حاولت جهات إعلامية عديدة تقييم صفقة انتقال النجم البرازيلي المهاجم دا سيلفا نيمار من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي صيف عام 2017 على أنها صفقة فاشلة بكل المعايير الفنية والمالية مستندة إلى أرقام فضفاضة تحتمل قراءات كثيرة ومختلفة واستغلال غيابه عن الميادين لتكريس وفرض القراءة السلبية على الجماهير العاشقة للنادي وللاعب نيمار.
وبإلقاء نظرة بسيطة على الأرقام التي حققها النجم البرازيلي منذ انضمامه لباريس سان جيرمان نكتشف أن الصفقة لم تكن فاشلة بالمرة وحققت الكثير من المكاسب الفنية والمادية للنادي خلال المواسم الثلاثة بالرغم من المطبات التي عرفتها بعد تعرّض اللاعب للإصابة وخضوعه لعملية جراحية في موسمه الأول والثاني جعلته يبتعد عن الفريق فترة ليست بالقصيرة، وهو أمر وارد جداً في كرة القدم ويحدث مع أي نجم وفي أي نادٍ.
الأرقام التهديفية التي حققها نيمار مع باريس سان جيرمان في مسابقة الدوري الفرنسي لم تختلف كثيراً عن أرقامه مع برشلونة في الدوري الإسباني، رغم أنه مع الأخير شارك في مباريات أكثر كونه لم يغب عن الملاعب سوى فترات قصيرة متقطعة.
وسجل نيمار في الدوري الفرنسي خلال موسمه الأول 2017-2018 وخلال 20 مباراة 19 هدفاً، بينما لم يسجل في موسمه الأول مع برشلونة في الليغا سوى 9 أهداف رغم أنه خاض 26 مباراة.
وفي موسمه الثاني بألوان النادي الباريسي 2018-2019 سجل نيمار 15 هدفاً بعدما لعب 17 مباراة فقط محققاً معدلاً تهديفياً بلغ 0.88 هدف في المباراة، وهو معدل أعلى من معدله في موسمه الثاني مع برشلونة في بطولة الليغا والذي بلغ 0.66، إذ سجل 22 هدفاً بعدما لعب 33 مباراة.
وفي موسمه الأخير في إسبانيا بألوان البارسا اكتفى نيمار بتوقيع 13 هدفاً فقط بعدما شارك في 30 مباراة من مسابقة الليغا، وبالمقابل بلغ رصيده هذا الموسم قبل توقف النشاط بسبب أزمة كورونا 13 هدفاً بالرغم من أنه لم يشارك سوى في 15 مباراة.
وفي موسمه الأول مع باريس سان جيرمان احتل نيمار المركز الثالث في ترتيب الهدافين لبطولة الدوري الفرنسي وهو الذي غاب عن الملاعب في أغلب جولات مرحلة الإياب. وفي موسمه الثاني احتل المركز الخامس بعدما غاب نفس المدة تقريباً.
وفي الموسم الحالي يحتل نيمار المركز الرابع في ترتيب الهدافين برصيد 13 هدفاً سجلها في 15 مباراة ويتأخر في الترتيب عن ثلاثة لاعبين أقلهم خاض خمس مباريات أكثر من نيمار، فزميله كيليان مبابي يتصدر الترتيب بـ18 هدفاً سجل في 20 مباراة، ويليه وسام بن يدر من نادي موناكو برصيد 18 هدفاً سجلها في 26 مباراة، ثم موسى ديمبيلي من أولمبيك ليون برصيد 16 هدفاً سجلها في 27 مباراة، أي أن زميله مبابي هو اللاعب الوحيد الذي يمتلك معدلاً أعلى من نيمار.
ولا يمكن تجاهل أن قدوم نيمار جعل النادي الباريسي يمتلك في صفوفه أقوى وأغلى ثلاثي هجومي في الملاعب الأوروبية مع كيليان مبابي وإيدينسون كافاني ثم مع الأرجنتيني ماورو إيكاردي.
ولا يمكن الحديث عن الأهداف بالتركيز فقط على العدد بل يجب التعمق في قيمتها وتأثيرها على نتائج المباريات، فغالبية بل جل أهداف المهاجم البرازيلي نيمار مع باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي سجلها في النصف الأول من الموسم ما سمح للفريق بالابتعاد بفارق شاسع عن ملاحقيه في الترتيب العام وجعله ذلك يحسم مصير اللقب مبكراً ويكتفي بعدها بتأدية الواجب ليس إلا.
وفي دوري أبطال أوروبا تحسنت نتائج باريس سان جيرمان كثيراً بعد انضمام نيمار لصفوفه صيف عام 2017، وهو ما تشهد عليه نتائجه في دور المجموعات، فعلى مدار المواسم الثلاثة التي خاضها معه نيمار نجح الباريس في إنهاء مشوار دور المجموعات متصدراً لترتيب مجموعته وبالعلامة شبه الكاملة آخرها في الموسم الجاري عندما أنهى المجموعة الأولى بخمسة انتصارات وتعادل واحد ودون خسارة وبفارق خمس نقاط عن العملاق ريال مدريد، بينما في آخر موسمين قبل مجيء نيمار عجز باريس سان جيرمان عن تصدر مجموعته وتجاوز دور المجموعات من المركز الثاني خلف ريال مدريد مرة وخلف آرسنال الإنجليزي في مرة أخرى.
وفي نفس المسابقة عصبة أبطال أوروبا لهذا الموسم وباعتبار أن نيمار خاض مبارتي الذهاب والإياب من الدور الثمن النهائي لأول مرة منذ انضمامه لنادي الباريسي بعدما غاب في موسميه الأول والثاني، فكللت مشاركته بالتأهل للدور الربع النهائي بعدما تجاوز عقبة بوروسيا دورتموند الألماني وبصمة نيمار كانت شاهدة بعدما سجل هدفاً في لقاء الذهاب بألمانيا وأخرى في لقاء الإياب بباريس وكان له دور أساسي في بلوغ الفريق مرحلة الربع النهائي من المسابقة القارية للمرة الأولى منذ عام 2016.
وعلى الصعيد المالي حقق نيمار لناديه مكاسب عديدة عززت خزانته بعدما ساهم بشكل رئيسي في رفع مبيعاته من قمصانه ومنتجاته سواء في السوق المحلية أو السوق الخارجية، وبفضل نيمار جدد نادي باريس سان جيرمان عقود رعاية بأرباح أكبر وأمضى عقوداً مع رعاة جدد بأرقام فلكية وإيراداته من البث التلفزيوني ارتفعت بفضل نيمار أيضاً الذي يمتلك شعبية جارفة في أوروبا والعالم.
وإضافة إلى ذلك زادت مكانة النادي الفرنسي في العالم الرقمي، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بفضل المتابعة الخرافية التي يحظى بها نجمه البرازيلي نيمار.
والأهم من ذلك أن باريس سان جيرمان أصبحت له مكانة بين كبرى الأندية في أوروبا والعالم، بعدما أصبح يلعب له نيمار المصنف حالياً كواحد من أفضل اللاعبين في العالم ومرشح ليكون الأفضل في غضون الأعوام القليلة المقبلة، خاصة مع تراجع الأسماء التقليدية، وبالأخص بعدما تمكن من استعادة عافيته ومستواه هذا الموسم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.