بأغلبية ساحقة صوَّت الكونغرس بغرفتيه مؤخراً، على قانون أمريكي يعاقب الصين بسبب اضطهادها للإيغور، فما هي تفاصيل هذا القانون؟ وما هي الشخصيات الصينية التي ستتم معاقبتها وفقاً له وهل يتم اعتماده وتفعيله من قِبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
فبأغلبية 413 عضواً واعتراض عضو واحد فقط، أُجيز القانون بمجلس النواب، بينما أُجيز في مجلس الشيوخ بالإجماع.
وكان النائب توماس ماسي، الجمهوري عن ولاية كنتاكي، هو المشرّع الوحيد الذي عارض مشروع القانون.
القانون ليس سارياً بعد
ويحمل القانون اسم قانون الإيغور لحقوق الإنسان، ويأتي رداً على احتجاز أكثر من مليون مسلم في معسكرات الاعتقال، فيما يوصف بأنه "إبادة ثقافية تمارسها الصين"، حسب تعبير مايكل ماكول، أكبر جمهوري في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.
وعكس مشروع القانون تأييد الكونغرس الواسع لمعاقبة بكين على حملتها ضد الإيغور والأقليات العرقية المسلمة، ويمثل ضغطاً على إدارة ترامب للعمل على إدانة الاعتقالات الصينية لقطاع كبير من شعب الإيغور.
ومُرر التشريع بمجلس الشيوخ أولاً منتصف شهر مايو/أيار 2020، وبمجلس النواب، في نهاية الشهر ذاته.
وتم إرسال القانون إلى الرئيس ترامب، وهو الأمر الذي قد يضعه أمام خيار اتخاذ موقف أكثر عدوانية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، إذ لن يصبح سارياً إلا باعتماده من قِبل الرئيس.
وعلى الرغم من أن مؤيدي ترامب الجمهوريين قالوا إنهم يتوقعون التوقيع على مشروع القانون، فإن البيت الأبيض لم يشر بعد إلى ما إذا كان سيفعل ذلك.
إجراء غير مسبوق.. إليك المسؤولين الصينيين الذين سيعاقَبون وفقاً للقانون
ويدعو مشروع القانون إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن قمع الإيغور والجماعات الإسلامية الأخرى في إقليم شينجيانغ بالصين، حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مليون مسلم قد اعتُقلوا في المخيمات.
ويحدد القانون بالاسم شين كوانغو، الأمين العام للحزب الشيوعي في إقليم شينجيانغ، حيث توجد المخيمات، ويصفه بأنه مسؤول عن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" ضد الإيغور.
إذ يدعو القانون الرئيس الأمريكي إلى فرض عقوبات على كوانغو بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي (Magnitsky Act)، وهو قانون يخول للحكومة الأمريكية معاقبة من تعتبرهم من منتهكي حقوق الإنسان، وتجميد أصولهم، ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.
وهذه ستكون أول مرة يتم فيها فرض مثل هذه العقوبات على عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني.
ويفوض مدير المخابرات الوطنية الأمريكية بأن يصدر قائمة بالشركات الصينية المشارِكة في بناء وتشغيل المخيمات.
كما سيوجه القانون -إذا تم اعتماده- مدير المخابرات الوطنية لتقديم تقرير إلى الكونغرس حول القضايا والإشكاليات الأمنية التي تسببت بها حملة الحكومة الصينية ضد الإيغور.
ويأمر مكتب التحقيقات الفيدرالي بالإبلاغ عن الجهود المبذولة لحماية الإيغور والمواطنين الصينيين في الولايات المتحدة.
ويوجه الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي للإبلاغ عن القضايا المتعلقة بالإيغور في وسائل الإعلام الصينية.
وبالنسبة لوزارة الخارجية الأمريكية فإن عليها الإبلاغ عن نطاق حملة الحكومة الصينية ضد الإيغور.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي: "مع هذا التشريع الساحق من الحزبين، يتخذ الكونغرس الأمريكي خطوة حازمة لمواجهة انتهاكات بكين المروعة لحقوق الإنسان ضد الإيغور"، وأضافت: "يجب أن نواصل قرع الطبول وإلقاء الضوء على الانتهاكات التي ترتكبها بكين ضد الإيغور كلما استطعنا".
