مباراة بين ترامب والإيرانيين لاستغلال أزمة كورونا.. فهل يتكرر خطأ سليماني؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/04/19 الساعة 20:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/20 الساعة 04:35 بتوقيت غرينتش
روحاني وخامنئي وقائد الحرس الثوري في جنازة قاسم سليماني/ رويترز

تمثل الأزمة الناشبة على حافة جائحة فيروس كورونا فصلاً جديداً في الصراع الأمريكي الإيراني.

فرغم أن إيران واحدة من أكثر الدول تضرراً من الفيروس على مستوى العالم، ولكن النظام يبدو أنه يحاول أن يحقق مكاسب من الأزمة، بينما الشعب هو الضحية الأولى لسياساته وتعنت الإدارة الأمريكية في الوقت ذاته.

الصراع الأمريكي الإيراني على حافة الفيروس

مع رفض الإدارة الأمريكية تخفيف العقوبات على إيران مراعاة لأوضاع البلاد، ساعدت هذه الإدارة على تقوية قبضة النظام على البلاد بفضل توحيد المواطنين حوله جراء سياستها القاسية والتي انتقدت من قبل حلفاء أمريكا والمنظمات الدولية على السواء.

وحذر قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكينزي من أن إيران قد تتفاعل مع الأزمة الداخلية من خلال محاولة تعزيز الدعم المحلي ضد عدو خارجي مشترك باعتبار ذلك إحدى الاستراتيجيات المجربة من قبل النظام. 

وقال النظام الإيراني إن فيروس كورونا هو مؤامرة أمريكية وصهيونية وألقى باللوم على العقوبات الأمريكية، التي يطالب النظام برفعها لأسباب إنسانية، باعتبارها سبب تفاقم الأزمة. 

ولكن يبدو أن حكام إيران يحاولون استغلال انشغال ترامب بتفشي المرض داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق مكاسب إقليمية، على طريقتهم التقليدية عبر كسب النقاط بدلاً من الدخول في مواجهة شاملة.

وقاموا بذلك عبر افتعال عدة حوادث في الخليج من بينها قيام 11 سفينة إيرانية بمضايقة سفن أمريكية.

الإيرانيون يستعرضون قوتهم مجدداً/رويترز

ولكن المكسب الأكبر الذي تحقق للنظام الإيراني جراء أزمة كورونا هو سحب الولايات المتحدة لأغلب قواتها من قواعدها في العراق بسبب فيروس كورونا، وهو الهدف الذي كان يريد الإيرانيون تحقيقه دوماً، ودفع ثمنه قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتاله الأمريكيون في خطوة أوصلت التوتر الأمريكي الإيراني للذروة.

وقال محسن روحي، زميل باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بعد مقتل سليماني: "اعتقد الجميع أن الحرب ستندلع، لكن لم يحدث شيء". "بينما كنا قريبين جداً من الحرب لدرجة أنه لم يحدث شيء.

 واستدرك قائلا "ولكن الأوضاع لم تعد إلى طبيعتها أيضاً.. لقد عدنا إلى وضع يمكن فيه لأي خطوة أن تتصاعد بسهولة إلى صراع".

كل هذا يأتي في الوقت الذي تواصل فيه إيران إنتاج يورانيوم منخفض التخصيب بمعدات ومواقع محظورة بموجب الاتفاق النووي. 

وكرر مدير برنامجها النووي مؤخراً تهديداً بإمكانية انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، على الرغم من أن إيران لم تعرض برنامجها خلال يومها الوطني السنوي الأخير للطاقة النووية.

ولكن مع استمرار الضغط الأمريكي عبر العقوبات، فإن التوترات لا تزال مرتفعة بشكل غير عادي. 

وتشير تقارير إعلامية إيرانية إلى أن إيران نشرت بطاريات صواريخ فجر 5 على السواحل على طول مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إجمالي النفط المتداول في العالم.

هل تريد إيران إحراج ترامب قبل الانتخابات؟ 

قد تشهد الأشهر المقبلة زيادة أكبر في التوترات الأمريكية الإيرانية على خلفية الوباء والإصرار الأمريكي على العقوبات.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد تسعى إيران إلى تعزيز موقفها قبل المفاوضات المحتملة ورفع تكلفة حملة الضغط القصوى، مما يجبر صناع القرار الأمريكيين على تخفيف الضغط على إيران. 

