تخطط مجموعة من الشخصيات السعودية البارزة المسجونة وحلفاؤهم للدفع بقضاياهم في واشنطن، بما في ذلك الاستعانة بخدمات جماعات ضغط، لها صلات بمحيط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك بعدما استنتجوا أنهم من غير المحتمل أن يحصلوا على حريتهم بالتماس ذلك من حكومتهم مباشرة.
الضغط على الرياض: ويأتي المشهد غير المعهود لسعوديين يتحدثون علناً عن الانقسامات العميقة داخل العائلة الملكية، في وقت يحفل بالتحديات للسعودية وحاكمها الفعلي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times، الإثنين 18 مايو/أيار 2020.
أشارت الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان (34 عاماً) يكافح ليتجاوز بدولته أزمة تدهور الاقتصاد الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، بينما يواجه في الوقت نفسه مخاوف بشأن وضع حقوق الإنسان في المملكة أثيرت جزئياً نتيجة موجات من اعتقال الأمراء والمسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والنشطاء والصحفيين.
لذلك وفي محاولة واضحة لاستغلال الوضع، تواصل حلفاء العديد من السعوديين في الأسابيع الأخيرة مع محامين ومستشارين في واشنطن، بخصوص حملات قانونية وحملات ضغط وعلاقات عامة، من أجل وضع حد لما يقولون إنه اضطهاد سياسي تمارسه المملكة.
تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن مساعداً كبيراً سابقاً للأمير سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود وقّع الجمعة 15 مايو/أيار 2020، اتفاقية بقيمة 2 مليون دولار للاستعانة بخدمات Robert Stryk، إحدى جماعات الضغط في واشنطن ذات الصلة الوثيقة بدوائر السياسة الخارجية لإدارة ترامب، من أجل "مناصرة الإفراج" عن الأمير، بموجب عقد الاتفاقية.
من جانبها، وجَّهت الأميرة بسمة بنت سعود، ابنة ملك السعودية الثاني، وهي أحد أفراد آل سعود المسجونين، مناشدة علنية للإفراج عنها، بينما تواصل ممثلوها سراً مع محامين ومستشارين في واشنطن ولندن خلال الشهر الجاري بهدف حشد الدعم لقضيتها.
ويأمل حلفاء السعوديين الذين سجنهم ولي العهد وممثلوهم في واشنطن في استغلال الوضع الحالي للضغط على الأمير محمد بن سلمان، للإفراج عنهم من خلال مزيج من الضغط وجهود العلاقات العامة، لتسليط الضوء على مخاوف حقوق الإنسان والإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها في المحاكم الدولية، وذلك وفقاً لأشخاص مطلعين على تلك الجهود.
خطة الضغط: تشير الملفات المُقدَّمة من شركة استشارات Sonoran Policy Group التابعة لشركة Robert Stryk، إلى وزارة العدل الأمريكية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، إلى أنَّ الشركة ستضغط من أجل إطلاق سراح الأمير سلمان لدى حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي.
وقَّع العقد، الذي يستمر 6 أشهر، هاشم مغل، باكستاني مقيم في باريس وُصِف في الملفات بأنه "مساعد كبير سابق" للأمير سلمان.
كذلك أكد ممثل أسرة الأميرة بسمة أنه هو وأحد أقارب الأميرة اتصلا بمكاتب محاماة في واشنطن ولندن، بشأن العمل من أجل إطلاق سراحها، لكنه قال إنهم لم يتمكنوا من توظيف أية شركة، لأنَّ الحكومة السعودية جمَّدت حسابات الأميرة بسمة المصرفية بعد مناشدتها العلنية على تويتر للإفراج عنها.
وكان سعد بن خالد الجابري من كبار مستشاري الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق وأحد الأمراء المعتقلين، في الرياض، وفي الشهر الماضي، استعانت شركة تابعة لأحد أبنائه، خالد الجابري، وهو أخصائي أمراض قلبية مقيم في تورونتو، بخدمات شركة الضغط المملوكة لباري بينيت، مستشار حملة ترامب السابق.
تهدف الضغوط إلى السماح بـ"هجرة الرعايا الأجانب لأسباب إنسانية"، وفقاً لمستندات ضغط مقدمة. ولا تشير المستندات إلى هوية الأشخاص الذين يُطالب بالسماح بهجرتهم أو السبب، بحسب صحيفة The New York Times.
في هذا السياق، قالت كريستين فونتينروز، من مبادرة Scowcroft Middle East Security التابعة للمجلس الأطلسي، إنَّ الضغوط التي يواجهها الأمير محمد بن سلمان تجعل الظرف الراهن يبدو من بعض النواحي "وقتاً مثالياً للضغط" عليه من أجل إطلاق سراح السجناء.
لكنها أشارت إلى أنَّ شركات المحاماة وجماعات الضغط الأمريكية قد تجد صعوبة في إقناع إدارة ترامب "بالسبب القهري الذي يجعل هذه المسألة أولوية في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة والسعودية مسائل أخرى عديدة" ذات طبيعة جيوسياسية أكثر إلحاحاً.
كما تكهَّن البعض في واشنطن والرياض بأنَّ الأمير سلمان ربما يكون قد أثار غضب ولي العهد السعودي بعدما التقى في الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 مع النائب الديمقراطي لولاية كاليفورنيا آدم شيف، الذي كان من أبرز منتقدي ترامب، ولاحقاً مدير حملة مساءلته البرلمانية.