صندوق الثروة السيادي في المملكة العربية السعودية واحد من أكبر الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم، وتلك النوعية من الصناديق تخضع لقواعد قانونية وتنظيمية صارمة في عملية اتخاذ القرارات، لكن كيف تتم الأمور في الصندوق السعودي الذي تبلغ قيمته أكثر من 300 مليار دولار؟
صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "كيف أصبحت منتجة لبرامج تلفزيون الواقع منظمة صفقات لصندوق سعودي بقيمة 300 مليار دولار"، ألقت فيه الضوء على دور سيدة أمريكية تدعى كارلا ديبيلو في تسهيل بعض الصفقات من خلال علاقتها مع رئيس الصندوق ياسر الرميان.
ما دورها في صفقة شراء نادي أستون فيلا؟
وجدت الشركات التي تتطلع لتحقيق أرباح من صندوق الثروات السيادية في المملكة العربية السعودية البالغ قيمته 300 مليار دولار، الذي يعد أحد أكبر الجهات الاستثمارية نفوذاً في العالم، أنه من المفيد الاستعانة بمنتجة سابقة لبرامج تلفزيون الواقع من ساراسوتا بولاية فلوريدا.
إذ أصبحت هذه المنتجة التي تدعى كارلا ديبيلو (35 عاماً) شخصية بارزة في المشهد الاستثماري في السعودية، بسبب صلاتها بصندوق الاستثمارات العامة في المملكة. وهي تساعد صندوق الاستثمارات العامة في التفاوض على صفقة بقيمة 445 مليون دولار لشراء حصة رئيسية في نادي كرة القدم نيوكاسل يونايتد، حسبما يقول أشخاص مطلعون على تعاملاتها. وقد أخبرت معارفها بأنها شاركت في محادثات حول صفقة بقيمة 15 مليار دولار مع شركة Reliance Industries الهندية المحدودة، حسبما يقول أشخاص مطلعون على هذه المحادثات.
وتتمتع كارلا أيضاً بعلاقة وثيقة مع رئيس الصندوق السعودي ياسر الرميان، البالغ من العمر 49 عاماً. ويقول مسؤولون سعوديون في الصندوق إن علاقتهما أثارت مخاوف بين بعض المسؤولين في صندوق الاستثمارات العامة، الذين أحبطهم اهتمامه بكارلا في وقت تواجه فيه استثمارات الصندوق الرئيسية صعوبات جمة.
https://twitter.com/CarlaDiBello/status/1205187123860713473/photo/1
ودأبت كارلا على مساعدة الشركات الأجنبية في لقاء كبار المسؤولين السعوديين، أحياناً عبر اجتماعات عمل رسمية وأحياناً أخرى في أماكن غير رسمية، كما يقول الأشخاص المطلعون على تعاملاتها. ويقول هؤلاء المطلعون إن كارلا تتلقى تعويضاً عن دورها في مثل هذه الصفقات، بشكل عام من الشركة التي تسعى إلى إبرام صفقة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي أو من آخرين يشاركون في صفقات محتملة، غالباً من خلال شركتها CDB Advisory الاستشارية في ساراسوتا.
لماذا يخشى رجال الأعمال الغربيون الوسطاء أمثال كارلا؟
يُذكر أنه في العام الماضي في مدينة نيويورك، ساعدت كارلا أحد المديرين التنفيذيين لشركة Juul Labs المحدودة في ترتيب لقاء نادر منفرد مع الرميان، كما يقول أحد الأشخاص، ويقول هذا الشخص إن صفقة شركة Juul لم تحدث، لكن الاجتماع كان بمثابة نصر كبير للمدير التنفيذي لشركة Juul.
ويُشار إلى أن رجال الأعمال على مستوى العالم أصبحوا يخشون الوسطاء الذين يتلقون أموالاً لقاء استغلال علاقاتهم الشخصية لتسهيل الصفقات، إذ يرى المسؤولون عن مراقبة الامتثال للقوانين أن هذه المدفوعات تنطوي على خطر انتهاك قوانين مكافحة الرشوة الأمريكية والأوروبية.
ويُذكر أن إحدى الشركات التي تتطلع إلى التعامل مع صندوق الاستثمارات العامة طلبت المشورة القانونية حول ما إذا كانت الاستعانة بكارلا لقاء الترتيب للصفقات ينتهك قانون مكافحة الرشوة الأمريكي، كما يقول شخص مطلع على هذه التعاملات. ويقول هذا الشخص إن المسؤولين التنفيذيين في الشركة كانوا قلقين إزاء صحة الدفع لشخص لا يتمتع بخبرة مالية واضحة لإعداد الاجتماعات، ولم تحدث الصفقة.
