أثار مسلسل تلفزيوني تبثه مجموعة قنوات إم.بي.سي السعودية في شهر رمضان ، تدور أحداثه حول مجتمع متعدد الديانات في دولة عربية خليجية، انتقادات وثناء في وقت واحد خاصة وأنه يتناول تحديات واجهتها قابلة (داية) يهودية، في هذه المجتمع.
المسلسل واجه انتقادات شديدة باعتباره محاولة للترويج "للتطبيع" العربي مع إسرائيل حيث بدأت يوم الجمعة 24 أبريل/نيسان 2020، أولى حلقات مسلسل "أُم هارون"، وهو مسلسل خيالي تدور أحداثه في دولة خليجية، لم تُذكر بالاسم من ثلاثينيات وحتى خمسينيات القرن الماضي، ضمن البرامج الترفيهية لمجموعة إم.بي.سي في شهر الصوم الذي عادة ما ترتفع فيه معدلات المشاهدة.
انتقادات لاذعة: تأتي رسالة المسلسل التي تتضمن رسائل للتطبيع مع إسرائيل في الوقت الذي تنفصل فيه العديد من دول الخليج عن ماضيها القريب وتقديمها مبادرات لإسرائيل، التي وجدوا معها أرضية مشتركة لمواجهة إيران.
الثناء الذي طال المسلسل، جاء بسبب أن هذه المرة الأولى التي تلجأ الدراما الخليجية إلى تناول تاريخ الخليج في أعمال تليفزيونية وهذا أمر نادر الحدوث.
في حين أيّد البعض، بما فيهم السعودية، خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط للخروج من حالة صراع يقولون إنها تقيد العالم العربي. ومصر والأردن هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان أبرمتا معاهدتي سلام مع إسرائيل.
تنديد فلسطيني: من جانبه ندد باسم نعيم المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمسلسل وقال لرويترز "مسلسل أم هارون ليس فناً تطبيعياً، بل هو جريمة تاريخية، عدوان ثقافي وغسيل أفكار".
إلى ذلك، تعارض حماس، والفصائل الفلسطينية الأخرى، بشدة خطة السلام المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن" التي صاغتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
منظمات معارضة: في السياق ذاته نشرت مجموعة منظمات إقليمية تعارض التطبيع مع إسرائيل ملصقاً على وسائل التواصل الاجتماعي يحث المشاهدين على مقاطعة المسلسل مضيفاً أن "الدراما الخبيثة تتسلل إلى كل بيت.. قاطعوا مسلسل أم هارون" الذي أنتجته شركات مقرها في الكويت والإمارات.
في حين قال كاتبا المسلسل، الأخوان البحرينيان محمد وعلي عبدالحليم شمس لرويترز إن المسلسل لا يحمل أي رسالة سياسية.
أضاف محمد أن الناس تحدثوا وحكموا قبل أن يشاهدوا، وقال "الرسالة هي أساساً تتمحور حول تعامل المسلمين وطباعهم اللي ترتكز على المحبة وحسن النوايا والسلام مع غير المسلمين".
رد القناة: من جانبها قالت قناة إم.بي.سي، أكبر محطة خاصة في العالم العربي، إن بياناتها تفيد بأن المسلسل تصدر الدراما الخليجية في السعودية لشهر رمضان، ومن بين أفضل خمسة مسلسلات درامية في جميع المجالات.
حيث قال مازن حايك المتحدث الرسمي باسم مجموعة إم بي سي إن رسالة "أم هارون" الرئيسية إنسانية، فهي ممرضة تعالج الناس بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.
أوضح حايك أن المسلسل يركز أيضاً على التسامح والاعتدال والانفتاح وأن الشرق الأوسط كان يوماً منطقة فيها قبول للآخر قبل أن تسود تفسيرات منحرفة وصور نمطية للمنطقة من جانب المتشددين على مدى العقود الأخيرة.
استحواذ سعودي: إلى ذلك فقد استحوذت السلطات السعودية على حصة مسيطرة في مجموعة إم بي سي عام 2018، حيث صادرت أصولاً من محتجزين في حملة لمكافحة الفساد أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
كانت المجموعة، التي تخطط لنقل مقرها من دبي إلى الرياض، قد أثارت جدلاً من قبل بتناول مسلسلات، سبق أن بثتها، لقضايا حساسة مثل العنف المنزلي والتشدد الإسلامي.
شخصية أم هارون: أكمل كاتبا المسلسل حديثهما بالقول إن الشخصية الرئيسية فيه، أم هارون، التي يحمل العمل الدرامي اسمها، مستوحاة بشكل كبير من قابلة يهودية حقيقية تدعى أم جان وصلت إلى البحرين من العراق في ثلاثينيات القرن الماضي.
لكن أفاد بيان لإخلاء المسؤولية بُث مع الحلقة الأولى للمسلسل أن الشخصيات والأحداث من وحي الخيال.
رمز للخدمة: فيما هرع البعض في البحرين، التي ما زال فيها جالية يهودية صغيرة، لوسائل التواصل الاجتماعي حيث نشروا صوراً لأم جان ومقابلة تلفزيونية أُجريت معها عام 1977. ويُنظر لأم جان على نطاق واسع باعتبارها رمزاً للخدمة العامة في البحرين.
أما في الكويت، قال عبدالعزيز السيف على تويتر إنه لا ينبغي اعتبار المسلسل مؤيداً لإسرائيل.
أضاف في لقطات مصورة بعد بث الحلقة الأولى من حلقات المسلسل "طبعاً لازم نفرق أيضاً بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كحركة سياسية متطرفة… وهذا المسلسل ما له علاقة بموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، نهائياً ما له علاقة. أصلاً يهود الخليج ما كانوا متدينين نفس يهود أوروبا، فما كانوا متحمسين للقضية الصهيونية، كانوا يهود بالاسم يعني. بالنهاية كانوا يعتبرون نفسهم عرب".
تعليق ممثلات: من جانبها قالت الممثلة الكويتية المخضرمة حياة الفهد، التي تقوم بدور القابلة في المسلسل، لصحيفة (الأنباء) الكويتية إن الأجيال الشابة يجب أن تعرف "فئة من البشر كانت ومازالت موجودة في عالمنا، صحيح نحن لسنا معهم لكن يجب علينا أن نتطرق لهم من خلال حقبة زمنية قديمة لأن لدينا جيلاً من الشباب ليس لديهم معلومات عنهم".