عام 2019 كان عاماً حافلاً للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، فقد ترشَّح فيلمها "كفرناحوم" لجائزة الأوسكار، كما ألقت خطاباً مؤثراً خلال حفل تسليم جائزة نانسن في جنيف، والتي تمنحها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي كل من "كفرناحوم"، وخطابها في جنيف، كان البطلُ هو طفلاً سورياً لاجئاً في لبنان، ففي الأولى كان "زين" الذي قرر أن يرفع قضية ضد أهله الذين أنجبوه، وفي الثانية كان "فراس" الذي لا يعرف تاريخ ميلاده.
وبالرغم من المآخذ التي رصدها البعض ضد فيلم "كفرناحوم"، فإننا لا نستطيع أن ننكر جهود لبكي في إيصال صوت ضحايا الحروب إلى العالم.
فيلم كفرناحوم للمخرجة نادين لبكي
بالرغم من أن الفيلم يتعاطف مع الأطفال على أنهم ضحايا الحروب والإهمال، فإنه يؤخذ عليه تحميله وزر هؤلاء الأطفال بالكامل للآباء الفقراء الذين أنجبوهم دون النظر إلى الصورة الأوسع وتسليط الضوء على من تسبب بفقر هؤلاء أو تشريدهم من ديارهم.
بكل الأحوال أشيد بالفيلم لواقعيته الشديدة ولكونه أقرب إلى الأفلام الوثائقية منه إلى السينمائية، إذ يسرد الفيلم قصة الطفل زين، الذي يعيش في عالم العشوائيات والفقر والجهل والمخدرات وزواج القصّر والاستغلال والاتجار بالبشر.
تم اختيار فيلم نادين لبكي "كفرناحوم" للمنافسة على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي لسنة 2018، كما تم ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي لعام 2019، والفيلم يتحدث عن الطفل "زين".
حفل توزيع جائزة نانسن
تمنح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذه الجائزة سنوياً للأشخاص والمجموعات والمنظمات التي تتفانى في عملها الموجه لحماية اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية.
في عام 2019 حاز هذه الجائزة محامي حقوق الإنسان من قيرغيزستان السيد عزيز بك أشوروف لجهوده في جعل جمهورية قيرغيزستان أول بلد في العالم يقضي على حالات انعدام الجنسية.
وقدمت المخرجة اللبنانية نادين لبكي خطاباً مؤثراً عن أوضاع اللاجئين لا سيما عديمي الجنسية منهم قبل أن تعلن اسم الفائز.
كلمة نادين لبكي في حفل توزيع جائزة نانسن
"أنا لا شيء، أنا حشرة، أشعر أنني غير مرئي، تتم معاملة الحيوانات بشكل أفضل مني، أتمنى لو أنني لم أولد أبداً" هكذا بدأت نادين خطابها مقتبسة كلمات قالها لها فتى عديم الجنسية يدعى "فراس"، ثم أضافت قائلة:
"مثل العديد من الأطفال عديمي الجنسية الذين قابلتهم، عندما سألته: "كم عمرك؟" كانت إجابته: "لست متأكداً، تقول والدتي إنه يجب أن أكون في سن 12 أو 13"، "إذا أنت لا تعرف تاريخ ميلادك؟"، "لا، أخبرتني أمي أنني وُلدت خلال فصل الشتاء. كان الثلج يتساقط في ذلك اليوم".
"إنه دائماً نفس النمط تقريباً؛ إنه لا يعرف عمره بالضبط لأنه، مثل كل أشقائه، لم يتم تسجيل ولادته أبداً بسبب نقص الأموال، للأسف في بعض البلدان تسجيل أطفالك يكلف مالاً.
عندما نفكر في ذلك، فهذا يعني أن فراس لم يحتفل أبداً بعيد ميلاده، وهو اليوم الذي جاء فيه إلى هذا العالم.
يقضي أكثر من 12 ساعة في الشوارع، مما يترك له ساعات قليلة من النوم ليلاً، إنه لا يستطيع حتى كتابة اسمه، عندما كان الأطفال في سنه يستعدون للذهاب إلى المدرسة، رفضت المدرسة تسجيله لأنه لم يتم تسجيل ولادته مطلقاً.
يقضي فراس أيامه الآن في الشوارع، حيث يبيع المناديل أو يوصل مواد البقالة أو قوارير الغاز مقابل بضعة دولارات في اليوم.
لا يمر يوم واحد دون تعرضه لسوء المعاملة اللفظية أو الجسدية، والتعرض لأشد الناس وحشية وخطورة.
في رأيكم ما هي آفاق مستقبله؟".