نحن الجيل الذي ما زال يتخبط في بؤر الظلام لا يدرك أي الطرق سيختار!
الجيل الذي تكبد الويلات منذ نشأته، بدءاً من الظروف السياسية القاهرة التي حاول ممتهنوها إقحامنا داخلها، فقط لأجل ملء صناديق الاقتراع بأصواتنا، أصواتنا التي لا تعنيهم بقدر ما تعنيهم أعدادها، ليرتفعوا عالياً كي يسيطروا على شتى جوانب حياتنا، وانتهاء بالتغيرات الحديثة التي ضيَّعتنا وغيَّبتنا عن الوعي تماماً كالتكنولوجيا.
نحن الجيل الذي كان وما زال بمثابة فأر تجارب للدولة ومُسيّريها، فمنذ انتقالنا لصفوف الابتدائي إلى حين تخرجنا، ونحن نتصارع مع مناهجهم الدراسية التي يكتشفون مدى نجاعتها من خلال أدمغتنا، فإن هي استوعبتها فلنكن على يقين تام بأنها ستتغير في العام المقبل، وإن لم تستوعبها فستظل رفيقتنا إلى حين ظهور البديل.
جرَّبوا فينا القوانين، جرَّبوا فينا قراراتهم غير المنطقية، جرَّبوا فينا منتجات قنواتهم الساقطة، جعلوا منا مستهلكين لا يملكون لساناً يجيد تقديم رأيه حول منتجات شركاتهم التي يتقاسمون أرباحها بينهم.
نحن الجيل الذي سئِم من كل شيء ومع ذلك ما زال صامداً، نحن الجيل الذي يجرّب المحرَّم والمباح دون أن يكترث لنظرة المجتمع وما يمكن أن يقوله الآخر عنه.
نحن الجيل الساخط على السياسات، على الحكومات، على كل من يُسيّر الدولة، على الوضع العائلي، على الوضع النفسي والمادي، وغيرهم.
نحن الجيل الذي يبحث غالبيته عن السعادة، ويفعل المستحيل لنيلها حتى وإن لم يكن يدرك بعدُ معناها الحقيقي، يركض لأجلها ليل نهار، يبحث عن أي سبب سيمنحه الشعور بها حتى وإن كلَّفه ذلك التخلي عن مبادئه وقناعاته.
نحن الجيل الذي نشأ على الرسوم المتحركة فتعلَّم منها لغة الضاد وقيمة الصدق في الأقوال والأفعال. ومع تسارع الزمن واستحواذ التكنولوجيا على تفاصيل حياتنا فقدنا كل تلك القيم.
نحن الجيل الذي كانت تستهويه الجلسات العائلية وحكايا الجدّات، وحفظنا عن ظهر قلبٍ نصائح العم والخالة والجار وصديق العائلة.
وتشبثنا بإلقاء السلام وردّه على كل من نصادفه، لكن مع مرور الأيام وتغير نمط الحياة رمينا كل هذا في سلة المهملات المخصصة لذكريات الماضي.
نحن الجيل المظلوم والظالم في الآن نفسه، اخترنا حياة الغرب والعرب فلم نستطع التأقلم، لذلك تُهنا ولم نتمكن من اختيار الطرق التي تناسبنا.
نحن الجيل الذي عشق الشمس لشروقها وغروبها، وكم تمنينا أن تشرق لنا بمعجزات تغير حالنا إلى الأفضل.
نحن الجيل الذي عشق اللعب بموجات البحر وكان أكبر أحلامنا تعلُّم السباحة بشكل احترافي، فكبرنا وكبر حلم البحر في أعيننا حتى صرنا نرغب في اجتيازه للضفة الأخرى.
نحن الجيل الذي نشأ على الأغاني الوطنية ولطالما رددناها بكل حب حتى غيَّبت المواقف لحنها من أذهاننا.
وصار الوطن بالنسبة لنا ملجأً نقطن به إلى حين أن تأتينا الفرصة للتخلص منه.
نحن الجيل الذي تاه بين الماضي والحاضر، لا هو قادر على العودة للوراء ولا هو بوسعه المضي قدماً.
لا هو قادر على معايشة الوضع الراهن وتقبُّل المستجدات ولا هو بإمكانه الاكتفاء بما يملكه.
نحن الجيل الذي لم يبتغِ الاستغناء عن حسه الطفولي رغم كل ما حققه من نجاحات، النجاحات التي تفرض عليه أن يتصرف بشكل دائم كشخص ناضج.
لكن لا يسعنا -نحن جيل التسعينيات- الرضوخ لكل هذه البروتوكولات التي استحوذت على الجميع كأن هناك خيطاً ملتصقاً بنا، فإن حاولنا السير قدماً أو العودة للوراء يجذبنا نحوه من جديد.
ومع كل هذا وذاك نبقى نحن "الجيل الذهبي" الذي يتمكن من مسايرة كل الأجيال حتى وإن لم يستطع المعايشة معهم بشكل دائم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.