تواجه أخطر اختباراتها.. إلى أي مدى ستتحمل اقتصادات دول الخليج أزمتي كورونا والنفط؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/03/25 الساعة 13:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/25 الساعة 21:16 بتوقيت غرينتش
إجراءات احترازية في المملكة العربية السعودية لمواجهة كورونا - رويترز

دفعت أزمة تفشي فيروس كورونا حول العالم، وأزمة انهيار أسواق النفط، الكثير من الشركات في دول الخليج، إلى اتخاذ قرارات صعبة، خشية انهيارها، فيما بدأت الحكومات الخليجية باتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ القطاعات لديها.

يقول كان جون، صاحب شركة لتنظيم الفعاليات في دبي، صحيفة Financial Times البريطانية: كنا نستعد لأشهر الربيع الحافلة التي تعود علينا بالكثير من الإيرادات، التي نحتاجها لدفع أجور الموظفين خلال فصل الصيف الخانق الأقل زخماً.

لكنه جون اضطر، خلال الأسبوعين الماضيين، لتسريح ثلث موظفيه، فيما قلل من ساعات عمل المتبقين، وقلّص وقت عملهم إلى الثلث أو النصف، إذ أضر كورونا بالشركات في المدينة التي تعد مركزاً مالياً وسياحياً مهماً في الشرق الأوسط.

وتوقف العملاء عن الدفع للموردين أو أوقفوا أعمالهم خشية تعرض شركاتهم للإفلاس. ويستعد جون الآن لاستخدام مدخراته لإنقاذ شركته من الانهيار. يقول جون، الذي طلب عدم استخدام اسمه الحقيقي: "من الصعب الخروج من هذه الأزمة".

دول الخليج تواجه أخطر اختباراتها

ومثل الحكومات الأخرى في مختلف أنحاء العالم، أغلقت دول الخليج قطاعات من اقتصادها في محاولة حاسمة لاحتواء انتشار فيروس كورونا.

وأوقفت السعودية وسائل النقل المحلية والدولية وأغلقت معظم المحلات باستثناء محلات البقالة والصيدليات، فيما أمر العاهل السعودي الملك سلمان، الأربعاء 25 مارس/آذار، بحظر التجول ابتداء من الثالثة عصراً في الرياض ومكة والمدينة المنورة، وقرر منع الدخول والخروج من وإلى المدن الثلاث، ومنع سكان مناطق المملكة الـ13 من الخروج منها أو الانتقال لمنطقة أخرى. 

من جانبها حثت الإمارات العربية المتحدة مواطنيها على البقاء في منازلهم، وأوقفت السفر جواً باستثناء رحلات الإجلاء الطارئة.

لكن دول الخليج المنتجة للنفط لا تواجه الانعكاسات الاقتصادية لتفشي مرض كوفيد- 19 فحسب. ففي الوقت الذي بدأ فيه ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، تأثرت المنطقة بحرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا التي أدت إلى انهيار أسعار النفط الخام لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 17 عاماً.

يقول جون سفاكياناكيس، وهو خبير في الشأن الخليجي في جامعة كامبريدج: "يمكن أن تواجه اقتصادات هذه الدول أحد أخطر اختباراتها على الإطلاق. إذ إن صدمة أسعار النفط ليست بالخبر الجيد لدول الخليج حيث ستصبح مخففاتها للصدمة المالية موضع اختبار".

تخفيض الميزانيات والإنفاق

إذ قالت السعودية الأسبوع الماضي إنها ستخفض إنفاق الميزانية بنسبة 5% في الوقت الذي تصارع فيه انخفاض أسعار النفط وفيروس كورونا. وتذكرنا هذه الخطوة بقرار خفض الإنفاق بعد انهيار أسعار النفط عامي 2014  و2015، الذي يشمل تعليق مدفوعات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات للمتعاقدين.

وقال مسؤول تنفيذي في شركة سعودية لفايننشيال تايمز: "لماذا قد تفعل ذلك في حرب أسعار النفط؟ من الأفضل أن تملك ورقة رابحة لا يعرف عنها أحد شيئاً. والآن نتساءل عما إذا كان سيجري تنفيذ أي من هذه المشروعات. يجب أن نكون جميعاً مستعدين لتأمين أنفسنا؛ وجميعنا سنقلص أعداد الموظفين لأنني لا أعتقد أن عملاءنا سيتمكنون من الدفع".

وقد أغلق المقر الرئيسي لشركته بعد أن حثت الرياض معظم شركات القطاع الخاص على الإغلاق أو العمل من المنزل الأسبوع الماضي. وبدأ حظر التجول على الصعيد الوطني من الساعة 7 مساءً حتى الساعة 6 صباحاً يوم الإثنين.

