انتشرت مطالبات بإجراء تحقيقات مستقلة في الدور الذي قامت به وزارة الخارجية وشرطة مقاطعة كامبريدج بعد السماح بتوقف تحقيقات في واقعة السماح باختطاف أميرة من شارع بريطاني.
اختُطفت الأميرة شمسة آل مكتوم، وفق تقرير صحيفة The Guardian البريطانية قبل عقدين على يد رجالٍ يعملون لصالح والدها الشيخ محمد آل مكتوم، حاكم دبي الملياردير وصديق ملكة بريطانيا.
قال سياسيون وجماعاتٌ حقوقية إن التحقيقات كانت ضرورية لو استُبعد التدخل السياسي في التحقيقات، والحفاظ على إيمان العامة بسيادة القانون.
جاءت المطالبات وسط مزاعم غير عادية بأن شمسة اتصلت بشرطة مقاطعة كامبريدج في عام 2017، طالبةً منها المساعدة في تأمين إطلاق سراحها من دبي، بعد 17 عاماً من اختطافها من كامبريدج.
وتخضع القوة بالفعل للتدقيق بعد القرار الذي جاء كالقنبلة الصادر من قسم الأسرة بالمحكمة العليا، والذي نُشر في الأسبوع الماضي وأثبت أن الشيخ محمد اختطف شمسة وشقيقتها الصغرى، الأميرة لطيفة.
إذ توصَّل قرار "تقصي الحقائق" إلى أن شمسة هربت من مسكن عائلة دبي بمقاطعة سوري في عام 2000، لكن رجالاً يعملون لدى والدها أسروها في كامبريدج وأعادوها قسراً إلى دبي، حيث احتُجزت رغماً عنها لمدة 20 عاماً.
عام 2002، رفضت المحكمة طلب ديفيد بيك، المحقق بمقاطعة كامبريدج الذي يقود التحقيق في واقعة الاختطاف، مقابلة شهود محتملين في دبي. وقالت الشرطة في وقتٍ لاحق إنها لا تملك أدلةً كافية للمُضي قدماً، وإن التحقيق توقف.
وقد شارك ديفيد هيغ، المحامي الحقوقي، معلوماتٍ سرية مع شرطة مقاطعة كامبريدج حول الأميرتين في 2018 و2019، حيث سعى لإعادة فتح التحقيق في اختطاف شمسة.
خلال اجتماعاته مع المحققين، قال هيغ إن محققةً أخبرته أن شمسة اتصلت هاتفياً في عام 2017، طالبةً مساعدة قوة الشرطة.
وأخبر هيغ صحيفة The Observer البريطانية: "قالت: "لقد كنت هنا عندما اتصلت بنا شمسة قبل ستة أشهر". ثم استدركت قائلة: "أوه! ألم تكن تعرف ذلك؟".
وأكدت شرطة مقاطعة كامبريدج أنها أجرت مراجعةً إضافية للتحقيق الأصلي الذي أُجري في عام 2017، لتتوصَّل فحسب إلى أنه لا توجد أدلةٌ كافية لاتخاذ المزيد من الإجراءات.
وقالت متحدثةٌ باسم قوة الشرطة: "كما هو الحال مع أي جريمة، من غير المناسب لنا أن ندلي بأي تعليقات تتعلَّق باتصالٍ أو رواية محددة من أي ضحية. وفيما يتعلق بالمكتب المستقل للإشراف على سلوك الشرطة، فنظراً لإصدار الحكم العلني، تخضع القضية الآن لمزيد من المراجعة من جانبنا. وسيستغرق إنجاز أي تقدم بعض الوقت، أما ما إذا كانت إحالة القضية مطلوبة أم لا، فسيكون ذلك مجالاً للمناقشة".
أظهر قرار الأسبوع الماضي تفاصيل محاولتين فاشلتين من جانب لطيفة للفرار من الإمارات العربية المتحدة، كان آخرها في عام 2018 عندما حاولت الفرار باستخدام يخت. وأكدت رادها ستيرلنغ، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "معتقل في دبي"، التي نبَّهَت السلطات لاختطاف لطيفة عام 2018، وقدَّمَت أدلةً إلى الأمم المتحدة ومكتب التحقيقات الفيدرالي، أن المرأتين تقومان "بمحاولات مستمرة لإيصال رسائلهما".
فيما أصرت رئاسة الوزراء على أن وزارة الخارجية لم يكن لها دورٌ في التحقيق في اختطاف شمسة أو نتائجه.
لكن وزارة الخارجية أكدت أنها تحتفظ بمعلومات ذات صلة بموضوع التحقيق رفضت الكشف عنها للمحكمة العليا، مدعيةً أنها ستُضر بعلاقة المملكة المتحدة بالإمارات العربية المتحدة.
قالت كيت ألين، مديرة منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: "بالنظر إلى خطورة الادعاءات المتعلقة بالخطوات المنطقية التي اتخذتها شرطة مقاطعة كمبريدج أثناء التحقيق في اختفاء الأميرة شمسة، فإن الإحالة الذاتية إلى المكتب المستقل للإشراف على سلوك الشرطة هو التصرف الصحيح".
تابعت: "من الأهمية بمكان ألا تُقوَّض ثقة العامة في الشرطة بحالاتٍ كهذه، خاصةً عندما تكون هناك ادعاءاتٌ بتدخلٍ سياسي على أعلى المستويات".
وقالت كريستين جاردين، المتحدثة باسم حزب الديمقراطيين الأحرار في شؤون وزارة الداخلية: "يتعين على الحكومة الآن إجراء تحقيق مستقل في الدور الذي قامت به وزارة الخارجية في منع تقدم التحقيق. يجب أن يعرف الشعب البريطاني من الذي اتخذ هذه القرارات ولماذا".
وأيدت ستيرلينغ أيضاً إجراء تحقيق في دور وزارة الخارجية، قائلةً: "إذا قوبِلَ إجراء تحقيق في الاختطاف غير القانوني لامرأة بالرفض، فقد تكون رسالة خطيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، مفاده الأساسي إجازة هذا السلوك".
وقال هيغ إن النشطاء الذين يسعون لإطلاق سراح شمسة ولطيفة "سيتحوَّلون إلى مصدر إزعاج كبير" من خلال استهداف مجال سباقات الخيل؛ إذ يُعد الشيخ أقوى شخص في مجال السباقات البريطاني، والذي يتطلب من المالكين اجتياز "اختبار لياقة وملاءمة".
بعد نشر حكم الأسبوع الماضي، قال الشيخ: "باعتباري رئيساً للحكومة، لم أتمكن من المشاركة في عملية تقصي الحقائق بالمحكمة. وأدى ذلك إلى إصدار قرار "تقصي حقائق" لا يروي سوى جانب واحد فقط من القصة".
قالت روثنا بيغوم من منظمة هيومان رايتس ووتش: "على السلطات الإماراتية أن تفرج فوراً عن الشيخة شمسة والشيخة لطيفة، وتسمح لهما بمغادرة الإمارات إذا رغبا في ذلك، والتحقيق في اختطافهما وادعاءات التعذيب، ومحاكمة المسؤولين".