إذا كنتَ من عشّاق الممثل الكبير توم هانكس فأكيد أنّك شاهدت فيلم Cast Away – وإذا لم تشاهده فننصحك بمشاهدته – وهو الفيلم الذي مثّل مخاطرة كبيرة للمخرج روبرت زيميكس وتوم هانكس قبل حوالي 20 عاماً.
فالفريق الذي عمل على فيلم Forrest Gump الذي فاز بجوائز عديدة، كان يريد إيصال رسالة محددة من خلال الفيلم الجديد، بطريقةٍ خارجة عن المألوف بشكل كبير. بدت الفكرة حينها مجنونة، ولكنها نجحت في النهاية.
اختار لنا موقع Cinemablend الأمريكي 15 حقيقة من كواليس فيلم Cast Away ربما لم تكن تعرفها من قبل. فالفيلم عبارة عن قصّة من آلاف تجارب التصوير، وإعادة كتابة السيناريو لمراتٍ ومرات، وبطبيعة الحال، عن قصة الكرة الطائرة "ويلسون". وحتى مصدر إلهام الفيلم يبيِّن مدى غرابة القصة بأسرها، ذلك أنَّ الأمر برمته بدأ حين كان توم هانكس يقرأ شيئاً بسيطاً سنعرفه بعد قليل.
تحذير: إذا كنت لم تشاهد فيلم Cast Away بعد، فربما عليك أن تشاهده قبل قراءة الموضوع لأنّه يحتوي على حرقٍ كامل لأحداث الفيلم.
كانت فكرة فيلم Cast Away بسبب مقال قرأه توم هانكس
كان توم هانكس هو من أطلق الشرارة الأولى لفيلم Cast Away. فوفقاً لإحدى ندوات الطاولة المستديرة التي عقدتها مجلة The Hollywood Reporter وشارك فيها هانكس، أرجع الأخير الشرارة الأولى لقصة الفيلم إلى التجربة التالية:
كنت أقرأ مقالاً عن شركة فيديكس للشحن، وأدركت أن طائرات بوينغ 747 تقطع المحيط الهادئ وعلى متنها الكثير من الطرود ثلاث مرات يومياً. وهنا خطر في بالي سؤال: ماذا سيجري لو سقطت إحدى هذه الطائرات؟!
بعد ذلك عرض هانكس القصة على الكاتب ويليام برويلز والمخرج روبرت زيميكس، وعلى مدار ست سنوات، تغيرت قصة الفيلم تماماً عدة مرات. ولم تكن شركة فيديكس مصدر إلهام القصة فحسب، بل لعبت أيضاً دوراً كبيراً نسبياً في الأحداث. فقد كان شعار الشركة وبعض كبار مستشاريها بل وحتى رئيسها التنفيذي تحت تصرُّف الفيلم، دون مقابلٍ ماديّ.
كان الفيلم في الأساس كوميدي
ربما تدخل في نوبة من الضحك حين تعرف أن الفيلم في إحدى مراحل تعديل قصته كاد يصبح فيلماً كوميديا وليس درامياً رومانسياً.
حين كان توم هانكس يعمل على كتابة القصة مع ويليام برويلز، كان تصوُّره الأول أن تكون مغامرة البطل على الجزيرة مُضحِكة للجمهور، مع الكثير من الحِيَل البهلوانية التي كانت ستجري على الجزيرة.
غير أنه بمرور الوقت، اتخذت قصة الفيلم مساراً معاكساً لمسار الكوميديا، وأصبحت أكثر جدية وتناقش موضوعات من قبيل الصمود والبقاء على قيد الحياة والحبّ والوفاء.
في إحدى نُسخ القصة دبت الحياة في "الكرة ويلسون"
إذا لم تستمع إلى تعليقات مخرج فيلم Cast Away وطاقم العمل فيه، فأنت بذلك تفوِّت على نفسك الكثير من الحقائق المدهشة. فقد ذكر أحدهم تحديداً أنه في إحدى مسوّدات القصة كان من المفترض أن تدب الحياة في ويلسون ويتكلّم!
