قبل أن نتحدث عن أخطر أطعمة يأكلها البشر في العالم، يمكننا القول إن الإنسان قديماً لم يكن يأبه بشكل دقيق لتأثير ما يأكله من أطعمة، وفي أحيان أخرى كانت قلة مصادر الطعام هي التي تجبر الإنسان على الابتكار والبحث عن أنواع جديدة ومختلفة من الأطعمة، بغض النظر عن تأثيرها الضار على صحتهم.
ولكن مع تطور العلوم، وبعد أن استطاع الإنسان تحليل طعامه وآثاره، تبيّن أن هناك الكثير من الأطعمة الخطرة على صحة الإنسان، ومن ثَم نصح العلماء بعدم تناولها، ورغم كل هذا فإن في بعض الدول بشراً يأكلون أطعمة تهدد حياتهم، وتشكل مصدراً للخطر على حياتهم.
السمكة المنتفخة Puffer fish
السمكة القاتلة، أو السمكة المنتفخة تُعرف أيضاً باسم Fugu Fish، وخطورتها لم تُكتشف مؤخراً، فقد جاء في بعض الروايات عن التاريخ الياباني، أن هذه السمكة كانت هي الطعام الوحيد الممنوع رسمياً أن يأكله الإمبراطور الياباني، بعد أن اكتشف سُميّتها الشديدة (هيديوشي تويوتومي)، أحد رجال الإمبراطور عام 1603، عندما توفي صديق له عقب تناولها بدقائق معدودة.
السمكة المنتشرة بشكل كبير في اليابان وبعض البلاد الآسيوية تحتوي أحشاؤها وكبدها على مركب سامّ يُسمى Tetrodotoxin، وهي مادة أشد سُمية من سُم السيانيد بحوالي 1200 مرة، أما تحضيرها فيكون بواسطة طاهٍ محترف، يُدرب على هذه المهمة في أكاديمية خاصة، لتعلُّم مهارات انتراع الأجزاء السامة الدقيقة من داخل السمكة، بمهارة طبيب جراح.
وحتى بعد التأكد من خلوّها من السموم تُسبب السمكة لذعة وتنميلاً باللسان، خاصة أنها تُقدم نيئة كما هو الحال في بعض أشهر الأطعمة اليابانية البحرية، كما أن هناك أكثر من 30 حالة وفاة مسجلة رسمياً في اليابان والعالم لأشخاص ماتوا إثر تناولها، بعد إعداد خاطئ، أو أشخاص حاولوا إعدادها بأنفسهم.
ثمار أكيي Ackee Fruit
ثمرة أكيي تصنف على أنها واحدة من ثمار التوت البري Soapberry، وموطنها الأصلي غرب إفريقيا، ولكنها هاجرت مع اكتشاف أمريكا الجنوبية في القرن الثامن عشر، وصارت واحدةً من أكثر الفواكه شهرة في جامايكا تحديداً، ولكنها اشتهرت بأنها الأكثر خطورة في الوقت نفسه.
اكتَشف سُمية ثمرة Ackee سكان جامايكا الأصليون، عندما تناولها بعض المزارعين وسببت لهم نوبات قيء حادة، والغثيان، وبعضهم لم يكن محظوظاً بهذه الأعراض فقط، بل دخلوا في غيبوبة انتهت بالوفاة.
لاحقاً أجريت أبحاث تحليلية على الفاكهة، واكتُشف أن بذورها السوداء اللامعة تحتوي على نسب عالية من سم hypoglycin، واكتشف أن الثمرة إذا أُكلت قبل نضجها قد تُسبب الأعراض المذكورة وربما الوفاة، ولكن بعد فتح الثمرة وإخلائها من البذور فإن الجزء "اللحمي" من الثمرة يكون آمناً.
ولكن الخطورة لا تزال قائمة، إذ يصعب في كثير من الأحيان على غير المختصين معرفة مستوى نضجها، وحتى إذا ما كانت رواسب البذور لامست قلب الثمرة قبل الإزالة أم لا، في المجمل يُنصح بعدم تناول الثمرة في أي وقت، رغم أنَّ مَن أكَلَها أخبَرَ الجميعَ عن مذاقها اللذيذ، الذي لا يُشبه أي ثمرة أخرى، وهو ما يغري الجميع دائماً بالمخاطرة.
فطر Death Cap Mushroom
فطر Death Cap هو واحد من أنواع فطر عيش الغراب، وينمو بشكل كبير وشبه حصري في مناطق نائية من أوروبا وأستراليا وأجزاء من نيوزيلندا، ومؤخراً بدأ في النمو في مناطق الشمال الكندية في قارة أمريكا الشمالية.