يعيد النظام الإيراني إعادة إنتاج ألعاب الحرب المحدودة والاستخبارات التي أجادها قاسم سليماني، وهي الألعاب منخفضة التوتر، بحيث لا تؤدي إلى حرب شاملة، مثل الهجمات على منشآت النفط ومراكز الشحن وأهداف إقليمية أخرى. 

ستواجه الولايات المتحدة بعد ذلك مرة أخرى عدداً من الخيارات غير الجذابة، خاصة وأن التوترات من المرجح أن تستمر في الظهور في المنطقة في وقت ينصب تركيزها على مكافحة وباء كورونا.

دعوات أمريكية للتصعيد

 وفي المقابل تتزايد الدعوات داخل الولايات المتحدة بالتصعيد ضد إيران.

إذ طالبت مجلة National Interest الأمريكية في تقرير لها إدارة ترامب بأن تستمر في تقديم المساعدة الإنسانية للتخفيف من معاناة الشعب الإيراني، حتى عندما يرفضها القادة الإيرانيون. كما يمكن أن تطمئن واشنطن البنوك المترددة في تسهيل المعاملات الإنسانية -المعفاة من العقوبات- مع إيران بسبب الخوف من العقوبات الأمريكية. 

ولكن اللافت أنها حثت الإدارة الأمريكية على مقاومة الدعوات، سواء من المشرعين الأمريكيين أو الحلفاء الأجانب، للسماح للنظام بالتلاعب بهذه الأزمة والتهرب من العقوبات التي استثنت دائماً الإمدادات الطبية وغيرها من الإمدادات الإنسانية. 

دعوات لتعزيز قدرات حلفاء إسرائيل أمام إيران/رويترز

ورأت أنه من الضروري استمرار الضغط على القادة الإيرانيين، إلى جانب حملة إعلامية نشطة تظهر الدعم الأمريكي للجمهور الإيراني الذي عانى طويلاً.

وقالت "يجب على الولايات المتحدة أن تتوقع استمرار الأنشطة التي تمارسها إيران في الشرق الأوسط، حتى في الوقت الذي تتعرض فيه المنطقة لوباء مدمر وتخفيض مؤلم في أسعار النفط. وحالياً يكسب الوكلاء الإيرانيون تصعيداً مع القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، والذي لم يرتفع إلا منذ انتشار فيروس كورونا". 

واعتبرت إنه يجب على الولايات المتحدة أن توضح أنها سترد بشدة على أي هجمات إيرانية أو بالوكالة على قواتها في المنطقة. كما يجب أن تحافظ على موقف رادع قوي، بما في ذلك ضمان أن قواعدها حول الشرق الأوسط لديها دفاعات مناسبة للحماية من مثل هذه الهجمات.

كما قالت إنه يجب على شركاء أمريكا الإقليميين، وعلى الأخص إسرائيل ودول الخليج، الاستعداد لإمكانية العدوان المكثف. بما أن العداء الإيراني لن يتلاشى بمجرد أن تخفت أزمة فيروس كورونا، فيجب على الولايات المتحدة أيضاً البدء في إعداد إجراءات طويلة المدى الآن. وتشمل هذه الإجراءات تجديد مخزونات الأسلحة الأمريكية القديمة المخزنة مسبقاً في إسرائيل، والتي من شأنها تعزيز الردع والاستعداد الإسرائيلي وبالتالي المساعدة في الدفاع عن المصالح الأمريكية والإقليمية.

وقالت "يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لمساعدة الشعب الإيراني وهو يواجه ويلات وباء فيروس كورونا. وأن تستعد بشكل متزامن للدفاع عن قوتها الإقليمية ومصالحها مع الاستمرار في الضغط على النظام الإيراني، الذي يجب مواجهة سلوكه الخبيث في كل فرصة". 

يبدو أن المغامرة الإيرانية بمحاولة الضغط على الإدارة الأمريكية في خضم أزمة كورونا والاستعداد للانتخابات قد تفضي إلى مغامرة أمريكية مضادة، وترامب أثبت من خلال توجيهه الأوامر لاغتيال سليماني، إنه يفضل المغامرة في الجبهة الإيرانية.

تحميل المزيد