وتابعت: "إن أعمال بكين الهمجية التي تستهدف شعب الإيغور تثير غضب الضمير الجماعي للعالم".
التمهيد له بدأ قبل عام، وإدارة ترامب لم تكن تريد معاقبة الصين بسبب الإيغور
وبدأت الجهود لتشريع هذا القانون قبل عام، خاصة بعد شعور النواب والشيوخ المعادين للصين بالإحباط من إحجام إدارة ترامب عن معاقبة انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها بكين، على الرغم من التقارير عن حملة التلقين الوحشي ضد الإيغور.
وكان البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأمريكية قد امتنعا في السابق عن فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين، المسؤولين عن المعسكرات؛ خوفاً من تعريض فرص التوصل إلى صفقة تجارية مع بكين للخطر، على الرغم من أن وزارة التجارة الأمريكية أدرجت في العام الماضي، على القائمة السوداء ثماني شركات صينية تم استخدام منتجاتها لمراقبة الإيغور.
ما الذي تغير وأدى لإصدار قانون أمريكي يعاقب الصين بسبب اضطهادها للإيغور في هذا التوقيت؟
أصبحت العلاقات بين ترامب والحكومة الصينية متوترة بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة، حيث ألقى ترامب باللوم على بكين في تفاقم جائحة فيروس كورونا.
ومع تصاعد التوترات مع الصين، اتخذ مساعدو حملة ترامب في الأسابيع الأخيرة، استراتيجية على مستوى الحزب لمهاجمة بكين، ويُعتقد أن ذلك سببه جزئياً إبعاد الأنظار عن طريقة تعامل الإدارة للتحول مع الأزمة الصحية، حسب صحيفة The New York Times.
ومُرر قانون الإيغور لحقوق الإنسان بعد ساعات من إبلاغ وزير الخارجية مايك بومبيو للكونغرس أن الإدارة لم تعد تعتبر هونغ كونغ مستقلة عن الصين.
ونفت الصين بشدةٍ التقارير التي تفيد بحدوث انتهاكات في شينجيانغ، ووصفت المخيمات بأنها مرافق تصحيحية تهدف إلى تدريب العاملين. لكن الأدلة الدامغة، ومن ضمنها الوثائق الرسمية والتقارير الإخبارية وشهادات المعتقلين المفرج عنهم، تُظهر أكثر برامج الاعتقال شمولية في البلاد منذ عهد ماو.
سخِروا من إيمانها بالله
"قام سجّانوها الصينيون بتقييد الفتاة على طاولة، وزادوا التيارات الكهربائية التي تدور في جسدها، وسخروا من إيمانها بالله".
كانت هذه قصة فتاة من الإيغور رواها النائب الجمهوري كريستوفر سميث، أحد رعاة القانون، أمام مجلس النواب الأمريكي.
القصة سمعها النائب من الفتاة التي كانت محتجزة وتم الإفراج عنها، لتكشف عن واحدة من المآسي التي تقع هناك.
وقال سميث: "لا يمكن أن نظل صامتين"، "شي جين بينغ يحطم ويطمس شعباً كاملاً".
من جانبه، قال دولكون عيسى، رئيس المؤتمر العالمي للإيغور، في بيان: "نحث الرئيس ترامب على التوقيع على سياسة الإيغور لحقوق الإنسان، ليصبح قانوناً على سبيل الأولوية، واتخاذ خطوات فورية لتطبيقها".
وأضاف: "إن مجتمعنا بحاجة إلى حكومة الولايات المتحدة والحكومات في جميع أنحاء العالم لاتخاذ إجراءات حقيقية وذات مغزى، كما هو منصوص عليه في هذا القانون. بعد سنوات من المعاناة والإحباط، يحتاج شعب اليوغور إلى الأمل".