قال مجموعة من خبراء الاقتصاد في تقرير لشبكة CNBC الأمريكية إن الاقتصاد السعودي سيتلقى "ضربة ثلاثية"، بسبب السياسات الجديدة التي انتهجتها المملكة لمواجهة الأزمة المالية التي تعرفها بسبب تراجع أسعار النفط وانتشار وباء كورونا المستجد.
حسب تقرير الشبكة الذي نشر الخميس 2 يوليو/تموز 2020، فإن زيادة ضريبة القيمة المضافة ليست السياسة الجديدة الوحيدة التي فرضتها المملكة في أعقاب جائحة كورونا وانهيار الطلب على النفط. فقد أوقفت السعودية أيضاً بدل غلاء المعيشة للعاملين في القطاع العام، وأعلنت المملكة عن تراجعات وتأجيلات لعديد من المشروعات التي كانت جزءاً من خطة "رؤية 2030".
"ضربة ثلاثية" للاقتصاد: تأتي تدابير التقشف المالي الحالية في وقت تعاني فيه منطقة الخليج بأكملها آثار ضربةٍ مزدوجة لاقتصادها بسبب عمليات الإغلاق وانخفاض أسعار النفط لأدنى مستوى لها منذ عقدين.
يصف طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لشركة "نومورا" لإدارة الأصول في الشرق الأوسط، ما تتعرض له المملكة بالقول إنها تواجه "ضربة ثلاثية".
جاءت تصريحات فضل الله في برنامج Capital Connection على شبكة CNBC يوم الأربعاء 1 يوليو/تموز، إذ قال: "ما يحدث سيكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد السعودي.. إنها ضربة ثلاثية، لأنه بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط وكذلك اجتياح الوباء، لدينا خروج كبير للوافدين من البلاد في ظل فقدان كثير من الناس لوظائفهم".
أضاف فضل الله: "لذا فنحن بالفعل في وضع صعب للغاية. وهذه الزيادة ليست عالية بالمعايير الإقليمية فحسب. نحن جدد إلى حد ما فيما يتعلق بتجارب ضريبة القيمة المضافة في جميع أنحاء المنطقة. ومع ذلك، فإن رفع الضريبة بمقدار 10% أمرٌ غير مسبوق في أي مكان في العالم. ومن ثم سيكون لذلك تأثير كبير في الدخول المتاحة وتأثير كبير في الصناعات ذات الصلة بالاستهلاك".
الإنفاق سيقل مستقبلاً: يعتقد المري أنه بعد شهر يونيو/حزيران "سيقل إنفاق الناس بالتأكيد. وسيصرفهم عن ذلك رؤيتهم أن عليهم دفع 10% أكثر من المعتاد".
فضل الله يوافقه على ذلك، قائلاً إن القفزة في ضريبة القيمة المضافة "سيكون لها تأثير شديد الوطأة على قدرة إنفاق الأسرة. لذا، ما إذا كان سيتم استيعاب ذلك بسهولة، لا نعرف، لكني أعتقد أن شهور أغسطس/آب ويوليو/تموز وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول ستكون أشهراً صعبة للغاية على مختلف القطاعات الاستهلاكية. خاصة مع تراكم مخزون عمليات الشراء على مدار الأسابيع القليلة الماضية".
إلى جانب ذلك، وجه محللون ماليون آخرون تحذيرات مماثلة. إذ قالت خديجة حق، رئيسة الأبحاث الإقليمية لدى بنك الإمارات دبي الوطني، لشبكة CNBC في شهر مايو/أيار: "إن رفع ضريبة القيمة المضافة في وقت تواجه فيه عديد من الأسر بالفعل فقدان للوظائف وتخفيضات في الرواتب، من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم انخفاض الاستهلاك هذا العام وزيادة الضغط على الشركات".
مع ذلك، يذهب آخرون إلى أن هذا الإجراء لا غنى عنه، ومن هؤلاء، إحسان خومان، رئيس أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة MUFG اليابانية للخدمات المالية، والذي قال لشبكة CNBC إن "تدابير التقشف الجريئة والحاسمة والضرورية هي أمر بالغ الأهمية لمنع التدهور السريع في احتياطيات الثروة".
وهو ما بدأ فعلاً: قد بدأت بوادر تلك التأثيرات تظهر بطرق مختلفة، فقد انخفضت مؤشرات إنفاق المستهلكين، مثل عمليات السحب من الصراف الآلي ومعاملات نقاط البيع بأكثر من 30% على أساس سنوي في شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار، وفقاً لشركة Capital Economics.
تشير بيانات شركة Capital Economics إلى تراجع بمقدار 30% من النشاط الاقتصادي عن مستويات ما قبل الفيروس في شهر يونيو/حزيران، مقارنة بتراجع قدره 65% عند أدنى مستوى له في منتصف أبريل/نيسان، وهو ما يكشف عن علامات تعافي مع رفع قيود الإغلاق. ومع ذلك، قال محللو الشركة هذا الأسبوع، إنه رغم هذه الأرقام، "فإننا نتوقع أن يكون التعافي بطيئاً نسبياً مع لدغة إجراءات التقشف المالي".
بعد أن تدفق السعوديون لأيام على للتسوق: تدفق المواطنون السعوديون إلى المتاجر في جميع أنحاء المملكة بمجرد رفع قيود الإغلاق العام المرتبطة بمواجهة جائحة كورونا في يونيو/حزيران، ودافعهم إلى ذلك الأمل في اللحاق بفرصة توفير المال وشراء السلع غير القابلة للتلف من الأطعمة المحفوظة إلى الإلكترونيات والسيارات قبل الزيادة المقررة على ضريبة القيمة المضافة في المملكة بمقدار ثلاثة أضعاف.
إذ تدافع الناس إلى المولات ومراكز التسوق. يقول علي المري، صاحب شركة تجارية يعيش في مدينة الخُبر الواقعة شرق البلاد، لشبكة CNBC: "لقد بدت المبيعات كما لو أنها مبيعات الجمعة السوداء. وينقل المري عن بائع في إحدى وكالات السيارات قوله "إنهم باعوا سيارات في الشهر الماضي أكثر من الأشهر الخمسة السابقة. فالناس يريدون توفير المال ولا يريدون دفع ضريبة القيمة المضافة".