سمعتَ على الأرجح عن حرب فيتنام، ولكن ماذا عن "الحرب السرية" في لاوس؟ يَعُجُّ التاريخ بصراعات تحوّلت إلى مُجرّد قصص صغيرة في كُتب التاريخ الأمريكية، وأحياناً لا تجد لها أثراً في تلك الكتب.
إليكم خمس حروب أمريكية سرية أو منسيَّة، غالباً ما تتعرض للتجاهل في كتب التاريخ، وفق ما ذكرته شبكة History الأمريكية.
الحرب الفلبينية-الأمريكية
إبان الحرب الإسبانية-الأمريكية، أعلن مُتمرِّدو الفلبين استقلالهم بعد 300 عام من الحكم الإسباني، ليجدوا أن أحلامهم بالحرية قد شُطِبَت بالأقلام عند توقيع معاهدة باريس عام 1898، إذ سُلِّمت الفلبين إلى الولايات المتحدة.
لذا أعلن زعيم المتمردين إيميليو أغوينالدو، الثورة بعد أن شكَّل جمعيةً ثورية وضعت أول دستورٍ ديمقراطي في آسيا.
وردَّت الولايات المتحدة بإرسال الجنود، الذين لقي أكثر من أربعة آلاف منهم مصرعهم بنهاية الحرب، أي 10 أضعاف الأمريكيين الذين قُتلوا في الحرب الإسبانية-الأمريكية.
وكانت الخسائر في صفوف السكان المحليين أسوأ بكثير، إذ فقد نحو 20 ألف مُتمرِّد أرواحهم، إلى جانب عددٍ غير معلوم من المدنيين في الحرب من أجل الاستقلال.
استمرت الحرب منذ سنة 1899 حتى 1913.
وكتب ديفيد سيلبي، المدير المساعد في جامعة كورنيل بواشنطن ومُؤلِّف كتاب "حرب الحدود والإمبراطورية":
"إن الحرب الفلبينية-الأمريكية كانت آخر حروبنا المصيرية وتوسعاتنا الغربية، وأولى حروبنا البرية الإمبريالية في آسيا. إذ كانت الولايات المتحدة تُجرِّب الدور الذي ستلعبه على المسرح العالمي، لتحمل معها المواقف العنصرية والثقافية المُعقّدة كافةً التي شكّلت المجتمع الأمريكي على أرض الوطن".
الحرب الكورية: "الحرب المنسيَّة"
كانت الحرب الكورية (1950-1953) أول تحرُّكٍ عسكري إبان الحرب الباردة، لكن انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية غطَّى على تلك الحرب، مما أكسبها لقب "الحرب المنسية".
واندلعت الحرب حين اجتاز الجيش الشعبي الكوري الشمالي الشيوعي خط عرض 38° شمالاً إلى جمهورية كوريا المدعومة من الغرب (كوريا الجنوبية حالياً).
فأُرسِلَت القوات الأمريكية لدعم الجنوب، في حين لقي أكثر من خمسة ملايين جندي ومدني مصرعهم بحلول وقت إعلان وقف إطلاق النار عام 1953. ولم يجرِ توقيع اتفاقية سلام رسمية حتى يومنا هذا.
وكتبت شيلا ميوشي جاغر، أستاذة دراسات شرق آسيا في جامعة أوبرلين ومُؤلفة كتاب "حرب الإخوة":
"تتوقَّف غالبية تأريخات الحرب الكورية عند الهدنة، وتُعرض حقيقة عدم توقيع معاهدة سلام مطلقاً على أنها حقيقةٌ عجيبة، وهذا كل ما في الأمر. ولكن عدم وجود نتيجة نهائية للحرب الكورية أبقاها على قيد الحياة؛ حتى تُؤثّر بشكلٍ كبير على الشؤون الآسيوية".
"الحرب السرية" في لاوس
تُعَدُّ لاوس الدولة الأكثر تعرُّضاً للقصف مقارنةً بتعداد سكانها في العالم.
