12 مليون دولار مخصصة للبلديات العربية في إسرائيل مقابل مليار دولار رصدتها للسلطات المحلية اليهودية، إنه مثال فج يوضح العنصرية الإسرائيلية في التعامل مع العرب حتى في زمن الكورونا.
ويُفترض أن السلطات المحلية العربية في إسرائيل ستواجه تداعيات فيروس كورونا بهذه الأموال، بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليق إجراءات الإغلاق في البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا.
ويعني ذلك أن نصيب المواطن الإسرائيلي اليهودي من ميزانية المحليات يبلغ 25 ضعف نصيب المواطن العربي صاحب الأرض، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية ولكنه محروم من أغلب الحقوق.
احتجاجات على العنصرية الإسرائيلية في التعامل مع العرب
ودفع هذا الوضع السلطات المحلية العربية بالداخل الفلسطيني إلى إعلان إضراب مفتوح؛ احتجاجاً على التمييز في رصد الميزانيات الحكومية لمواجهة وباء كورونا، وعدم جاهزية المدارس العربية لاستقبال الطلاب أسوة بالمدارس اليهودية التي انتظمت بها الدراسة.
ويضم الحكم المحلي العربي في إسرائيل 65 قرية ومدينة، حسبما ورد في تقرير لموقع "الجزيرة".
وأطلقت اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية سلسلة من الخطوات الاحتجاجية التي تطالب بتعويضات مالية بقيمة 60 مليون دولار عن خسائرها من جراء الإغلاق، وتخصيص ميزانيات لجاهزية العودة للمدارس.
ويشمل الإضراب الذي تزامن مع تعليق الدراسة وإغلاق المدارس العربية لمدة أسبوع، والذي أعلنته الهيئة العربية للطوارئ، جميع أقسام ومؤسسات السلطات المحلية، على أن يجري الخميس تقييم الأوضاع واتخاذ القرارات بشأن إمكانية استئناف الدراسة وعودة الطلاب العرب لمقاعد الدراسة الأسبوع المقبل، في ظل هواجس من موجة ثانية لتفشي فيروس كورونا بالداخل الفلسطيني.
كما نظم رؤساء السلطات المحلية العربية احتجاجات ومظاهرات رافقت الإضراب المتواصل لليوم الثالث، وجرى اعتصام قبالة وزارة المالية الإسرائيلية في القدس المحتلة، بمشاركة عشرات من رؤساء البلديات والمجالس العربية ونواب القائمة المشتركة الذين أدرجوا مطالب تعويض الحكم المحلي من جراء الإغلاق، ورصد ميزانيات خاصة لتجهيز المدارس، على جدول أعمال الكنيست ولجنة كورونا البرلمانية ووزارة التربية والتعليم.
على وشك الانهيار
وقال رئيس اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية المحامي مضر يونس، لـ"الجزيرة نت"، إن المجتمع العربي يواجه تداعيات أزمة كورونا دون أي دعم حكومي أسوة بالدعم الذي تحصل عليه السلطات المحلية اليهودية.
وأضاف يونس أن أزمة كورونا كبَّدت السلطات المحلية العربية، التي أغلقت أبوابها بقرار حكومي، خسائر مالية بقيمة 60 مليون دولار، من انعدام جباية ضرائب "الأرنونا"، فضلاً عن الموارد التي رصدتها من ميزانياتها العادية لمواجهة جائحة كورونا والحد من انتشارها بالبلدات العربية.
وتابع أن السلطات المحلية العربية باتت على وشك الانهيار وعاجزة عن تقديم الخدمات والرعاية للمواطنين العرب لتحصينهم من فيروس كورونا، وغير قادرة على تجهيز المدارس لاستئناف الدراسة وعودة آمنة للطلاب، محذراً من مغبَّة تفشي الفيروس بالمجتمع العربي إذا واصلت الحكومة الإسرائيلية سياسية التهميش والتمييز في رصد الميزانيات.
وأكد رئيس اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، أن نهج التمييز العنصري من قِبل الحكومة أجبر الحكم المحلي العربي على الشروع في خطوات احتجاجية والإضراب الشامل.