محاولات لـ "تهدئة الأعصاب"

وسارعت دول الخليج إلى الإعلان عن تدابير تحفيز ضخمة في محاولة لتهدئة الأعصاب. وبعد أن كشفت السعودية يوم الجمعة عن تدابير بقيمة 32 مليار دولار لمساعدة الشركات، قال محمد الجدعان، وزير المالية في المملكة، إن البلاد مستعدة لمضاعفة مستويات الديون، وأكد أن المتعاقدين سيحصلون على أموالهم.

ومن جانبه، رفع البنك المركزي الإماراتي تدابير دعمه إلى 34 مليار دولار، تشمل السماح للبنوك بتقديم إعفاء لعملاء الشركات وتجار التجزئة من الفوائد ودفعات تسديد الديون الأصلية.

وكشفت أبوظبي عن تدابير تحفيز بقيمة 9 مليارات درهم (2.4 مليار دولار). وتقدم بنوك دبي إعفاءات من سداد الديون لأولئك الذين يضطرون إلى أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر، وتقدم خططاً لتقسيط رسوم المدارس ومواد البقالة.

وقال محمد الشيباني، مدير عام ديوان حاكم دبي ورئيس مجلس إدارة بنك دبي الإسلامي في بيان: "في هذه الأوقات غير المسبوقة، تعد الإجراءات القوية والحاسمة ضرورية ومهمة للحفاظ على الاقتصاد".

اللجوء للاحتياطات 

ويُذكر أنه على عكس بعض الدول الأخرى في الشرق الأوسط، لدى دول الخليج احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية يمكنها الاعتماد عليها، إذ تملك أبوظبي صندوق ثروة سيادياً بقيمة 850 مليار دولار، فيما تملك الرياض احتياطيات بقيمة 502 مليار دولار.

لكن دبي، التي تعتمد على سلامة مُصدّري النفط الخام الإقليميين فضلاً عن التجارة العالمية، تفتقر إلى مخففات الصدمات المالية لعائدات النفط الضخمة. ففي عام 2009، اضطرت الإمارة إلى اقتراض  25 مليار دولار من أبوظبي والبنك المركزي الإماراتي في الوقت الذي كانت تعاني فيه من أزمة ائتمانية.

وقال مصرفي خبير إنه على عكس أزمة عام 2009 التي سببتها الديون، تكمن المشكلة هذه المرة في انهيار مفاجئ في الطلب، ما سيؤثر على جميع ركائز اقتصاد دبي. وقال: "الأمر يسري بصورة ممنهجة على الجميع. والشركات تتجه إلى طريق مسدود".

تدهور سيتجاوز حدود الخليج

ويمكن أن يتجاوز هذا التدهور الحاد حدود الخليج، حيث يشكل الأجانب الجزء الأكبر من القوى العاملة في القطاع الخاص، وخاصة في مجال الخدمات والبناء.

إذ تُعد التحويلات المالية من الخليج مصدراً مهماً للعملات الأجنبية لدول آسيا ودول الشرق الأوسط الأخرى، حيث بلغت قيمة التدفقات الخارجية 44.4 مليار دولار و36 مليار دولار من الإمارات والسعودية على التوالي عام 2017، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

وأوقفت شركة طيران الإمارات، إحدى أكبر الشركات الموفرة لفرص العمل في دبي، معظم رحلاتها، وتشجع موظفيها على أخذ إجازات مبكرة وإجازات بدون أجر حتى تتمكن من تجنب خفض عدد الموظفين.

وفي ظل انخفاض الطلب العالمي، قالت شركة الفنادق والضيافة ماريوت إنها تقلل من ساعات العمل وتقدم إجازات مؤقتة للتخفيف من أثر الأزمة. وانخفض معدل إشغال الفنادق في دبي في الأسبوع الأول من مارس/آذار بنسبة 28% عن العام السابق إلى 61%، وفقاً لشركة STR  المزودة للبيانات.

وبينما تفكر اليابان في تأجيل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، أصبحت احتمالية تنظيم دبي لمعرض إكسبو 2020- الذي تأمل أن يجذب 25 مليون زائر بدءاً من شهر أكتوبر/تشرين الأول- موضع شك. وفي إشارة إلى الإجراءات القوية التي اتخذتها دولة الإمارات لاحتواء الفيروس، قال منظمو المعرض إنهم في الأسابيع المقبلة "سيعيدون تقييم استعدادات المعرض التجاري المخطط لها وسيعدّلونها".

تحميل المزيد