إذ كان القصف الأمريكي للاوس (1964-1973) جزءاً من محاولةٍ سرية لوكالة الاستخبارات المركزية من أجل انتزاع السلطة من جماعة باثيت لاو، وهو تنظيمٌ شيوعي تحالف مع فيتنام الشمالية والاتحاد السوفييتي إبان حرب فيتنام.
وكانت لاوس مهمةً في خطة دوايت أيزنهاور التي تعتمد على نظرية الدومينو، من أجل إبقاء الشيوعية داخل حدودها، في حين صعَّد جون كينيدي وليندون جونسون وريتشارد نيكسون عمليات القصف التي ركّزت في الأغلب على استهداف طرق الإمدادات المملوكة للفيتناميين الشماليين بطول ممر "هو تشيه منو هو" الذي يمتد من فيتنام إلى كمبوديا ولاوس.
وفي حين أثار اجتياح وقصف الولايات المتحدة لكمبوديا احتجاجات دولية، ظلت الحرب السرية في لاوس مغلَّفة بالكتمان رغم أنها مثّلت الانطلاقة العسكرية الفعلية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التي ستمضي لتخوض حروباً بالوكالة في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.
الإبادة الجماعية الكمبودية
أدَّت الإبادة الجماعية الكمبودية (1975-1979) إلى مصرع أكثر من مليوني شخص على يد بول بوت وحزب الخمير الحمر، وتفاقمت بسبب القصف والغزو الأمريكي لكمبوديا.
إذ كتب فادي راتنر، مُؤلف "Shadow of the Banyan and Music of the Ghosts":
"بينما كانت مذبحة الخمير الحمر كارثة ارتكبها الكمبوديون، سبَّبت حملة القصف الجوي الأمريكية دماراً وفوضى سمحت للخمير الحمر بالاستيلاء على السلطة. وكان ذلك القصف، الذي استمر ثماني سنوات وظل مخفياً عن أعين الأمريكيين وقتاً طويلاً، في أعين المسؤولين الأمريكيين بمثابة (عرضٍ جانبي على هامش حرب فيتنام)".
الحروب الأمريكية-الهندية
يتعرّف كثير من تلاميذ المدارس الابتدائية في الولايات المتحدة على السكان الأصليين لأمريكا في سياق عيد الشكر الأول.
ولا تأتي المقررات على ذكرهم ثانيةً، باستثناء الملاحظات الجانبية في خطط الدروس حول القدَر المتجلي والغرب الأمريكي، وهي الرواية التي تنتهي عادةً بمذبحة ووندد ني (الرُّكبة الجريحة) عام 1890.
ويجمع مصطلح "الحروب الأمريكية-الهندية" عدة صراعات بين مختلف القبائل والمستوطنين طيلة نحو ثلاثة قرون من التاريخ الأمريكي.
وكتب ديفيد تريور، مؤلف "نبض الرُّكبة الجريحة The Heartbeat of Wounded Knee":
"بدلاً من كونها قصةً جانبية في التاريخ الأمريكي الصحيح، يجب أن نتعامل مع تاريخ الأمريكيين الأصلي على أنه التاريخ الأمريكي. لا يُمكننا مثلاً فهم الثورة الأمريكية دون اعتبار أن أحد أهم أسباب الثورة ضد بريطانيا كان يتعلّق بالتساؤلات حول ما إذا كان يحق للمستعمرين أو الأسياد البريطانيين أن يجنوا فائدة التوسُّع غرباً، ولا يُمكن فهم التوتّرات بين حقوق الولايات والسلطة الفيدرالية دون أن تفهم قصة إزالة خمس قبائل حضرية من جنوب شرقي أمريكا في عشرينيات وثلاثينيات القرن التاسع عشر، وكيف مهَّد ذلك الطريق أمام توسيع الرق، لقد كان السكان الأصليون مُشاركين ومتورِّطين منذ البداية في صُنع أمريكا".