بينها مقابر جماعية وأفران بشرية.. 10 جرائم لقوات حفتر أمام محققي “الجنائية الدولية”

عربي بوست
تم النشر: 2020/07/10 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/10 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
الجنرال حفتر تلاحقه دعاوى قضائية بارتكاب جرائم حرب / عربي بوست

أخيراً قررت المحكمة الجنائية الدولية، إرسال لجنة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، خلال 14 شهراً من عدوانها على العاصمة الليبية طرابلس.

وتشمل تلك الجرائم الإبادة الجماعية لعائلات في مدينة ترهونة (غرب)، وجرائم ضد الإنسانية، عبر اختطاف مدنيين وتعذيبهم والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم، وجرائم حرب تمثلت خاصة في قصف أحياء مدنية واستهداف طواقم طبية وقتل أسرى، وغيرها.

وكل هذه الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات حفتر، والمتعلقة بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتي تولت السلطات الليبية توثيقها، تدخل ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، التي من بين أهدافها عدم السماح للمجرمين بالإفلات من العقاب.

والثلاثاء، أعلن محمد القبلاوي، المتحدث باسم الخارجية الليبية أن المحكمة الجنائية وافقت على طلب رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، بشأن إرسال فريق للتحقيق بجرائم ميليشيات حفتر في ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) وجنوبي العاصمة، في النصف الثاني من يوليو/تموز الجاري.

ما الذي سيحقق به الفريق الدولي؟

ليس مؤكداً ما إذا كان فريق المحكمة الجنائية سيكتفي بالتحقيق في المقابر الجماعية في ترهونة وجنوبي طرابلس، أم أن عمله سيشمل كل جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الدولية.

ولكن إجمالاً يمكن تلخيص أهم الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات حفتر، منذ هجومها على طرابلس في 4 أبريل/نيسان 2019، والتي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، في النقاط التالية:

1- جرائم إبادة عائلات في ترهونة: حيث أبادت ميليشيا اللواء التاسع ترهونة، التي تقودها عائلة الكاني، التابعة لميليشيات حفتر، عائلات في ترهونة بشكل كامل أو جزئي، ولم يسلم من جرائمهم حتى الأطفال الرضع ولا النساء الحوامل، على حد قول وزير العدل الليبي محمد لملوم، وهذا ما طال عائلات النعاجي وهرودة مثلاً.

ولكن ليس مؤكداً إن كانت جرائم الإبادة تنطبق على العائلات أيضاً كما أعلنت عنه الحكومة الليبية الشرعية، أم أن الأمر يتعلق فقط بالجماعات "القومية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية" كما هو مُعرف رسمياً، خاصة وأن المدعية العامة للمحكمة الجنائية فاتو بنسودا، تحدثت عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ولم تتحدث بعد عن جرائم إبادة، وهو ما سيتضح بعد استكمال التحقيقات.

2- المقابر الجماعية: تعتبر من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتي فاق عددها 12 مقبرة، أغلبها في ترهونة، إذ بعد تحرير المدينة من العصابات الإرهابية التابعة لعائلة الكاني في 5 يونيو/حزيران 2020، تم العثور على مقابر جماعية لأشخاص مقيدين يعتقد أن بعضهم دفنوا أحياء.

3- مجازر متنوعة: خلال فترة سيطرة ميليشيا الكانيات (اللواء التاسع) على ترهونة ارتكبت عدة مجازر في حق المدنيين، طالت عائلات منافسة في المدينة، أو حتى عسكريين بالمدينة قتلوا لأسباب غير معروفة، ووجدت عشرات الجثث في مستشفى ترهونة العام، كما ارتكبت ميليشيات حفتر عدة مجازر في حق المهاجرين غير النظاميين في طرابلس وتعرضت عدة أحياء شعبية بالعاصمة لقصف جوي أو مدفعي خلف عشرات القتلى المدنيين بينهم أطفال، على غرار أحياء الفرناج وأبوسليم وسوق الجمعة، ومجزرة مرزق في أقصى جنوب البلاد ومجزرة الكلية العسكرية في طرابلس.

4- التعذيب: تحدثت عدة وسائل إعلام ليبية عن تعرض جنود ومدنيين وقعوا أسرى لدى ميليشيات حفتر لعمليات تعذيب، كما أن الجثث التي تم العثور عليها وُجد على بعضها آثار تعذيب، مما يؤكد أن التعذيب لم يكن فعلاً معزولاً.

