شهدت أسعار الكمامات الطبية ارتفاعاً كبيراً في العراق، بعد تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا لمواطن إيراني بمحافظة النجف، وسط إجراءات اتخذتها الحكومة العراقية للسيطرة على انتشار الفيروس.
وتزامن ارتفاع الأسعار مع اختفاء كبير للكمامات من مخازن الأدوية والصيدليات في العاصمة بغداد، فيما وصل سعر العلبة الواحدة 4 أضعاف السعر القديم، بحسب مسؤول في وزارة الصحة.
اختفاء الكمامات من السوق العراقي
وقال المسؤول غير مخول بالتصريح لـ "عربي بوست"، إن الكمامات وبعض المستلزمات الطبية اختفت بشكل كبير في العراق بعد تسجيل عدد من الإصابات بفيروس كورونا في مدينة قم الإيرانية.
وذكر أن عدد العلب المختفية من السوق تتجاوز 500 ألف علبة، كل علبة تحتوي على 20 أو 40 كمامة، مما يتجاوز 10 ملايين كمامة، جميعها تم تهريبها أو إرسالها إلى إيران بعد انتشار فيروس كورونا هناك.
وأوضح المسؤول أن بعض الأحزاب السياسية المقربة من إيران بالتعاون مع جهات حكومية ومسؤولين في وزارة الصحة، قاموا خلال فترة زمنية محددة بسحب كميات كبيرة من الكمامات وبعض المستلزمات الطبية من مخازن الأدوية وإرسالها إلى طهران.
وذكر صاحب أحد مخازن الأدوية -رفض ذكر اسمه- لـ "عربي بوست"، إنه في 20 فبراير/شباط، دخلت مجموعة تنتمي إلى إحدى الفصائل المسلحة المحسوبة على إيران، ولها علاقة بأحد أعضاء مجلس النواب بشراء جميع علب الكمامات وبعض المستلزمات الطبية من مخزنه وعدد من المخازن الأخرى بأسعار مخفضة.
وعندما استفسر من صاحب المخزن عن سبب هذا الطلب الغريب وقتها، وعن وجهتهم وماذا يفعلون بهكذا كمية من الكمامات والمستلزمات الطبية، ذكروا أنهم سيرسلونها إلى إيران للمساعدة بعد انتشار فايروس كورونا في مدينة قم الإيرانية.
وكلاء إيران ينفون
من جهته رأى النائب عن ائتلاف الفتح المقرب من إيران، مختار الموسوي، أن بعض السياسين والتجار قاموا بـ "تفضيل مصالحهم الشخصية على الإنسانية"، بحسب تعبيره.
وقال الموسوي لـ "عربي بوست"، إن ما يشاع عن قيام بعض الجهات المقربة من إيران بسحب كمية كبيرة من الكمامات وبعض المستلزمات الطبية من مخازن الأدوية الرئيسية في بغداد ونقلها إلى إيران عبر سياسيين غير صحيح.
وأوضح أن بعض المحسوبين على الجهات السياسية وبعض التجار قاموا باستغلال الأوضاع الراهنة وسحب كميات كبيرة من المستلزمات الطبية وبيعها إلى إيران أو دول أخرى من أجل الحصول على مكاسب مالية.
وطالب النائب عن الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي، السلطات العراقية بفتح تحقيق، بما يجري داخل مخازن الأدوية ومعرفة الجهات التي تقف وراء سحب الكمامات من السوق ورفع أسعارها وإرسال كميات كبيرة منها إلى إيران.
ارتفاع الأسعار
بدوره أشار ابراهيم حسين، صاحب إحدى الصيدليات في بغداد، لـ "عربي بوست"، أنه بعد تسجيل أول إصابة بالفيروس بمحافظة النجف، "لاحظنا وجود طلب مبالغ فيه من قبل المواطنين على الكمامات الطبية دون معرفة الأسباب، ووصلت أسعارها إلى أرقام كبيرة، نتيجة نقصها في المخازن الرئيسية".
