كشفت وكالة رويترز، الأحد 7 يونيو/حزيران 2020، عن تسريع حملة في روسيا لتجنيد سوريين للقتال بليبيا لحساب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، مشيرةً إلى أن الحملة توسعت وتسارعت خطاها خلال مايو/أيار الماضي، عندما وافق مئات المرتزقة على المشاركة في المعارك ضد حكومة الوفاق المُعترف بها دولياً.
إشراف الجيش الروسي: الوكالة استقت معلوماتها من خمسة مصادر في المعارضة السورية، ومصدر إقليمي مطلع، وذكرت المصادر أن شركة "فاغنر" للتعاقدات العسكرية تتولى ترتيب التعاقد تحت إشراف الجيش الروسي.
كذلك قال عضو سابق في "فاغنر"، إن الشركة أرسلت سوريين إلى ليبيا للمرة الأولى في العام 2019، وأشارت رويترز إلى أنها لم تتلق رداً من وزارة الدفاع الروسية و"فاغنر" على أسئلة وجَّهتها بخصوص إقحام مقاتلين سوريين في معارك ليبيا.
يقول مصدر كبير بالمعارضة السورية -لم تذكر رويترز اسمه- إن المجندين الجدد في الحملة الروسية دعماً لحفتر، بينهم 300 من منطقة حمص وبعضهم مقاتلون سابقون في الجيش السوري الحر (قبل إجراء تسويات مع النظام)، وقال مصدر ثالث إن 320 فرداً من المجندين من الجنوب الغربي.
وكان عدد كبير من مقاتلي المعارضة السورية السابقين ظلوا في المناطق التي استعادها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون، ووقّعوا اتفاقات تلزمهم بالولاء للدولة، غير أنهم يخضعون لقيود مشددة ورقابة السلطات.
أما المصدر الإقليمي فذكر أن وتيرة التجنيد تزايدت مع اشتداد حدة القتال في ليبيا وهدوء الحرب بسوريا، كما نقلت الوكالة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، قوله إن روسيا جندت أكثر من 900 سوري للقتال بليبيا في مايو/أيار 2020.
تدريب المقاتلين: يخضع المجندون لتدريب في قاعدة بمحافظة حمص قبل توجههم إلى ليبيا، وفقاً لما قالته المصادر التي ذكرت أن مرتباتهم تتراوح بين 1000 و2000 دولار في الشهر.
أشارت رويترز إلى أنَّ نقل مقاتلين إلى الأراضي الليبية يُعد انتهاكاً لحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة، وقد حث القائم بأعمال مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا مجلس الأمن، يوم 19 مايو/أيار 2020، على وقف "تدفق هائل من السلاح والعتاد والمرتزقة" إلى ليبيا.
كان تقرير سري أعدته الأمم المتحدة، في مايو/أيار، قال إن "فاغنر" لها عدد يصل إلى 1200 شخص بليبيا، في حين نفت الدولة الروسية وجود قوات لها بليبيا.
في هذا السياق، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال في يناير/كانون الثاني 2020، مُعلّقاً على ما إذا كانت مجموعة "فاغنر" تقاتل في ليبيا، إنه "إذا كان هناك روس في ليبيا فإنهم لا يمثلون الدولة الروسية ولا تدفع لهم الدولة أي أموال".
أيضاً أعرب مسؤولون أمريكيون، في السابع من مايو/أيار، عن اعتقادهم أن روسيا تعمل مع الأسد على نقل مقاتلين من الفصائل وعتاد إلى ليبيا، لكن رغم جميع تصريحات هؤلاء المسؤولين وأدلة الأمم المتحدة، نفى متحدث باسم قوات حفتر تجنيد مقاتلين سوريين.
خسائر حفتر: على الرغم من الاستعانة الكبيرة لحفتر بقوات من المرتزقة، فإن سلسلة من الهزائم لحقت به خلال الأيام الأخيرة، إذ سيطرت قوات الوفاق على آخر معاقل حفتر قرب طرابلس يوم الجمعة 5 يونيو/حزيران 2020، لتتوج بذلك انهيار هجوم بدأ قبل 14 شهراً على العاصمة.
تُوسع هذه التطورات سيطرة حكومة الوفاق الوطني لتشمل معظم شمال غربي ليبيا، ولا يزال حفتر وجماعات متحالفة معه يسيطرون على شرق البلاد ومعظم الجنوب وعلى معظم حقول النفط في ليبيا.
تلك الخسائر دفعت حفتر إلى السفر لمصر، والموافقة بشكل عاجل على مبادرة طرحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تنص على وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل مجلس رئاسي، لكن حكومة الوفاق رفضتها وقالت إن حفتر يريد الهدنة بسبب هزائمه.
صراع نفوذ: ويقول خبراء إن الدور الذي تلعبه موسكو في ليبيا يعد امتداداً لطموحها إلى إبراز نفوذها بمنطقة شرق المتوسط، ويحظى حفتر ليس بدعم من روسيا فحسب؛ بل من الإمارات ومصر والأردن أيضاً، وتنفي هذه الدول أن لها دوراً مباشراً في الصراع.
في المقابل تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني وقد أبرمت معها اتفاقيات تتعلق بالحدود البحرية، دعماً لمصالحها أيضاً في المنطقة.
وللتدخل الروسي والتركي لصالح طرفي الصراع الليبي أصداء من الحرب السورية، حيث أيد كل منهما طرفاً مختلفاً فيها. وقد حذَّر الخبراء من أن ذلك يذكي أيضاً فرص تفاقم الصراع.
في هذا السياق، قال جوشوا لانديس رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن "روسيا وتركيا تعملان على زيادة العدة والعتاد لكل منهما في ليبيا، حيث يأتي الدور الأوروبي بعدهما مباشرة".
من جانبه، قال صالح نمروش نائب وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، في تصريح لـ"رويترز"، إنَّ طلب الدعم العسكري جاء رداً على ما وصفه بالتدخل الدولي في ليبيا.
أضاف أن تركيا "هي الدولة الوحيدة التي أبدت استعدادا لمساعدة حكومة الوفاق في إنهاء ما وصفه بقتل المدنيين على نطاق واسع وما تسببت فيه الإمارات وروسيا وغيرهما من دمار".