نبّه العديد من العلماء، الثلاثاء 9 يونيو/حزيران 2020، إلى أنه في الوقت الذي تتزعم فيه منظمة الصحة العالمية مواجهة جائحة فيروس كورونا، فإنها تخفق في تقييم نتائج البحوث سريعة التطور والحديث عنها بوضوح، الأمر الذي يضع المنظمة تحت مزيد من الضغوط، خصوصاً في ظل انتقاد أمريكا المستمر لها.
تخبُّط في تصريحات المنظمة: في مؤتمر صحفي يوم الإثنين 8 يونيو/حزيران، أكدت مسؤولة في منظمة الصحة العالمية أن انتقال فيروس كورونا من خلال أشخاص مصابين دون أعراض "شديد الندرة"، إلا أن المنظمة تراجعت يوم الثلاثاء عن هذا الزعم، بقولها إنه "سوء فهم"، بعد هجوم باحثين عليها.
لكنها ليست المرة الأولى التي يبدو فيها تقييم منظمة الصحة العالمية بعيداً عن الرأي العلمي، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times الأمريكية، الثلاثاء 9 يونيو/حزيران 2020.
إذ لم تصادق المنظمة على أهمية الكمامات لعامة الناس إلا يوم الجمعة الفائت، زاعمةً أنه لا يوجد الكثير من الأدلة التي تُثبت أنها تمنع انتقال الفيروس، في الوقت الذي يوصي فيه جميع العلماء والحكومات تقريباً بارتداء الكمامات منذ شهور.
كذلك ردَّدت منظمة الصحة العالمية كثيراً أنَّ الرذاذ الخفيف المحمول جواً، أو الهباء الجوي، ليسا عاملاً مهماً في انتشار الجائحة، رغم أن الكثير من الأدلة تشير إلى أنهما قد يكونان كذلك.
انتقادات للمنظمة: يقول مايكل أوسترهولم، خبير الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا: "منظمة الصحة العالمية لا تتوافق مع معظم دول العالم فيما يتعلق بمسألة الرذاذ والهباء الجوي".
أما الدكتور آشيش جها، مدير معهد هارفارد للصحة العالمية، فقال إنه "من ناحية، لا أريد التماس العذر لمنظمة الصحة العالمية، لأنه من الصعب فعل ذلك في ظل انتشار جائحة. وفي الوقت نفسه نحن نعتمد عليها لإطلاعنا على أدقّ البيانات والأدلة العلمية".
من جانبه، قال لورنس جوستين، مدير المركز التعاوني لقانون الصحة الوطني والعالمي في منظمة الصحة العالمية: "مسؤولية منظمة الصحة العالمية الأولى والأهم هي أن تكون القائد العلمي، وعندما تخرج بأشياء تتناقض تناقضاً واضحاً مع المؤسسة العلمية دون أي مبرر أو استشهاد بالدراسات، فإن ذلك يقلل بشكل كبير من مصداقيتها".
إضافة إلى ذلك، يشك بعض العلماء في أن موقف منظمة الصحة العالمية من الكمامات والهباء الجوي قد يكون نابعاً من قلقها إزاء إمدادات معدات الحماية الشخصية للعاملين في المجال الطبي أكثر منه من البحث العلمي.
إلا أن الدكتورة فان كيرخوف، المديرة الفنية لمواجهة فيروس كورونا في منظمة الصحة العالمية، تقول إن إرشادات منظمة الصحة العالمية تستند إلى العلم وحده، وليس إلى أي اعتبارات تتعلق بالمستلزمات الطبية. وتقول إنه رغم أن نقص معدات الوقاية يمثل مشكلة، فإنه "لا يغير ما نوصي به".
بدورهم قال خبراء إن الأمر ليس أن منظمة الصحة العالمية مخطئة من جميع النواحي، ولكن بالنظر إلى الآثار المترتبة على تصريحاتها، فلابد أن تكون أكثر حذراً في استنتاج أن انتقال الفيروس عن طريق الجو أو الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض ليس مهماً.
أشار بعض الخبراء أيضاً إلى أنه عندما تستخدم منظمة الصحة العالمية عبارة "لا يوجد دليل" للإشارة إلى انعدام اليقين، فإن ما يُفهم منها في الواقع هو اليقين بغياب ظاهرة ما.