يفرض ارتفاع درجات حرارة المحيطات والأنهار تهديداً بالغ الخطورة على حياة الأسماك التي يعتمد عليها العالم بنهاية هذا القرن وفق دراسة جديدة، وصلت لهذا الاستنتاج المثير للقلق نُشرت الخميس 2 يوليو/تموز الجاري، في دورية The Journal Science الأمريكية.
الباحثون قالوا وفق شبكة CNN الأمريكية إن هناك أسماكاً مهمةٌ للغاية تجارياً من بين الأنواع المعرضة للخطر، التي تباع في متاجر البقالة مثل سمك القد الأطلسي، وألاسكا بلولوك، والسلمون الأحمر، والأسماك المفضلة في رياضة صيد الأسماك مثل سمك أبو سيف، وباراكودا، والتراوت البني.
في الواقع، قد تجد 60% من أنواع الأسماك الخاضعة للفحص في الدراسة صعوبةً في التكاثر بمعدل تعداد الأسماك الحالي نفسه بحلول عام 2100 إذا لم تُعالَج أزمة المناخ، وفقاً للباحثين.
لكن إذا التزمت الحكومات بإبقاء مستوى الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، فقد يصبح عدد أنواع الأسماك المعرضة للخطر أقل بكثير، إذ سيكون 10% فقط، وفقاً لما توصل إليه الباحثون.
يوضح السيناريو الأسوأ لتأثير الاحتباس الحراري على أنواع الأسماك، أنه إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، فإن أنشطة البشر تهدد باضطراب النظام البيئي الذي يغذي مليارات الأشخاص.
أجرى الدراسة فريقٌ من الباحثين بألمانيا، وقد حللوا بيانات نحو 700 نوع من الأسماك البحرية وأسماك المياه العذبة بمناطق مناخية في أنحاء العالم، لقياس مدى قدرتها على احتمال ارتفاع درجات الحرارة.
تأثير الحرارة على مراحل مهمة في دورة حياة الأسماك: كانت الدراسات السابقة بشأن مدى حساسية الأسماك تجاه تغير حرارة المياه تُركز على الأسماك البالغة.
لكن كي نفهم فعلياً الطريقة التي تؤثر بها درجة الحرارة المرتفعة للمياه على أنواع الأسماك، جادل الباحثون بضرورة النظر إلى المراحل الأكثر عرضة للخطر في دورة حياة الأسماك، تلك المراحل المهمة للتكاثر والحفاظ على النوع من خطر الانقراض.
في جميع الحالات تقريباً، كانت الأجنَّة والأسماك في مرحلة التزاوج -الذكور والإناث المستعدون لإنتاج الحيوانات المنوية والبيض- أكثر عرضة لخطر ارتفاع درجة حرارة المياه من الأسماك البالغة واليرقات، وفقاً للباحثين.
الاحتباس الحراري يفوق قدرة الأنواع على التكيّف: يعتمد 3 مليارات شخص على السمك والمأكولات البحرية باعتبارها مصدراً رئيسياً للبروتين.
لكي تبقى على قيد الحياة، قد تُجبَر عديد من الأنواع على التكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة أو الانتقال بحثاً عن مياه أكثر برودةً. لكن نظراً إلى السرعة التي تتسبب فيها أنشطة البشر في رفع درجة حرارة الكوكب، قد لا تتمكن عديد من الأنواع من التكيّف بسرعة كافية للبقاء على قيد الحياة.
فيلمنغ دالك، عالم متخصص في الأحياء البحرية لدى معهد ألفريد فيغنر بألمانيا وأحد المشاركين في الدراسة، قال: "إذا لم تُفرض قيود على التغيّر المناخي، فسنرى، على الأرجح، تغييرات كبيرة في تركيبة أنواع الأسماك بنظامنا البيئي. عندما تعجز الأنواع عن التكاثر في بيئاتها الطبيعية، يجب أن تنتقل إما إلى المياه العميقة وإما إلى أقصى الشمال إن أمكن، وإلا انقرضت في بيئاتها المحلية".
من المؤكد أن محيطات العالم ترتفع درجة حرارتها بوتيرة مطردة منذ عام 1970، وأنها امتصت 90% من حرارة الكوكب الزائدة، وفقاً لتقريرٍ مهم أصدرته اللجنة الحكومية المعنية بالتغير المناخي والتابعة للأمم المتحدة، الخريف الماضي.
ترتفع درجة حرارة المحيطات حالياً بنفس معدل إلقاء خمس قنابل ذرية في المياه كل ثانية، وفقاً لما وجدته دراسة أخرى صدرت في يناير/كانون الثاني.