اعترف رئيس المكسيك، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الإثنين 20 أبريل/نيسان 2020، بأن عصابات المخدرات توزع حزم مساعدات خلال جائحة فيروس كورونا، وطالبها بالتوقف عن ذلك.
محاولة لكسب التعاطف: أوبرادور أشار إلى أن العصابات توزع المساعدات "في عدة أماكن"، لكنه أضاف أن الحكومة لا يمكنها وقف هذه الممارسة، وفقاً لما ذكره موقع Stuff النيوزيلندي، الثلاثاء 21 أبريل/نيسان 2020.
أبدى الرئيس انزعاجه عندما سمع عصابات المخدرات تقول: "نحن نوزع حزم المساعدات"، مضيفاً: "لا، من الأفضل أن يتوقفوا، ويفكروا في أسرهم، وأنفسهم، أولئك الذين يشاركون في هذه الأنشطة والذين يستمعون إليّ أو يشاهدونني الآن".
جاءت تعليقات أوبرادور بعدما أظهرت مقاطع فيديو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي إحدى بنات زعيم المخدرات المعتقل خواكين "إل تشابو" غوزمان، وهي توزع علب الأرز والمعكرونة وزيت الطهي وورق الحمام وصورة إل تشابو مطبوعة عليها.
تهدف عصابات المخدرات إلى كسب تعاطف السكان المحليين بتوزيع المساعدات، وأشار أوبرادو إلى أحد الأمثلة على ذلك بقوله، إن "عصابات سرقة الوقود التي تركّب صنابير في خطوط أنابيب الوقود غالباً ما تترك كميات صغيرة من البنزين والديزل للمزارعين المحليين لتكسب دعمهم"، كما أنه في شمال المكسيك، ورد أن عصابة الخليج وعصابة الشمال الشرقي توزعان المساعدات باستمرار.
يشير موقع Stuff إلى أنه لطالما سعى أوبرادور إلى تفادي المواجهة المفتوحة مع عصابات المخدرات، وفضَّل بدلاً من ذلك الحلول طويلة الأجل، مثل توفير الوظائف والمنح الدراسية والتدريب الوظيفي، لتقليل عدد الأشخاص الذين قد تحاول هذه العصابات تجنيدهم.
تبنَّى أوبرادو لهجة مماثلة في حديثه يوم الإثنين، إذ قال: "أنا لا أستبعد أن هناك أشخاصاً في هذه العصابات يعودون إلى رشدهم، لأنني لا أعتقد أنه يمكنك قضاء حياتك وأنت في حالة تأهب وقلق من عصابة أخرى طوال الوقت، والانتقال من مكان إلى آخر، خشية أن تلقى حتفك، هذه لا يمكن أن تكون حياة".
من جانبها، تحدثت صحيفة The Guardian البريطانية عن نشاط عصابات المخدرات وسط أزمة كورونا، وقالت إن رجالاً بأسلحتهم يتولون الحراسة بينما يتولى آخرون توزيع المواد الغذائية.
لفتت الصحيفة إلى أن عصابة مكسيكية تستغل أزمة كورونا لتزيد نفوذها من خلال توزيع مواد غذائية على حشد معظمه سيدات مسنات، وتحدثت عن مقطع فيديو يعلن فيه الرجل الذي يُسجل المقطع أن حزم المعونة هذه مُرسلة من زعيم عصابة إجرامية محلية "يُدير الأمور هنا"، في مدينة أباتثينجان الواقعة في الولاية الغربية ميتشواكان في المكسيك.
سنوات من الحرب مع العصابات: على مدار السنوات الـ20 السابقة، أثبتت الحكومات المسكيكية المتتالية عجزها عن كبح جماح العصابات المسلحة غير القانونية، التي أدى توسع نطاق نفوذها إلى نشوب صراعات قاتلة تزداد تفاقماً.
إذ يشير تحليل قائم على بيانات جرى تجميعها من مصادر مفتوحة أجرته مجموعة الأزمات الدولية، فثمة ما يقرب من 200 عصابة إجرامية في البلاد، ما يزيد من جرائم القتل سنوياً، فيما سُجلت 34582 جريمة قتل في عام 2019، ليكون العام الأكثر دموية في البلاد منذ بدأ التسجيل الحديث في التسعينيات.
أما في البلاد الأخرى في أمريكا اللاتينية فقد انخفضت حدة العنف منذ بداية الجائحة، في ظل فرض العصابات في أنحاء البرازيل وحتى السلفادور حظراً على التجول.
غير أنه في المكسيك، استمرت الصدامات المسلحة بين الفصائل الإجرامية المتناحرة على مدار شهري مارس/آذار الماضي وأبريل/نيسان الجاري، وسُجلت 2585 جريمة قتل في الشهر الماضي وحده.
كورونا في المكسيك: تسجل المكسيك 8,772 حالة إصابة بفيروس كورونا و712 حالة وفاة، وقالت السلطات المكسيكية، الإثنين 20 أبريل/نيسان 2020، إنها أرسلت ما مجموعه 4,700 من قوات الحرس الوطني لحماية المستشفيات الحكومية.
السبب في ذلك تعرُّض المستشفيات والكوادر الطبية لإساءات وهجمات من حين لآخر إما من المقيمين خوفاً من العدوى أو من أقارب المرضى القلقين على رعايتهم، إذ أفاد البعض بتعرضهم لإهانات، أو قذفهم بالسوائل أو حرمانهم من الخدمة، وهدد السكان الذين لا يريدون مرضى فيروس كورونا في أحيائهم بحرق المستشفيات.
تقول فابيانا زيبيدا، رئيسة قسم التمريض في معهد الضمان الاجتماعي المكسيكي، إن زميلاتها الممرضات تعرضن لـ21 هجوماً أو شكلاً من أشكال الإساءة منذ بدأت الجائحة.
ارتجف صوت زيبيدا وهي تتحدث عن مطالبة الممرضات بالامتناع عن ارتداء زيهن الرسمي في الشارع لتجنب التعرض للإساءة أو التمييز، إذ يخاف كثيرون من أن ينشر من يرتدون الزي الطبي الفيروس، وقالت: "هذه الهجمات أضرت بمهنتي كثيراً. نحن نُفني حياتنا في المستشفيات".