وأوضح أن مختلف الوزارات الحكومية تتنكر لاحتياجات المجتمع العربي لمواجهة جائحة كورونا، رافضاً أن يكون الطلاب العرب حقل تجارب ورهينة للفيروس والوباء، وعليه أتى هذا الإضراب الذي ستعقبه خطوات نضالية تصعيدية، في حال استمرت الحكومة في تجاهل مطالب لجنة الرؤساء.
الموقف نفسه عبَّر عنه رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي شرف حسان، الذي أكد أن قرار عدم عودة الطلاب العرب إلى المدارس في هذه الظروف كان قراراً صائباً حسب الغالبية الساحقة من الاختصاصيين والمهنيين، واتخذته الهيئات التمثيلية، استناداً إلى توصية مهنية للجنة الصحة القُطْرية وهيئة الطوارئ العربية.
ورغم تعليق الدراسة في ظل انعدام المساعدات المالية والدعم الحكومي، اقترح رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي على السلطات المحلية العربية أن تستغل هذا الأسبوع لتجهيز المدارس وضمان صحة الطلاب والطواقم التربوية والموظفين، ونظراً إلى الظروف ومدى الخسارة الفادحة للطلاب العرب في هذه الأزمة، دعا حسان إلى أن يُستثنى تجهيز المدارس من الإضراب ومواصلة التجهيزات الوقائية بالمؤسسات التعليمية والتربوية.
وأكد حسان أن نضال السلطات المحلية العربية هو نضال المجتمع العربي ضد التمييز والعنصرية، مشدداً على ضرورة توفير دعم جماهيري كبير للسلطات المحلية العربية في هذا النضال، وممارسة الضغوطات الجماهيرية على الحكومة حتى تستجيب للمطالب العادلة وترصد الميزانيات المطلوبة.
مليون و250 ألف عربي يحصلون على ميزانية تعادل 50 ألف يهودي
وانتقد النائب عن القائمة العربية المشتركة يوسف جبارين، التمييز الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد المجتمع العربي فيما يخص الميزانيات والإجراءات الوقائية لمواجهة انتشار المرض، وتفضيل البلدات اليهودية في رصد الميزانيات وتقديم الدعم المالي لها، في ظل تنكُّر وزارتي المالية والداخلية لاحتياجات الحكم المحلي العربي الذي حصل على فتات من الميزانيات.
وأوضح النائب العربي أن جائحة كورونا عمقت الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالسلطات المحلية العربية، بسبب التمييز التاريخي ضدها في كل ما يتعلق بتخصيص الموارد والميزانيات الحكومية والتمييز بهبات الموازنة التي تمنح الأفضلية للبلدات اليهودية، لافتاً إلى أن معدل ميزانية الدعم التي حصلت عليها سلطة محلية يهودية واحدة يساوي معدل الميزانيات التي خُصصت لجميع السلطات المحلية العربية.
وقال إن مبلغ الـ12 مليون دولار الذي سيحصل عليه مليون و250 ألف مواطن عربي بالخط الأخضر، يعادل الميزانية التي حصلت عليها مدينة إيلات وحدها التي يقطنها 50 ألفاً فقط!
إلقاء العمال الفلسطينيين بطريقة لا إنسانية لمجرد الاشتباه بإصابتهم بالكورونا
وكانت قد سُجلت حوادث لقيام إسرائيل بإلقاء عمال فلسطينيين (من الضفة) على الحدود بطريقة لا إنسانية، لمجرد وجود شكوك في إصابتهم بكورونا.
إذ ألقى جنود الاحتلال، على سبيل المثال، بالشاب الفلسطيني مالك غانم عند حاجز بيت سير، قرب مدينة رام الله، بعد شكوك في إصابته بفيروس كورونا.
كما وجهت اتهاماً إلى جيش الاحتلال بأنه يُبقي على ثغرات في السياج الفاصل بين الضفة والخط الأخضر، وهو الأمر الذي يتيح المجال أمام العمال للعودة إلى مناطقهم بالتهريب ودون قدرة السلطة على إحصائهم وفرزهم وفحصهم.