أكد مصدر عسكري تابع لحكومة الوفاق الليبية أن الوفد العسكري الأمريكي الذي زار ليبيا يوم الإثنين 22 يونيو/حزيران، استلم منظومة "بانتسير" الروسية التي غنمتها قوات الجيش الليبي في أبريل/نيسان الماضي، بعد تحرير قاعدة الوطية من ميليشيات الجنرال خليفة حفتر.
وكان رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، فائز السراج، اجتمع مع قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفن تاونسند، بمدينة زوارة الساحلية (120 كم غرب العاصمة طرابلس)، رفقة السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، ووفد مرافق له، في إطار التشاور وبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، بحسب بيان لمكتب السراج.
محاولات أمريكية مستمرة
وأضاف المصدر العسكري لـ "عربي بوست" أن القيادة العسكرية الامريكية في إفريقيا كانت قد أرسلت وفداً عسكرياً لمدينة زوارة في نهاية شهر مايو/أيار 2020، اجتمع مع بعض القيادات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق، وطالبوا باستلام منظومة "بانتسير" الروسية التي عثرت عليها قوات الجيش الليبي في قاعدة الوطية لفحصها ومعرفة أماكن القوة والضعف فيها.
وكانت صحيفة "فزغلياد" الروسية ذكرت في ذلك الوقت أن منظومة "بانتسير" التي سيطرت عليها قوات حكومة الوفاق في قاعدة الوطية الجوية "لا علاقة لها في الواقع بمساعدة روسيا لميليشيات خليفة حفتر".
منظومة روسية وتمويل إماراتي
وبحسب الصحيفة، تعود هذه الوحدة إلى مجموعة المعدات العسكرية التي أرسلتها الإمارات إلى خليفة حفتر.
ودللت الصحيفة على ذلك بتثبيتها على هيكل السيارة الألمانية متعددة المحاور MAN-SX45. وقد استخدمت الإمارات هذه المنظومة، في هذه التركيبة بالذات، خلال العملية العسكرية في المعارك باليمن.
وذكر عضو مجلس الخبراء في المجمع الصناعي العسكري الروسي، العقيد الاحتياطي فيكتور موراخوفسكي، أن "بانتسير" ليست ذات أهمية خاصة للجيش التركي أو لحلف شمال الأطلسي، على حد قوله.
وأضاف "هذه نسخة تصدير تم تطويرها في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي خصيصاً للإمارات وعلى نفقتهم، أي ما قبل النسخة الحديثة الموضوعة في خدمة الجيش الروسي. لذلك لا نفقد أي أسرار تكنولوجية".
شهر كارثي لمنظومة بانتسير
وأثبت شهر مايو/أيار 2020، أنه كارثي فيما يتعلق بكفاءة ومصداقية أحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي رواجاً في روسيا.
وبدأت مشاكل نظام الدفاع الجوي بانتسير Pantsir S1 في ليبيا عندما شن خليفة حفتر هجوماً استمر لمدة عام على طرابلس ضد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من أنقرة، لتبدأ هذه المنظومة في الانهيار.
فقد كان من المفترض أن تستخدم روسيا، عبر حلفائها في الإمارات، هذه المنظومة كبطاقة رابحة ضد عمليات اعتراض الطائرات الجوية بدون طيار التركية (UAV).
لكن بعد الهجوم المضاد لحكومة الوفاق الوطني في مايو/أيار على الغرب الليبي، واستعادة قاعدة الوطية الجوية والضواحي الرئيسية في طرابلس، أصبح من الواضح أن هذا النظام قد تم تجاوزه.
وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام، فإن ما يصل إلى 9 وحدات من بانتسير قد فقدت في تعاقب سريع من خلال ضربات الطائرات بدون طيار خلال شهر مايو/أيار. وكإضافة للإهانة الكبيرة التي تعرضت لها هذه المنظومات، غنمت قوات الوفاق منظومة بانتسير العاشرة.