ربما يراودنا الآن سؤال عن كميّة النسخ التي كان على المؤلف أن يكتبها حتَّى يصل إلى الصورة الأخيرة للقصة. حسنًا، وفقاً للمخرج زيميكس، كان عدد النسخ كبيراً للغاية، ويعلق على ذلك بقوله:
قمنا بإعادة كتابة القصة 125 مرة! وبهذا خضعت القصة لملايين التغييرات تقريباً أو مئات الآلاف منها. وهو أمرٌ معتاد حين نبدأ في صناعة أي فيلم. فالقصة لا تخرج من أول مرة أبداً. ذلك أنها تخضع لإعادة الكتابة لمرات لا حصر لها.
ولكن الحق يقال، هذا الرقم كبيرٌ حتى بالمقاييس الاعتيادية للمخرج زيميكس نفسه.
عايش المؤلف بعض الأحداث لكي يتمكن من استلهام القصة في الكتابة
أراد توم هانكس أن يعمل مع المؤلف ويليام برويلز بعد أن حقّق الاثنان معاً نجاحاً باهراً في الفيلم الأسطوري Apollo 13 للمخرج رون هاوارد. وكان تكليف برويلز بكتابة النص قراراً فارقاً في صناعة الفيلم، لأنه من دون الفريق الذي شكّله للعمل على فيلم Cast Away، لم يكن النص ليخرج إلى النور أبداً بهذه الصورة.
حين بدأ برويلز العمل على كتابة قصة الفيلم، ذهب بالفعل إلى معسكر للتدريب على البقاء على قيد الحياة، ليتعلّم المهارات المختلفة التي سيحتاجها بطل الفيلم للبقاء على قيد الحياة داخل الجزيرة. وخلال فترة مكوثه في هذا المعسكر تعلم كيفية صيد الأسماك وأكلها، وكسر ثمار جوز الهند، وجميع الأساسيات الأخرى للبقاء على قيد الحياة.
شخصية "الكرة ويلسون" جاءت من وحي تجربة حياتية حقيقية
الكرة الطائرة ويلسون هي من أشهر الجمادات في التاريخ السينمائي عامةً، وكل هذا بفضل الصداقة المُقنعة التي نشأت بينها وبين توم هانكس في الفيلم.
يرجع جزء من تصديقنا لهذه الصداقة بينهما إلى المهارة الرائعة التي أبداها هانكس على الشاشة، ولكن السبب الرئيسي الآخر هو أن كاتب الفيلم التقى فعلاً كرة طائرة على الشاطئ أثناء مغامرته في معسكر البقاء على قيد الحياة الذي دخله، واتخذها صديقاً يتبادل معه أطراف الحديث، ووجدت هذه الكرة طريقها في نهاية المطاف إلى النسخة النهائية من سيناريو الفيلم.
كاد توم هانكس أن يموت خلال تصوير Cast Away
كادت عدوى بكتيريا عنقودية تودي بحياة توم هانكس، حين جرح قدمه أثناء أحد مشاهد الفيلم ورفض علاجها لمدة طويلة. لم يعرف هانكس حتى آخر لحظة أنه على بُعد ساعة من الموت بعدوى بكتيريا عنقودية.
عقد مخرج الفيلم تجارب أداء لاختيار ماكينة الطباعة!
من بين الأمور المضحكة التي وردت من تعليقات فريق العمل بفيلم Cast Away، تعليق مهندس الصوت، الذي كشف أن ماكينة الطباعة التي ظهرت في المشهد الأول لتوم هانكس وخطيبته معاً قد تم اختيارها بعناية من جانب المخرج روبرت زيميكس.
فقد اختار المخرج هذه الماكينة لتكون ضمن فريق الممثلين في الفيلم بسبب صوتها. وعقد تجارب أداء للكثير من ماكينات الطبعات، لأنه كان يريد ماكينة لها صوتٌ يشبه اللحن الموسيقي.
يقول مهندس الصوت إنّهم حاولوا في مرحلةٍ ما بعد الإنتاج أن يعززوا صوت الماكينة. استمع المخرج بما يكفي لمحاولاتهم، لكنّه رفضها جميعاً في النهاية قائلاً: "لا، أريد الصوت الأصلي الذي اخترته".