سحب كميات كبيرة من المخازن وطلب المواطنين على الكمامات الطبية، تسبب في ارتفاع سعرها بأربعة اضعاف أو أكثر من سعرها القديم.
ويوضح صاحب الصيدلية أنه في السابق كان يباع في الصيدلية علبة أو علبتين من الكمامات في غضون شهر، أما الآن عشرات العلب تباع يومياً، فالضجة الإعلامية جعلت من المواطنين يقبلون باندفاع كبير إلى شراء الكمامات الطبية.
يوجد نوعان من أنواع الكمامات الطبية التي تباع بالعراق، الأولى علبة تحتوي على 50 كمامة ذات لونين أخضر وأبيض، كانت تباع بـ 2500 دينار للعلبة الواحدة (2 دولار تقريباً)، والآن وصل سعرها إلى 12 ألف دينار (10 دولارات تقريباً).
بينما النوع الثاني يحتوي على فلتر وذو نوعية جيدة، كانت تباع علبته بـ 8000 دينار (حوالي 6.5 دولار)، والآن تجاوز سعرها 35 ألف دينار عراقي (30 دولاراً).
وأكدت وزارة الصحة العراقية تسجيل إصابة بفيروس كورونا لشاب قادم من إيران.
وقال مدير مستشفى الفرات العام، محمد إبراهيم، لـ "عربي بوست"، إن المستشفى استقبل 41 حالة للطلاب والشباب العائدين من جمهورية إيران إلى العاصمة بغداد، واحد منهم تم التأكد من إصابته بفيروس كورونا وأربعة منهم مشتبه بإصابتهم بالفيروس.
وأشار إبراهيم إلى أن المستشفى هو المحجر الصحي في العاصمة بغداد، وتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات والفحوصات الطبية بحق المصابين والمشتبه بهم، جميع الحالات بصحة جيدة.
إجراءات ضرورية
إلى ذلك، دعت لجنة الصحة والبيئة النيابية في مجلس النواب العراقي، الحكومة إلى محاسبة المتاجرين بالمستلزمات الطبية وإغلاق الحدود بشكل كامل مع جمهورية إيران.
ويقول عضو اللجنة جواد الموسوي لـ "عربي بوست"، إنه من الضرورة اتخاذ سلسلة من الإجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا في العراق، منها تقليل المرضى الراقدين في المستشفيات تحسباً لأي حالات طارئة وتقليل الهدر من استعمال الكمامات والمواد المعقمة، بالإضافة إلى الإسراع بتجهيز وشراء كميات كبيرة من المستلزمات الطبية ومواد التعقيم وغيرها.
وأوضح أنه بعد اختفاء الحاصل للكمامات من مذاخر الأدوية وارتفاع أسعارها في صيدليات، يستوجب على وزارة الصحة إجراء زيارات ميدانية وتفتيشية صارمة للمخازن والصيدليات لتدقيق عملهم ومحاسبة المقصرين والمتاجرين بالمستلزمات الطبية.
من جهتها، أعلنت خلية الأزمة العراقية عن اتخاذ سلسلة إجراءات لمنع انتشار فيروس كورونا.
وحسب وثيقة صادرة من الخلية موقعة من قبل وزير الصحة والبيئة جعفر صادق علاوي حصل "عربي بوست" على نسخة منها، فإن القرارات الحكومة العراقية، تضمنت تعطيل الدوام الرسمي في جميع المدراس والجامعات والمؤسسات التربوية لمدة 10 أيام، بالإضافة إلى غلق المحال العامة لمدة 10 أيام أيضاً، وشمل ذلك دور السينما والنوادي والمنتديات الاجتماعية للفترة من 27 فبراير/شباط ولغاية 7 مارس/آذار المقبل.
كما أصدرت الحكومة العراقية بحسب الوثيقة، قراراً بمنع سفر المواطنين إلى 9 دول ينتشر فيها فيروس كورونا، هي الصين وإيران واليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة وإيطاليا والكويت والبحرين.