مصانع مغلقة، شوارع خالية، وسيارات مركونة بعضها لم يستعمل منذ أسابيع.. يبدو مشهداً كئيباً في ظل الحجر الصحي الذي فرض على السكان في العديد من دول العالم بسبب جائحة فيروس كورونا، إلا أن كوكب الأرض استفاد جزئياً من هذه الأزمة.
فقد أكد الباحثون ارتفاعاً غير مسبوق في جودة الهواء في العديد من المدن الصناعية، وانخفاضاً هو الأول من نوعه في نسب انبعاثات الغازات السامة والملوثات المسببة للاحتباس الحراري.
ولم تقتصر الآثار الإيجابية على المناخ، بل امتدت لتشمل المياه أيضاً في بعض المدن.. كما أن الحجر الصحي الذي فرضه انتشار الفيروس أتاح الفرصة للحيوانات البرية لتتجول في الشوارع الخالية في العديد من المدن.
فوائد الحجر الصحي بعد انتشار فيروس كورونا
إليكم أبرز الآثار الإيجابية التي انعكست على كوكبنا بعد تفشي الوباء:
ارتفاع جودة الهواء
بعد فترة من انتشار الفيروس بالصين أمرت السلطات بإغلاق المصانع وإخلاء الشوارع في جميع أنحاء مقاطعة هوبي، وعلى ما يبدو كان لذلك فوائد غير مقصودة، فقد ارتفع متوسط عدد "أيام الهواء عالية الجودة" بنسبة 21.5٪ في فبراير/شباط، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لوزارة البيئة والبيئة الصينية.
كما انخفضت ملوثات الهواء الرئيسية بنسبة تقارب الثلث من يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط، وفقاً لبيانات من كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ.
فوائد الحجر الصحي بعد انتشار فيروس كورونا
انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين
أظهرت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضاً كبيراً في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين -تلك الصادرة عن المركبات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية- في المدن الصينية الرئيسية بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
كما أظهرت صور أخرى انخفاضاً في الانبعاثات الغازية في المدن الإيطالية.
واختفت السحابة المرئية للغازات السامة التي كانت تظهر بشكل واضح في سماء المدن الصناعية.
وقد أكد الباحثون في وكالة ناسا أن هذه هي المرة الأولى التي يشهدون فيها انخفاضاً مماثلاً للملوثات على مساحة جغرافية واسعة.
انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
من المعروف أن الصين تساهم بنسبة 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم سنوياً، لذا كان من الطبيعي انخفاض تلك الانبعاثات بنسبة 25% على الأقل منذ انتشار الفيروس، وفقاً لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA).
كما توصل الباحثون أيضاً إلى أن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في أجواء مدينة نيويورك انخفضت من 5 إلى 10%، بالتزامن مع انخفاض نسبة غاز الميثان كذلك.
وبشكل عام، هناك انخفاض ملحوظ في التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العديد من البلدان حول العالم.
انخفاض استهلاك الفحم
شهد العالم بعد جائحة كورونا انخفاضاً حاداً في استخدام الفحم خصوصاً في الصين التي تعتبر أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم، إذ كانت نسبة اعتمادها على الفحم كمصدر للطاقة بنسبة 59% في العام 2018.
وبعد اجتياح كورونا شهدت محطات الطاقة الرئيسية التي تعمل بالفحم في الصين انخفاضاً بنسبة 36% في الاستهلاك من 3 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
مياه صافية
لم تنعكس الآثار الإيجابية للحجر الصحي على المناخ فحسب، بل باتت واضحة على المياه في العديد من المدن، فشهدت الأنهار في العديد من المدن الأوروبية نشاطاً غير مسبوق للأسماك، وتحسن ملحوظ في نوعية المياه.
وفي مدينة البندقية الإيطالية أصبحت مياه الممرات المائية صافية لدرجة أن حكة الأسماك باتت ملحوظة فيها بعد غياب حركة القوارب الكثيفة في هذه الممرات.
حيوانات تجوب الشوارع
بعد تطبيق قوانين حظر التجوال في العديد من البلدان، باتت المدن خالية من البشر تماماً مما أفسح مجالاً للحيوانات البرية بالتجول بحرية في الشوارع.
ففي اليابان على سبيل المثال خرجت الغزلان من منتزه (نارا) المحلي لتجوب الشوارع باحثةً عن الطعام، في حين انتشرت مجموعة من القردة في ساحة مدينة (لوبوري) التايلاندية، وبات من المألوف رؤية الخنازير البرية تجوب شوارع المدن الإيطالية التي خلت من سكانها.
التلوث الانتقامي
بالرغم من أن النتائج فيما يخص انخفاض نسب الملوثات مرضية إلى حد ما لحد الآن، إلا أن علماء البيئة يخشون ما سموه "التلوث الانتقامي"
فبعد انتهاء وباء كورونا سيكون الهدف الأول للدول الصناعية الكبيرة مثل الصين هو إعادة إحياء صناعاتها وإنعاش اقتصادها، مما سيكون له أثر سلبي قد يكون مضاعفاً على البيئة.
ويحذر الخبراء من أنه عندما تبدأ هذه الدول في إعادة تشغيل مصانعها، فإن المواد الكيميائية السامة يمكن أن تصل إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل انتشار الوباء.