وهنا يجب أنّ نذكر أنّ ماكينة التصوير والكرة ويلسون هما الجمادان الوحيدان اللذان حصلا على أدوارٍ محورية في هوليوود.
فيلم Cast Away كان خالياً من أي مقطع موسيقي مميّز لسببٍ بالغ الأهميّة
كانت معظم أجزاء فيلم Cast Away خاليةً تماماً من أي مقطع موسيقي، بخلاف التقليد المتَّبع في جميع أفلام هوليوود تقريباً. وهذا الأمر لم يكن بسبب عدم محاولة فريق العمل إيجاد مقطع مناسب. وإنّما عن وجهة نظر للمخرج، إذ يقول:
كنت أعرف، منذ بدأنا تصوير الفيلم، أنه سيكون خالياً من الموسيقى. بذلت وسعيت لإيجاد مقطع مناسب، وجرّبت وضع مقطعٍ مؤقت، ودخلت في محادثاتٍ طويلة مع الملحِّن، ولكن كل محاولاتنا لم تفلح، لأن الموسيقى أمرٌ معقد وحساس، من حيث إنها توجِّه الجمهور إلى ما يُفترض أن يشعر به.
وبدلاً من استخدام مقطع موسيقي، قرر المخرج ومهندس الصوت استخدام مؤثرات صوتية، تحتوي على العديد من الرموز والعناصر المتكرر. لكنّ ذلك لم يمنع ظهور المقطوعة الموسيقية لآلان سيلفستري أثناء اللحظات الحاسمة في رحلة تشك لمغادرة الجزيرة، ووصوله إلى اليابسة.
وصلت الشرطة للنجدة بسبب صراخ توم هانكس
كان الصوت مكوناً جوهرياً بالطبع لفيلم Cast Away، خصوصاً في غياب مقطوعة موسيقية مخصصة له كما ذكرنا سابقاً. ومن هنا قرّر قسم الصوت محاكاة الصوتيات الخارجية باستخدام حوارٍ مسجِّل داخل الاستوديو.
للتعامل مع هذا التحدي سجَّل فريق الصوت مقطعاً صوتياً نقياً في الاستوديو، وشغلوه خارج المكان باستخدام مكبِّر للصوت، ثم أعادوا تسجيله بحيث يخرج بالصورة التي يريدونه عليها.
جرت تلك التجربة داخل مزرعة في منطقة ظنوا أنها لن تثير أي شكوك، ولكن حين حانت لحظة تسجيل المشهد الذي يصرخ فيه توم هانكس من أعماق قلبه "النجدة!"، لفت الصوت الانتباه بسرعة بالغة، ورجال الأمن في المزرعة مستفهمين عن طلب النجدة، لكنّهم حين علموا بالأمر انسحبوا من الموقع واكتملت التجربة.
الكرة ويلسون الآن ممثلٌ حائز على جوائز!
ويلسون ويلسون ويلسون. حديث الساعة الذي كان بيت القصيد مراراً وتكراراً وأحد الشخصيات التي تمثل تيمة الصديق المفضل مدى الحياة الذين قدمتهم السينما.
غير أن فيلم Cast Away منح هذا الممثل الجماد شرفاً كبيراً، بفضل حصوله على لقب أفضل ممثل باختيار النقّاد. واصطحب معه كأس جائزة أفضل جماد ممثِّل في موسم ازدهار الجوائز التي نالها الفيلم، ولا يزال ويلسون المتلقِّي الوحيد لتلك الجائزة.
أخّر توم هانكس التصوير عام كامل ليخسر الوزن اللازم
ثمة أمر يلفت الأنظار حول صناعة فيلم Cast Away، إذ كان على المخرج إيقاف التصوير لمدة عام كامل، بحيث يتمكن توم هانكس من خسارة 23 كيلوجراماً ليوضّح الفرق في الوزن بين البطل في حياته ما قبل الجزيرة، وما بعدها.
