سيطرت جماعة الحوثي على منطقة استراتيجية وسط اليمن، الأربعاء 24 يونيو/حزيران 2020، في الوقت الذي تجددت فيه الاشتباكات بين قوات الحكومة اليمنية ومسلحي المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في محافظة أبين جنوب البلاد على الرغم من اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفين، الإثنين.
منطقة استراتيجية: مسؤول عسكري يمني أكد، الأربعاء، لوكالة الأناضول، أن مسلحي الحوثي سيطروا على "منطقة استراتيجية" في محافظة البيضاء، وسط البلاد، خلال الساعات الماضية.
أوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "السيطرة على منطقة قانية جاءت نتيجة قلة الدعم العسكري للقوات الحكومية ومسلحي القبائل، مما دعا لانسحاب مؤقت لمناطق مجاورة قبل البدء في محاولة لاستعادتها".
وتأتي سيطرة الحوثيين على "قانية" من أجل فتح جبهة جديدة لهم، في ظل سعيهم للدخول إلى محافظة مأرب (شمال) النفطية المجاورة، بحسب مراقبين.
في هذا السياق، قال النائب اليمني ياسر العواضي، وهو زعيم قبلي في محافظة البيضاء، عبر حسابه بتويتر، إن "الحوثي اقتحمت ونهبت 35 منزلاً لمعارضين من القبائل في منطقة ردمان (سيطر الحوثيون عليها الجمعة) بالمحافظة".
يذكر أن محافظة البيضاء تشهد قتالاً محتدماً منذ 6 سنوات، ازداد ضراوة في الأسابيع الماضية، عقب عملية عسكرية للقوات الحكومية استعادت فيها مناطق من أيدي الحوثيين.
عودة المواجهات: وفي الجنوب، تجددت الاشتباكات، الأربعاء، بين قوات الحكومة اليمنية ومسلحي المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في محافظة أبين جنوب البلاد، وفق ما أفادت مصادر عسكرية.
المصادر نفسها أفادت بأن هذا التطور جاء بعد تعثُّر جهود فريق المراقبين من التحالف السعودي-الإماراتي لوقف إطلاق النار بين قوات الحكومة ومسلحي "الانتقالي" في المحافظة.
كما أوضحت المصادر أن ضباط الجيش اليمني طلبوا تعليمات واضحة ودقيقة حول سريان وقف إطلاق النار، وأكدوا أنهم "يتلقون أوامرهم من المصادر الرسمية الحكومية وليس عبر ضابط سعودي"، حسب ما أفادت به قناة الجزيرة.
وكان التحالف السعودي-الإماراتي قد أعلن، الإثنين، التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في أبين، عقب سيطرة المجلس الانتقالي على جزيرة سقطرى (جنوبي اليمن).
وسقطرى هي كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكون من 6 جزر، ويحتل موقعاً استراتيجياً بالمحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الإفريقي، قرب خليج عدن.
تحذيرات متكررة: يأتي ذلك في الوقت الذي حذّر فيه مسؤول أممي، الأربعاء، من خطورة الأوضاع الإنسانية باليمن قائلاً: "إما دعم الاستجابة الإنسانية في اليمن، والمساعدة على خلق مساحة لحل سياسي مستدام، أو مشاهدة ذلك البلد يسقط في الهاوية".
جاء ذلك في إحاطة قدمها وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، أمام جلسة افتراضية مغلقة لمجلس الأمن الدولي.
رسم لوكوك صورة قاتمة عن الوضع في اليمن إذا لم يقدم المانحون المساعدات المالية اللازمة لدرء كارثة في الدولة التي تعاني ويلات الحرب والفقر والأمراض مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد بسرعة في البلاد.
كما شهدت البلاد وفاة 25% من المصابين بالفيروس، وهو ما يمثل خمسة أضعاف المعدل العالمي، فضلاً عن انهيار النظام الصحي.
قال لوكوك في إحاطته: "تضيف جائحة كوفيد-19 طبقة أخرى من البؤس على العديد من الطبقات الأخرى في اليمن، لا سيما أن رئيس وزراء اليمن في وقت مبكر من هذا الشهر قال إن مأساة إنسانية مروعة على وشك أن تحدث".
وفي 2 يونيو/حزيران، استضافت الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية مؤتمر المانحين الافتراضي لمساعدة اليمن. وتعهدت 31 جهة مانحة بتقديم 1.35 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، من بينها 700 مليون دولار كتمويل جديد.
قال المسؤول الأممي: "هذا فقط حوالي نصف ما تم التعهد به العام الماضي. وهو أيضا أقل بكثير مما نحتاجه لمواصلة عمل البرامج الإنسانية. تعهدات منطقة الخليج المخفضة تشكل بصورة أساسية جميع التخفيضات".
وأوضح أنه" بسبب ذلك، توقفت مدفوعات الحوافز لعشرة آلاف من العاملين الصحيين الذين لم يتلقوا رواتبهم أصلاً. وستتوقف خدمات الماء والصرف الصحي لأربعة ملايين شخص في غضون أسابيع".
وتابع قائلاً: "ولن يحصل نحو خمسة ملايين طفل على التطعيم، ومع حلول أغسطس/آب، ستتوقف برامج معالجة سوء التغذية، وسيتوقف أيضاً برنامج الصحة الموسع، الذي يخدم 19 مليون شخص".
وقد تسببت الحرب المستمرة للعام السادس في تردي الأوضاع في اليمن، حيث بات معظم السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
مما يزيد من تعقيدات النزاع اليمني أنه له امتدادات إقليمية، فمنذ عام 2015 ينفذ تحالف عربي، بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.