ربط تحقيق جديد بين أكبر شركة للحوم في العالم JBS ومنافستها Marfrig، بمزرعة يملكها شخص متورّط في واحدة من أكثر المذابح وحشية في الذاكرة الحديثة والتي وقعت غابات في الأمازون.
يأتي التقرير الذي أعدته منظمة Repórter Brasil في الوقت الذي تواجه فيه JBS ضغوطاً متزايدة، بسبب إخفاقات بالشفافية تتعلق بسلسلة إمداد الماشية القادمة من الأمازون، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 3 مارس/آذار 2020.
المشهد عن قرب: في 19 أبريل/نيسان 2017، قُتل تسعة رجال بوحشية في ما أصبح يعرف باسم "مذبحة كولنيزا"، وعثر على جثث الرجال التسعة في الغابات النائية بولاية ماتو غروسو، بحسب وثائق المحكمة، وظهر على البعض منهم علامات تعذيب، وتعرُّض آخرين للطعن وأُطلق الرصاص على البعض الآخر.
وفقاً للاتهامات التي قدمها المدعون العامون في ماتو غروسو، فقد ارتكبت المذبحة عصابة تعرف باسم "المقنعون"، وقالوا إن الهدف كان ترويع السكان المحليين والاستيلاء على الأراضي التي يعيشون عليها من أجل استخراج الموارد الطبيعية القيمة.
في منتصف مايو/أيار 2017، قال ممثلو الادعاء إنهم وجهوا تهمة ارتكاب القتل إلى فالديلير جواو دي سوزا، وهو مزارع يملك شركتين للأخشاب على أرض مجاورة، وأربعة آخرين.
كذلك واجه هؤلاء تهمة تشكيل جماعة شبه عسكرية غير قانونية أو المشاركة فيها، وقال ممثلو الادعاء إن دي سوزا أعطى الأمر بتنفيذ بالمذبحة، رغم أنه لم يكن حاضراً عند وقوعها.
منذ ذلك الحين كان دي سوزا فاراً من العدالة، ولكن في أبريل/نيسان 2018 سُجلت منطقتان متجاورتان من الأرض -تريس لاغواس ومزارع بيركاما- في ولاية روندونيا القريبة باسمه (واحدة من غرائب نظام الملكية البرازيلي هي أن ملاك الأراضي يسجلون أراضيهم وحدودهم بأنفسهم).
غطت المزرعتان 2599 فداناً في منطقة خصصتها الحكومة للعمال الزراعيين ذوي الدخل المنخفض، وتظهر صور الأقمار الصناعية إزالة الغابات على نطاق واسع في مزرعة تريس لاغواس في عام 2015.
في مقابلة مع Gazeta Digital في عام 2019، قال دي سوزا إنه بريء من جميع التهم الموجهة إليه، ولم يشترك قط مع عصابات القتل، وظل فاراً لأنه كان خائفاً من أن ينال منه القتلة الحقيقيون إذا سلّم نفسه، نافياً أيضاً أن يكون قد حمل السلاح.
تفاصيل أكثر: تشير السجلات الصحية الحكومية التي اطلعت عليها Repórter Brasil إلى أنه في 9 مايو/أيار 2018، بيعت 143 رأس ماشية من مزارع تريس لاغواس وبيركاما، إلى مزرعة يملكها ماوريسيو ناردي.
بعد دقائق من العملية السابقة، باعت مزرعة ناردي 143 رأس ماشية مماثلة في الجنس والعمر إلى شركة إنتاج اللحوم JBS.
كذلك أشارت وثائق المحكمة في قضية منفصلة في يونيو/حزيران 2017، إلى أن ناردي عمل في مصنع لنشر الأخشاب، مملوك لأدي سوزا في ماشادينهو دو أويست بولاية روندونيا، وهو لا يزال يعمل في المصنع، على الرغم من تغير اسمه منذ ذلك الحين ولم يعد تحت سيطرة دي سوزا.
أكد ناردي، الذي تواصلت معه صحيفة The Guardian عبر الهاتف، أمر الصفقة، لكنه لم يشرح سبب بيع الماشية بعد شرائها بدقائق، وقال، قبل أن يقرر عدم الإجابة عن أي أسئلة أخرى وإنهاء المقابلة: "نشتري ونبيع فقط لإبقاء الأمور تتحرك".
يشير البيع السريع للماشية إلى ما يطلق عليه دعاة حماية البيئة "غسل الماشية"، وهو عندما تبيع الماشية من مزرعة لديها مشكلات بيئية إلى مزرعة "نظيفة"، وهذا يتعلق بأنظمة المراقبة؛ لأن شركات اللحوم بما في ذلك JBS لا تراقب هؤلاء "الموردين غير المباشرين".