ولكن هنا سؤال: كيف يمكن للمخرج أن يستبقي حماس المُنتج للفيلم رغم هذا التوقُّف؟ كان الجواب عند المخرج كالتالي: صناعة فيلم آخر، بنفس الطاقم، في غير موسم طرح الأفلام.
ووفقاً للمخرج كانت الطريقة الوحيدة ليكون الفيلم مجدياً من الناحية المالية هي صنع فيلم آخر في الفترة الفاصلة بين تصوير المشاهد، بحيث يتمكن من إدخال شركة الإنتاج في فيلمٍ آخر حتى لا تضطر إلى دفع رواتب الناس وهم لا يفعلون شيئاً لمدة عام، في انتظار توم هانكس ليخسر 23 كيلوجرام.
وقد نجحت تلك المغامرة جداً، ذلك أن فيلم Cast Away جاء في المرتبة الثالثة من حيث تحقيق أعلى العوائد في سوق السينما العالمية لعام 2000، بينما جاء فيلم What Lies Beneath في المرتبة العاشرة وهو الفيلم الذي شغل به المخرج شركة الإنتاج لحين استعداد توم هانكس للتصوير مرة أخرى بعد خسارة الوزن.
كلا الفيلمين صدرا في نفس العام، ووصل الأخير إلى دور السينما قبل Cast Away بحوالي خمسة أشهر.
لم يكن مسلسل Lost ليرى النور دون وجود فيلم Cast Away
القصة طويلة ومعقدة، وخلاصتها أنه لولا إلهام Cast Away أحد المسؤولين التنفيذيين لدى شبكة ABC لتبنِّي قصة الفيلم وتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، لم نكن لنرى مسلسل Lost المليء بالغموض والتشويق والذي يحظى بمشاهدةٍ عالية.
ما الذي كان في الصندوق الذي لم يفتحه توم هانكس في الفيلم؟
يتركز السؤال الأكبر في تاريخ الفيلم حول محتويات صندوقٍ واحد غامض. فقد ظهر "صندوق الملائكة" الذي رافق البطل في رحلته إلى الجزيرة المهجورة في صورة مصدر إلهامٍ كبير له، ذلك أنه كان دافعه الأساسي للبقاء على قيد الحياة والعودة إلى مخطوبته التي كان يفترض أنها في انتظاره.
ووفقاً لمجلة Cracked، فإن المسودّة الثالثة من سيناريو الفيلم فيها مشهد لم يُعرض يخبرنا بالضبط ما الذي كان في قلب الصندوق. وتظهر تعليمات هذه النسخة توجيه توم هانكس للقيام بما يلي:
يتقدم نحو الصندوق دون ترتيب ويفتحه بحجرٍ حاد. وفي الداخل يجد زجاجتين من الصلصة الخضراء. وخطاباً. كان الخطاب من بيتينا مالكة المزرعة (لاري وايت)، تتوسَّل فيها إلى زوجها أن يعود. وكما رأينا في بداية الفيلم، وفي المشهد الأخير بين شخصيتي وايت وهانكس، كان ديك يقيم في روسيا مع عشيقته، وربما كان هانكس في طريقه ليطلب من بيتينا أن تواعده بعد لقائهما الأول.
كان الجمهور قاسياً في العرض التجريبي لفيلم Cast Away
ثمة حقيقة واحدة مثيرة لا بد أن نعرفها عن فيلم Cast Away: حصل الفيلم على أقل تقييم من بين جميع أفلام المخرج روبرت زيميكس في العرض التجريبي. ورأى المخرج أن الأرقام أشارت إلى أن الفيلم سيخفق إخفاقاً ذريعاً، وليس إلى أنه سيصبح في المرتبة الثالثة من حيث إيرادات أفلام عام 2000.
وفي حين كشفت العروض التجريبية غضب المراهقات من أن البطل وخطيبته كيلي لم يتزوجا في نهاية المطاف، بيَّنت أن النساء في عمر 21 فما فوق فهمن الفكرة. والآن، بعد هذه التجربة، أصبح المخرج زيميكس يرفض مفهوم العروض التجريبية؛ ذلك لأن الفيلم شجّع العديد من رواد السينما الذين انقطعوا عنها إلى العودة إليها مرة أخرى.