مناوشات بين نواب "الدستوري الحر"، و"ائتلاف الكرامة" (19 مقعداً)، وعدد من النواب الآخرين.

واحتج نواب "ائتلاف الكرامة"، على منع موسى ونواب كتلتها انطلاق الجلسة العامة المخصصة لاستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية والتي كانت مقررةً اليوم.

واعتبر رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف، خلال الجلسة، أن ما تقوم به موسى "جريمة بحق الشعب التونسي".

واعتلى نواب "الدستوري الحر" المنصة المخصصة لرئيس البرلمان، ونائبيه؛ لمنع انعقاد الجلسة العامة.

ورُفعت الجلسة التي كانت مقررةً لاستكمال انتخاب 3 أعضاء بالمحكمة الدستورية، إلى موعد لاحق لم يحدَّد بعد.

وهذه ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها كتلة "الدستوري الحر" اعتصاماً بالبرلمان، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفذت اعتصاماً مفتوحاً؛ على خلفية مناوشات كلامية مع كتلة "النهضة" (54 مقعداً).

"عبث".. هل سمعت يوماً عن رئيس حكومة يقيل وزراء بعد تقديمه الاستقالة؟

على صعيد متصل، اعتبرت حركة "النهضة" التونسية، الخميس، أن إقالة رئيس الحكومة "المستقيل"، إلياس الفخفاخ، لوزرائها "عبث بالمؤسسات" و"رد فعل متشنج"، على لائحة اللوم المودعة ضده في البرلمان.

وجاءت الإقالة ضمن أزمة متصاعدة بين الفخفاخ و"النهضة"، خاصة منذ أن قررت الحركة بدء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، في ظل "شبهة تضارب مصالح" تلاحق الفخفاخ، وترى "النهضة" أنها أثرت سلباً على صورة الائتلاف الحاكم.

واستهجنت "النهضة"، في بيان، الخميس، "ما أقدم عليه رئيس الحكومة المستقيل، من إعفاء لوزراء الحركة من مهامهم؛ لما يمثله هذا القرار من عبث بالمؤسسات ورد فعل متشنج، وما يمكن أن يلحقه من ضرر بمصالح المواطنين والمصالح العليا للبلاد وتعطيل المرفق العمومي، خاصةً في قطاع الصحة (في ظل جائحة كورونا)".

وأعلنت الحكومة، في بيان، مساء الأربعاء، "إعفاء أحمد قعلول (الرياضة)، ومنصف السليتي (التجهيز)، ولطفي زيتون (الشؤون المحلية)، وأنور معروف (النقل)، وعبداللطيف المكي (الصحة)، وسليم شورى (التعليم العالي) من مهامهم".

وأضافت الحكومة مهام هؤلاء الوزراء المقالين إلى مهام 6 وزراء آخرين.

وجاءت الإقالة عقب إعلان الرئاسة التونسية، في اليوم نفسه، أن الرئيس قيس سعيّد تلقى استقالة الفخفاخ، من دون أن تفصل في قبولها من عدمه.

وتحقق اللجنة البرلمانية في شبهات تضارب مصالح تلاحق الفخفاخ؛ لعدم تخليه عن حصص يمتلكها بشركة متخصصة في تدوير النفايات تمكنت من الفوز بمناقصات حكومية.

ووفقاً لرئاسة الجمهورية، فإن أمام سعيّد عشرة أيام لتكليف مرشح جديد يشكل حكومة ويسعى لنيل ثقة البرلمان.

وكان البرلمان التونسي قد شهد الأربعاء، تقديم لائحة (عريضة) تطالب بسحب الثقة من حكومة الفخفاخ، تحمل توقيع 105 نواب، بينهم كتل النهضة وقلب تونس (ليبرالي- 27 نائبا) وائتلاف الكرامة (ثوري- 19)، وفق وسائل إعلام محلية.

وكان تمرير اللائحة إلى مكتب البرلمان يتطلّب 73 توقيعاً، ثم التصويت عليها في الجلسة العامة بالأغلبية المطلقة للأصوات (109 من أصل 217)، بحسب الدستور.

وبعد إقالة وزراء "النهضة"، يضم الائتلاف، الذي يترأسه الفخفاخ منذ 27 فبراير/شباط الماضي: التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي- 22 نائباً)، وحركة الشعب (ناصرية – 14 نائباً)، وحركة تحيا تونس (ليبيرالية- 11 نائباً)، وكتلة الإصلاح الوطني (مستقلون وأحزاب ليبرالية- 16 نائباً).

دعوة لسحب الاستقالة من الغنوشي

في المقابل، أعلنت 4 كتل نيابية رسمياً، في مؤتمر صحفي، الخميس، إيداع لائحة لسحب الثقة من الغنوشي بمكتب الضبط في البرلمان، بعد استيفائها عدد الإمضاءات المطلوبة.

وصف نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، ونائبها في البرلمان التونسي، الخميس، تقديم لائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان بـ"العملية الاستعراضية التي لن تمر".

وقال العرباوي، لـ"الأناضول"، إن "تقديم لائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي متوقعة ومقبولة من الناحية الدستورية والسياسية، ولهم الحق في ذلك".

رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي/رويترز

واستدرك: "أما التحدي الموجود أمامهم (من قدّموا اللائحة) هو الحصول على 109 أصوات للمصادقة على اللائحة في الجلسة العامة".

وأضاف العرباوي أن "العبرة ليست بتجميع 73 توقيعاً لإيداع اللائحة بمكتب البرلمان (أعلى هيكل)؛ بل بتحصيل 109 أصوات يوم الجلسة العامة لتمرير اللائحة".

وتابع: "تقديم هذه اللائحة هو عملية استعراضية، ولا أفق لها من الناحية العملية".

واستبعد أن "تُحصّل اللائحة المعروضة أغلبية 109 أصوات المطلوبة في الجلسة العامة".

وحسب الدستور التونسي والنظام الداخلي للبرلمان، يتطلب تمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان توافر الأغلبية المطلقة من الأصوات (109 من مجموع 217 نائباً).

وقال رئيس الكتلة الديمقراطية (38 مقعداً وتضم ناصريين ويسار وسط) هشام العجبوني، لـ"الأناضول"، إن "إمضاءات لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي بلغت 73 توقيعاً".

ولفت العجبوني إلى أن "الكتل الموقِّعة على هذه اللائحة هي الكتلة الديمقراطية، وتحيا تونس التي يترأسها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد (10 مقاعد)، والإصلاح (16 مقعداً)، وجزء من الكتلة الوطنية (11 مقعداً)".

وعلّلت الكتل المتقدمة بلائحة سحب الثقة من الغنوشي هذه الخطوة بأنها "جاءت نتيجة اتخاذ رئيس البرلمان قرارات بشكل فردي دون الرجوع إلى مكتب البرلمان، وإصدار تصريحات بخصوص العلاقات الخارجية لتونس تتنافى مع توجّه الدبلوماسية التونسية"، حسب رأيهم.

علامات:
تحميل المزيد