كثير من محبي فيلم "تيتانيك" ينظرون إليه على أنه من أجمل أفلام الحب التي مرت على تاريخ هوليوود السينمائي، ومازال طاقم عمل تيتانيك لهم مكانة خاصة في قلوب الجمهور، ليس فقط بسبب الشعبية الهائلة التي حققها الفيلم، ولكن بسبب الأدوار المتقنة التي لعبها أبطاله.
وصحيح أن أبطال الفيلم نالوا النصيب الأكبر من الشهرة، والأضواء، إلا أن ثمة أدواراً ثانوية لم تكن بنفس الحجم الذي أداه أبطال الفيلم لكنها كانت فارقة، وكانت مهمة في سياق الأحداث، منها مثلاً "كورا" التي أدت دورها أليكس أونز.
وأليكس، تلك الطفلة الصغيرة التي لم تكن تتجاوز 8 سنوات حين أدت دورها في الفيلم، في المشهد الشهير، حين ينزل ليوناردو "جاك"، مع حبيبته روز "كيت وينسلت" إلى الطابق السفلي في السفينة.
والطابق السفلي كان دلالة على مجتمع الفقراء، الذي حين نزل إليه الحبيبان شاهد ليوناردو الطفلة الجميلة "كورا"، وحينها قال لها جملته الشهيرة "لا تقلقي يا كورا، مازلت صديقتي المفضلة" ورقصا معاً رقصتهما الشهيرة.
غابت كورا عن الأنظار منذ صدور الفيلم في العام 1997، وبعد أكثر من 20 عاماً، أجرى معها موقع vice حواراً حكت فيه كواليس الفيلم التي عاشتها وكيف تم ترشيحها للدور.
اختيار بالصدفة..
ولدت أليكس مع والديها وأختها الصغيرة راشيل في سان ديغو، وتعلمت منذ صغرها ركوب الخيل الذي تميزت فيه، إذ كانت والدتها الشابة الفاتنة كاثرين أوينز من أبطال هذه اللعبة في مدينتها، وكانت تحصد مراكز متقدمة في مسابقات جميلات رعاة البقر، وهي مسابقة تشبه مسابقات ملكات الجمال، لكن يتم الاختيار فيها من بين فتيات يركبن الخيول.
تلقت كاترين اتصالاً عرفت منه أن مسابقات الاختيار قد بدأت، لترشيح الطفلة التي سيختارها المخرج جيمس كاميرون لفيلمه الجديد، والذي كان بدأ تصويره بالفعل في استوديوهات فوكس باجا بروساريتو المكسيكية، شعرت أنها تريد إشراك بناتها في التجربة، فاستقلتا السيارة صباح اليوم التالي وذهبتا لمكان التصوير.
بكاء أختها قادها للشهرة..
بينما كانت أليكس تنتظر مع شقيقتها راشيل ووالدتهما مع مئات المتقدمين، في موقع التصوير الذي تم تصميمه خصيصاً على شاطىء البحر لاستيعاب السفينة الضخمة التي تحاكي تيتانيك وخزانات المياة الضخمة، بدأت الأم بقص حكاية السفينة المشؤومة لبناتها لتسليهم حتى يمر الوقت.
شرعت الأم في رواية القصة، قصة السفينة التي راح ضحيتها الآلاف كيف اصطدمت بالجبل الجليدي، وكيف أنها كان مقدراً لها أن تكون رحلة تاريخية لأنها كانت أكبر سفينة بالعالم حينها، وقبل أن تفرغ انفجرت راشيل بالبكاء تألماً مما جرى بالسفينةّ، تقول أليكس: كانت تراجيدية القصة أكبر مما يمكن أن تتحمله راشيل، التفاصيل والموتى والاصطدام دفعتها للانهيار.
وبينما راشيل تصرخ ولا تستطيع كاترين إيقافها تصادف أن مر في هذه اللحظة مسؤول "الكاستينج" مالي فين، بجوارهما، فانتبه إلى مصدر الصوت، الطفلة الباكية ذات الـ4 سنوات، وما إن وقعت عينيه على أليكس حتى قرر أنها ستقوم بالدور المطلوب، الفتاة الصغيرة التي تصاحب "جاك" في رحلته، والتي سترقص معه الرقصة الشهيرة.
ترجح أليكس بشكل كبير أن عينيها كانتا السبب في اختيارها، إذ تملك عيوناً واسعة يقول عنها الناس إنها "حقيقية" جداً، وجذابة، وعلى غير المتوقع، بالصدفة، وقع الاختيار عليها.
كيف كان يتعامل معها ليوناردو..
عن ليوناردو الذي كان يبلغ من العمر 22 عاماً وقت تصوير الفيلم الذي أصبح لاحقاً من أعلى إيرادات السينما في العالم، كان الشاب حريصاً على أن تكون أليكس في راحة تامة، كان يطمئن عليها طوال الوقت، ويوزع ابتساماته على طاقم الحضور، وكان يحاول الحديث معها ليعطيها شعوراً بالراحة ويدفعها للوقوف أمام الكاميرا دون توتر، ودربها بشكل شخصي كثيراً على مشهد الرقص قبل تصويره للمرة الأخيرة.
لقد تناست أنه ينبغي عليها أن تقدم مشهداً سينمائياً، وبفضل ليوناردو شعرت أن عليها تأدية رقصة على متن سفينة كبيرة ستجعلها سعيدة، لذلك تظن أنها أدت المشهد بتلقائية شديدة.
مشهد وفاتها..
عن مشهد وفاة "كورا"، تقول أليكس إنه كان صعباً جداً، لم تكن تعرف بداية التصوير أنها ستموت في الفيلم، لكنها حين علمت لم تكن تعرف ما الذي ينبغي عليها فعله، تقول إن جيمس كان مخرجاً عبقرياً فقد أتى إليها وقال "اعلمي يا أليكس أنك ستكونين بأمان تام، لا تخافي أبداً، كل ما عليك فعله هو تخيل أم والدتك وراشيل ماتتا، كيف سيكون شعورك؟ حينها أجابت "سيكون أمراً مرعباً"، وانهمرت في البكاء.
استطاع جيمس أن يحضر نفسية الطفلة الصغيرة إلى المشهد الفاصل الذي غرقت فيه على متن السفينة والذي أدته ببراعة.
وفي المونتاج، قطع جيمس مشهد وفاتها، لأن "الجمهور التجريبي" الذي شاهد الفيلم أبدوا أن وفاتها كانت مؤثرة أكثر من مأساة الفيلم نفسه، وأنها لحظة حزينة جداً، لذلك قرر قطع المشهد.
تم تصوير Titanic على مدار 160 يوماً بميزانية قدرها 200 مليون دولار، وكان إنتاجاً ضخماً، وحقق إيرادت فاقت 2 مليار دولار، وهو رقم قياسي في تاريخ السينما العالمية.
درست أليكس الكيمياء وحالياً تتفرغ لدراسة السينما، وترغب في العودة إلى التمثيل مرة أخرى بتجربة مثل تلك التي خاضتها حين كانت تبلغ من العمر 8 أعوام، مع نجوم هوليوود الكبار.