من جانبه، قال ماورو أرميلين، مدير فرع شبكة "أصدقاء الأرض" في البرازيل: "تشير هذه السلسلة من المصادفات إلى ممارسة شائعة، وهي تثليث الحيوانات. إنها ممارسة يمكن أن تشير إلى غسل الماشية".
صفقات بيع أخرى: في 25 يونيو/حزيران 2018، وفقاً للسجلات الصحية الحكومية، باعت مزرعة تريس لاغواس أيضاً 153 رأس ماشية لمزرعة Morro Alto في مونتينيغرو، في روندونيا، المملوكة لجوزيه كارلوس دي ألبوكيركي.
في الأشهر التالية، باع دي ألبوكيركي عشرات رؤوس الماشية إلى مسالخ JBS وMarfrig، وقال دي ألبوكيرك لـ Réporter Brasil إن عملية البيع لم تكتمل على الإطلاق، لكن التقرير أشار إلى وجود سجلات صحية توضح أن الماشية دخلت، في الواقع، مزرعة Morro Alto.
يسلط تحقيق Repórter Brasil الضوء أيضاً على الصعوبات التي تواجهها شركات اللحوم الكبرى في البرازيل في مراقبة سلاسل التوريد الخاصة بها.
تلتزم JBS وغيرها من الشركات الكبرى مثل Marfrig بعدم الشراء من المزارع المشاركة في إزالة الغابات بطريقة غير شرعية، وذلك طبقاً لاتفاقيتين منفصلتين وقعتا مع منظمة السلام الأخضر والنيابة العامة البرازيلية في عام 2009 وفي السنوات اللاحقة.
بموجب الاتفاق مع منظمة السلام الأخضر، تعهدت الشركات أيضاً بحذف المنتجين المتهمين بالاستيلاء على الأراضي أو المدانين في النزاعات الريفية من قوائم مورديها، وتحظر الصفقة مع المدعين العامين الفيدراليين التعامل مع المزارع التي أدينت بالتورط في نزاعات ريفية أو التي يجري التحقيق حولها.
كانت منظمة السلام الأخضر قد انسحبت من اتفاقيتها في عام 2017، بعد تغريم شركة JBS لشرائها الماشية من المزارع في المناطق التي أزيلت منها الغابات بطريقة غير شرعية في ولاية بارا بالأمازون. ووجد تدقيق أجرته النيابة العامة الفيدرالية البرازيلية أن 19٪ من الماشية التي اشترتها JBS في البرازيل في عام 2016 حملت "أدلة على وجود مخالفات".
في السنوات التالية لاتفاقية الماشية، حققت JBS تقدماً هائلاً في تحسين مراقبتها لموردي الماشية من الأمازون، ودافعت الشركة عن استدامتها في بيان.
لكن على الرغم من أن الشركة لديها الآن نظام معقد قائم لمراقبة مورديها المباشرين، فهي لا تزال عاجزة عن مراقبة مورديها غير المباشرين، هؤلاء المزارعين الذين يبيعون إلى المزارع التي تبيع بعد ذلك إلى JBS.
من جانبها، رفضت Marfrig التعليق على التحقيق وأرسلت البيان الذي أرسلته سابقاً إلى صحيفة The Guardian في ديسمبر/كانون الأول حيث اعترفت الشركة أن 53٪ من ماشية الأمازون تأتي من موردين غير مباشرين.
قالت الشركة: "تدرك Marfrig كلياً التحديات المرتبطة بسلسلة الإنتاج الحيواني وتعترف بدورها كعامل تحويل مهم لضمان الإنتاج في مقابل الحفاظ على المناطق الأحيائية البرازيلية، وخاصة في الأمازون".
عودة للوراء: في عام 2017، نُشر تقرير صادر عن السلام الأخضر بعد مذبحة كولنيزا جاء فيه أن شركة يملكها دي سوزا، تدعى Madeireira Cedroarana قد تراكم نحو 150 ألف دولار من الغرامات غير المدفوعة على مدى عقد من الزمن لصالح المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة (Ibama).
وبين يناير/كانون الثاني 2016 وأكتوبر/تشرين الأول 2017، صدّرت الشركة آلاف الأمتار المكعبة من الأخشاب إلى الولايات المتحدة وأوروبا. وفي عام 2018 غيرت اسمها إلى Colmar Madeiras، لكنها استمرت بالعنوان نفسه، لكن دي سوزا لم يعد شريكاً مستحوزاً فيها. وفي المقابلة مع Gazeta Digital، قال إن شركته قد طعنت على الغرامات التي تلقتها.