ما أهمية المنظومة لأمريكا؟
يجب اعتبار نظام Pantsir S1، الذي يطلق عليه الناتو اسم SA-22 Greyhound ، مهماً لسببين: الأول إنه أحدث منصة طورتها روسيا المرتبطة بمنظومات الدفاع الجوي قصير المدى (SHORAD). والثاني أنه تم استخدام النظام إلى حد كبير من قبل موسكو باعتبارها اختراق للأسواق ذات الأهمية الجيوسياسية.
مع ظهور وانتشار الطائرات المقاتلة، أصبحت مهمة هذه المنظومة حاسمة بشكل متزايد في ساحة المعركة الحديثة.
تتألف منظومة بانتسير Pantsir S1 من رادار مركزي للبحث والتحكم وصواريخ أرض-جو ومدافع أوتوماتيكية مزدوجة 30 مم مثبتة على هيكل شاحنة 8 × 8.
يمكن أن تشتبك المدافع مع الطائرات بدون طيار وأسراب الطائرات صغيرة بينما يمكن للصواريخ أن تستهدف الطائرات المتوسطة إلى المرتفعة والطائرات بدون طيار على المدى العالي.
يمكن تتبع نظام بانتسير إلى نظام Tunguska M1 السوفيتي الذي يتم تشغيله من قبل القوات المسلحة الروسية كجزء من مذهب الدفاع الجوي متعدد الطبقات، والذي يدعم أنظمة طويلة المدى مثل S-400.
وكمؤشر على الدرجة التي يأخذ بها الجيش الروسي هذه التكنولوجيا على محمل الجد، تم تحديث خط الأساس لمنظومة Pantsir S1 عدة مرات.
نظراً لقدراتها وسعرها الذي يصل لحوالي 15 مليون دولار أمريكي للوحدة، فقد استفادت موسكو من النظام في عمليات التصدير على مدى العقدين الماضيين.
وبعد أن تم تصديرها إلى ما لا يقل عن 11 دولة، استخدمت موسكو المنظومة للتوسع إلى ما هو أبعد من قائمة العملاء النموذجية والتقدم إلى أسواق ذات أهمية جيوسياسية أكبر مثل الإمارات العربية المتحدة والعراق وربما صربيا المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تاريخ الأداء متقلب
في حين أن نجاح Pantsir كمنتج للتصدير ليس موضع شك، فإن الفعالية التشغيلية للنظام، خاصة ضد الطائرات بدون طيار – وهو تهديد يواجهه بشكل مثالي قدرات SHORAD – تعرضت لانتقادات شديدة.
في أعقاب ادعاءات وزارة الدفاع الروسية الغريبة بأن النظام أسقط صواريخ كروز أمريكية فوق دمشق في 2018، وقعت أولى الخسائر العسكرية السورية للنظام في أبريل/نيسان من ذلك العام، ومرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2019، كجزء من الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في البلاد.
في كلتا الحالتين، نشر الجيش الإسرائيلي لقطات لتدمير المنظومة، تاركاً موسكو تحت ضغط شديد لتفسير الخسارة. في حين أنه من غير الواقعي أن نتوقع أن نظام SHORAD وحده يمكنه مواجهة قدرات الضربات العميقة للقوات الجوية الإسرائيلية، فمن الجدير بالذكر أن طائرات هاروب كاميكازي الإسرائيلية يعتقد أنها استخدمت في الضربة، وهي طائرات يفترض أن تستهدفها المنظومة.
وجاء أول اختبار حقيقي لهذه المنظومة ضد الطائرات بدون طيار، على نطاق واسع في عام 2020 خلال المعركة بين روسيا وتركيا على إدلب. طوال فترة النزاع ، تمكنت الطائرات بدون طيار التركية المقاتلة جنباً إلى جنب مع قدرات الحرب الإلكترونية من التغلب على منظومات الدفاع الجوي السورية مع الحد الأدنى من الخسائر الجوية فوق شمال سوريا.
وعلى الرغم من وجود جدل حول العدد النهائي، إلا أن اللقطات المستهدفة التي نشرتها تركيا أظهرت وجود منظومة بانتسير واحدة على الأقل بين عشرات المركبات السورية التي تم تحييدها بواسطة الطائرات بدون طيار التركية، والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.