الفطر الشائع اكتُشف في منتصف القرن العشرين، ولم يستطع الخبراء تحديد أصوله، أو بداية استهلاك الإنسان له، ولكن الإقبال على الفطر في أواخر التسعينيات أثار بعض المخاوف، بالطبع لأن حفنة ملء الفم من الفطر قاتلة.
فطر Death Cap يحتوى على إنزيم سام يُسبب أعراضاً تشبه أعراض التسمم الغذائي؛ تقلصات بالمعدة والجفاف والإسهال والقيء. وبعد فترة بين 12 إلى 24 ساعة من أكل حفنة ملء الفم من الفطر يسبب الإنزيم السام به فشلاً بعمل الأعضاء الحيوية مثل الكبد والقلب والمعدة، وقد يؤدي هذا الفشل إلى الوفاة.
أما عن أسباب تناول الفطر فهي غير معروفة، ولكن أغلب من كانت له تجارب مع تناول الفطر بكميات قليلة قال إنه يضاف إلى المقبلات لإضافة مذاق مميز، وهو الأمر الذي لا يزال يحمل نسبة خطر كبيرة.
أخطر أطعمة يأكلها البشر في العالم: طبق Hákarl
هذه الأكلة تقدم حصراً في آيسلندا منذ فترات بعيدة، ويقال إن أصولها تعود إلى قرون بعيدة، وربما إلى عادات بعض قبائل الفايكنج القديمة.
وتعود قصة أصول الطبق إلى مجموعة من البحارة القدامى -ربما من الفايكنج- الذين عانوا في فترات الشتاء من شُح الأسماك الطازجة التي يمكن اصطيادها، وفي فترة أشبه بالمجاعة ألقت الأمواج المحملة بقطع الجيلد بجثة سمكة قرش من نوع Greenland، وهو قرش يعيش في بحار الشمال الباردة.
وكان القرش الضخم الذي يبغ طوله 7 أمتار بمثابة وليمة تكفي الكثير من الأفواه لمدة طويلة، ولكن العقبة التي كان رجال البحر على علم بها هي أن قرش Greenland يحتوى لحمه على كميات هائلة من حمض اليوريك وأكسيد التريمثلامين، وهو خليط سام ينتجه القرش في طبقات لحمه، ليمنع البرودة من تجميده حياً.
وكان على الصيادين التخلص من هذه السموم بطريقة مبتكرة، ومقززة في الوقت نفسه، فيقطع رأسه ويعلق في حُفرة في وسط الرمال والحصى الصلب لتصفيته من جميع السوائل والسموم مدة 6 إلى 8 أسابيع، وبعدها يتم تقطيعة وحفظه في مكان غير رطب، ليُقدد مدة مماثلة، ثم يُقطع إلى أجزاء أصغر، ثم يصبح جاهزاً للأكل.
كل من تناول الطبق وصفه بأنه أكثر طعام مقزز وذو رائحة عطنة في العالم، ورغم أن لحم القرش المقدد قد يكون آمناً فإن نسبة الخطورة لا تزال قائمة. خاصة وأن سموم قرش Greenland تكفي عدة غرامات منها لقتل الإنسان في فترة قصيرة أقل من سويعات، فهل يستحق هذا الطبق المقزز هذه المخاطرة؟ الإجابة يمكنك استخلاصها بسهولة مما ذكر عنه.
جبن Casu marzu
هو واحد من أشهر أنواع الجبن في العالم، ليس لجودته أو مقارنته بالجبن السويسري الفاخر، أو الفرنسي اللذيذ؛ ولكن العكس تماماً. هذا الجبن يترجم اسمه إلى Rotten Cheese (الجبن العطن)، وتشتهر به جزيرة سردينيا الإيطالية.
الجبن الغريب الذي يفضل البعض أكله، بل ودفع مبلغ كبير في مقابل هذا يُصنع من حليب الأغنام والماعز، الذي يسخن ويترك لمدة 3 أسابيع ليتخثر، بعد ذلك تُزال قشرته ويُترك في كوخ مظلم وجاف ليتصلب، وفي هذه الأثناء تزوره الحشرات الطائرة مثل الذباب الذي يحمل البكتيريا التي تساعد في إتمام نضجها.
الجبن المقزز يمتلئ بعد ذلك بيرقات الحشرات الصغيرة، والخمائر ذات الرائحة النفاذة، وبالطبع يمكنك أن تتخيل كيف يمكن أن يبدو مذاقه.
العديد من الأبحاث العلمية تنصح بعدم تناول هذا الجبن لاحتوائه أيضاً على العديد من السموم والفطريات والبكتريا الضارة.
ربما تشعر بالتقزز من كيفية إعداد هذه الأكلات الغريبة، وربما نتساءل كيف يقدم أحدهم على المخاطرة بحياته بأكلها، ولكن تظل المخاطرة سمة بشرية لا يمكن التخلص منها حتى مع الأخطار الصحية والتهديد بالموت.