5- أفران بشرية (الهولوكوست الليبي): أظهرت قناة فبراير الليبية (خاصة) مقاطع فيديو لزنازين ضيقة للغاية، لا يمكن للمحتجز داخلها سوى الجلوس في وضع القرفصاء، مع أبواب حديدية محكمة الإغلاق، ويتم إشعال النيران فوق أسطحها لتعذيب السجناء بالحرارة، حتى أن بعضهم شبهها بأفران الهولوكوست النازية.

6- حرق الجثث: يبدو أن إشعال النيران فوق الزنازين لم يكن كافياً لطهي السجناء على نار هادئة، بل وصل الأمر إلى إحراق عدد منهم، ووجدت السلطات الليبية في منطقة قصر بن غشير (25 كلم جنوبي طرابلس) جثثاً متفحمة داخل حاوية، بينها جثة لطفلة صغيرة في الـ12 من العمر، وقامت السلطات بتوثيق هذه الجريمة المروعة.

7- قتل الأسرى: إذا كان المدنيون لم ينجوا من مذابح ميليشيات حفتر، فالأمر أدهى وأمرُّ بالنسبة لجنود الجيش الليبي التابع للحكومة الشرعية الذين وقعوا أسرى خلال المعارك، والذين يفترض أنهم محميون بمقتضى قوانين الحرب ومعاهدة جنيف 1949، حيث تمت تصفية العشرات منهم، خاصة بعد مقتل محسن الكاني، أحد القادة الميدانيين لميليشيا الكانيات، في سبتمبر/أيلول 2019، بحسب بعض التقارير الأممية والإعلامية. 

8- تلغيم الأحياء الجنوبية لطرابلس: تعتبر إحدى جرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيات حفتر والمرتزقة الأجانب، خاصة وأن لا فائدة عسكرية ترجى من الألغام بعد انسحابهم من المنطقة، لكن الألغام والعبوات الناسفة (الأسلحة المؤجلة) لا تزال إلى اليوم تحصد عشرات الضحايا بينهم مدنيون عادوا إلى بيوتهم التي أجبروا على النزوح منها بسبب الحرب.

9- قصف المستشفيات والطواقم الطبية: قتل وأصيب العديد من أفراد الطواقم الطبية من أطباء ومسعفين، وقصفت سيارات الإسعاف والمستشفيات الميدانية ولم تسلم حتى المستشفيات العامة، بما فيها تلك التي تعالج المصابين بفيروس كورونا، مما اعتبر استخفافاً بأرواح الناس وقلة وعي بخطورة هذا الوباء العالمي، الذي حصد لحد الآن حياة عشرات الليبيين.

10- قطع الطرق والاختطاف: حيث عانى المسافرون الذين يستعملون الطريق بين طرابلس ومدينة مصراتة (200 كلم) من حواجز أمنية مزيفة بالقرب من مدينة القره بوللي (50 كلم شرق طرابلس)، تم خلالها قتل أفراد وعائلات لمجرد أنهم من مصراتة واختطاف بعضهم وسلب ونهب آخرين، ولعبت ميليشيا الكانيات الدور الأبرز في هذه الجرائم نظراً لقربها من الطريق الساحلي الذي كان يستخدمه بكثافة المسافرون القادمون من الخارج عبر مطار مصراتة إلى مدن الغرب الليبي، خاصة عند توقف الرحلات بمطار معيتيقة في طرابلس بسبب تعرضه المتكرر للقصف.

وهذه بعض جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة، التي ارتكبتها ميليشيات حفتر في الفترة ما بين 4 أبريل/نيسان 2019 – 5 يونيو/حزيران 2020، والتي من الممكن أن تحقق فيها محكمة الجنايات الدولية، دون الحديث عن جرائم أخرى مثل اختطاف النائبة سهام سرقيوة، وإخفائها قسرياً، وقطع المياه والكهرباء على أكثر من مليوني شخص، وإجبار عشرات الآلاف من سكان طرابلس على النزوح من بيوتهم.

كما لم يتم التطرق إلى الجرائم التي ارتكبت قبل هذه الفترة سواء في بنغازي (2014-2017) وتهجير عشرات الآلاف من النازحين ومنعهم من العودة، أو في درنة (2018) أو بإقليم فزان (2019)، على اعتبار أن محكمة الجنايات الدولية سبق لها أن اتهمت حفتر بعدم التعاون معها في تسليم محمود الورفلي، المتهم بإعدام أسرى حرب ونشر فيديوهات جرائمه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وليست محكمة الجنايات الدولية وحدها من يحقق في هذه الجرائم، بل إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قرر في يونيو/حزيران الماضي، إنشاء بعثة تقصي الحقائق في جميع أنحاء ليبيا، وتوثيق الانتهاكات والتجاوزات منذ بداية 2016.

تحميل المزيد