الحيضُ تمامُ الأنوثة، ودوامُه دوامُ الأمومة، إنه ختمٌ ربَّانيٌّ مُعجِزٌ ومُميِّز.
منذ يومين أو ثلاثة ونسبةٌ كبيرةٌ من الأدويةِ المبيعةِ عندي هي أدوية تأخير الدورةِ الشهريةِ، بغرضِ رغبةِ السيدات الفُضليات أن يكنّ في بدايةِ رمضانَ مع الصائمين القائمين.
بدايةً أود أن أوضح للسيدات اللاتي ينوين استخدام مثل هذه الأدوية لتأجيل الدورة الشهرية في رمضان بعضَ أعراضها الجانبية:
- الصداع والدوار.
- تغيرات بالنزيف في أثناء الدورة الشهرية وعدم انتظامه أو توقفه.
- زيادة الوزن واحتباس السوائل والانتفاخ.
- تساقط الشعر أو الإفراط في نمو الشعر.
- الاكتئاب والأرق.
- شعور بألم في الثدي.
- اضطرابات في وظائف الكبد.
- قلة أو زيادة الرغبة الجنسية.
- الطفح والحكَّة.
أعرفُ أن الموضوع من الناحيةِ الشرعيةِ مُباح؛ حتى لا نحرِّمَ -حاشا لله- ما أحلَّ الله، لكن إباحتَه مرهونةٌ بكونِها لا تسبب أذى ولا ضرراً جسدياً لصاحبته؛ فهو في هذه الحالة (حرام!)؛ ذلك أن الغايةَ الأساسيةَ لدين الإسلامِ هي الإنسان.
الدورةُ الشهريةُ وما لها من آثارٍ نفسيةٍ وجسديةٍ -جعلها الله في ميزانِ النساء- قد قَدَّرها الإسلام وأشفقَ على المرأةِ منها أيَّما إشفاقٍ في كلِّ شرائعه، حتى ظهر ذلك في تعامل سيدِنا النبي مع أمهات المؤمنين.. إذ رُوِيَ عن السيدةِ عائشة أنها قالت:
– كنتُ أتعرَّقُ اللحم (يعني آخذ اللحم من العرق بأسناني) وأنا حائض، فأعطيه للنبي، فيضعُ فمه من الموضعِ الذي وضعت فمي فيه، وأشربُ الشرابَ فيضعُ فمه على المكان الذي كنتُ أشربُ منه.
وفي موضعٍ آخر تقولُ السيدة ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين:
– كان الرسول يضع رأسه في حجر إحدانا وهي حائض ويقرأ القرآن.
حبيبُنا خيرُ الأنام الذي قضى وقتاً يواسي صغيراً مات عصفوره، كان هذا تعامله النفسي مع زوجاته في مثل هذه الفترات، صلواتُ الله وسلامُه عليه.
هَوِّنَّ عليْكُنَ أيها الفتيات والسيدات، لا تزِدْنَ حمولتَكُنَّ النفسيةَ والجسديةَ بحمولاتٍ أخرى ما دُمتُنَّ لا تقدِرْن، فوالله إنَّكُنَّ في جهادٍ إذ تواجهن طولَ الوقوفِ بالساعاتِ لتُفرحنَ الأسرةَ بطبقٍ جميل، وتسايِرنَ الآلام الموصولةَ بذوقِكُن في ضبطِ طبخةٍ تنزلُ برداً وسلاماً على معدةٍ صائمة، وتواجهن الصهدَ في حلوقِ الصائمينَ بوقفتكُنَّ ساعاتٍ في صهدِ المطابخِ وأعمالِ البيت قبل وبعد الإفطار، وتُنَظِّفْنَ الأمزجةَ قبل أن تنظِّفنَ الأركانَ والزوايا، أنتنَّ ضبطُ السُكَّرِ في مذاقِ رمضان.
بالمناسبة، أودُّ توجيه رسالة تذكيرية بأن من السُنَّةِ أن يساعدَ الأزواجُ والآباءُ والإخوةُ والأبناء في ذلك، تقولُ السيدةُ عائشة عن النبي: (كان في خدمةِ أهله، فإذا سمع الأذانَ خرج).
إن الإسلامَ لم يأتِ معذِّباً للناس ولا شاقّاً عليهم، لقد حرَّم الله كل ما يضرُّ المرءُ به نفسه حتى لو كان من شعائره! بل إنه تعالى (يُحِبُّ) أن تؤتى رُخَصُه حتى في مواضعَ أخرى.
افخرنَ بأنوثتكنَّ الكاملة، وبظواهر الله فيكُنَّ التي تُجَهِّزكُنَّ للأمومة، ومباركٌ عليكُنَّ الشهر الفضيل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.