ويُدار صندوق الاستثمارات العامة بشكل مختلف عن الصناديق الاستثمارية الأخرى على مستوى العالم، التي عادة ما تتخذ القرارات الاستثمارية الكبرى عن طريق اللجان واتفاقات التدقيق مع مديري المخاطر والمحامين الداخليين للتأكد من أنها تصبُّ في مصلحة الصندوق وتتوافق مع القوانين.
كيف تتم إدارة اتخاذ القرار؟
ورغم أن صندوق الاستثمارات العامة يضم لجان استثمار ومديرين للمخاطر، إلا أن بعض القرارات الرئيسية حول مكان الاستثمار وهوية من ينبغي التفاوض معهم يتخذها الرميان أو رئيسه، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، دون اللجوء إلى مشورة اللجان، حسبما يقول مسؤولون سابقون وحاليون في صندوق الاستثمارات العامة.
فيما قال متحدث باسم صندوق الاستثمارات العامة إن الصندوق "يتبع إطار إداري على أعلى المستوى قائم على أفضل الممارسات العالمية في جميع استثماراته".
ويعد صندوق الاستثمارات العامة حجر الزاوية في سعي الأمير محمد لإصلاح اقتصاد بلاده الذي يعتمد على النفط. وبتطلعه إلى إنشاء صندوق حديث تحكمه مبادئ الإدارة الدولية، يحاول استخدام أموال النفط للاستثمار في صناعات جديدة لتنويع دخل البلاد وتوفير وظائف جديدة لمواطنيها الشباب العاطلين عن العمل.
وقال الأمير محمد لأشخاص مقربين من الديوان الملكي إنه يريد أن تتبع السعودية معايير العمل العالمية، كما يقول هؤلاء الأشخاص، والامتناع عن المحسوبية، والحرص على أن يحصل الناس على رواتب لتوليد قيمة للمملكة، وليس لعلاقاتهم.
ما قصة لقاء اليخت؟
وتربط بين الرميان -وهو متزوج- وكارلا علاقة وثيقة، وفقاً لأشخاص يعرفون الاثنين أو رأوهما معاً. ويقول بعض هؤلاء إنهما يشتركان في شغفهما بالغولف، وقد رآهما البعض وهما يتناولان الطعام معاً، وقال بعض الأشخاص المطلعين إنهما قضيا بعض الوقت بمفردهما معاً على متن قارب أثناء فعالية لليخوت، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي فعالية اليخوت، التقت كارلا بكبار رجال الأعمال على متن يخت ضخم استأجره الرميان، وظلت على متنه لعدة أيام في إطار فعالية للقوارب في البحر الأحمر استضافها الأمير محمد، مثلما يقول أشخاص مطلعون على الفعالية.
واستقبلت كارلا، إلى جانب شريكتها، سيدة الأعمال البريطانية أماندا ستافيلي، رئيس شركة SoftBank ماسايوشي سون ورئيس شركة Reliance موكيش أمباني على اليخت، كما يقول هؤلاء الأشخاص. ويقولون أيضاً إنها شاركت في اجتماعات عمل رفيعة المستوى، وفي الليلة الأخيرة للفعالية، اصطحب الرميان كارلا وأماندا إلى يخت الأمير محمد لعشاء خاص، كما يقولون.
وبعد ذلك بفترة وجيزة، بدأت كارلا تتحدث مع الناس عن دورها المتنامي في الاستشارة في صندوق الاستثمارات العامة، مشيرة إلى الوقت الذي أمضته مع أمباني وسون على اليخت باعتباره دليلاً على نفوذها، كما يقول شخص ناقش الأمر معها، إلا أن أمباني وسون رفضا التعليق.
وقال محامي كارلا، أندرو بريتلر: "لا توجد ذرة حقيقة" في الإشارة إلى أن "السيدة كارلا يمكنها مساعدة الشركات الأجنبية في لقاء الرميان" بفضل علاقاتها، والسيدة كارلا "مستشارة لمختلف الشركات التي تقدمها إلى صندوق الاستثمارات العامة، من بين كيانات أخرى في الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية". وقال إن شركتها "متخصصة في إبرام صفقات بين الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وقد شاركت فيما قيمته أكثر من 250 مليون دولار من هذه الصفقات". وقال إن كارلا قريبة من عائلة الرميان، وقال إنها ليست موظفة في صندوق الاستثمارات العامة، ولم تتقاض منه أي أموال من قبل.
نفْي متحدث باسم الصندوق
فيما قال متحدث باسم صندوق الاستثمارات العامة إن رواية صحيفة The Wall Street Journal عن دور كارلا مع صندوق الاستثمارات العامة "تشويه للحقائق"، لكنه لم يوضح بالتفصيل هذه الحقائق التي يزعم أن صحيفة The Wall Street Journal شوهتها. وقال إن كارلا ليست مستشارة لصندوق الاستثمارات العامة ولا تتلقى أمولاً من الصندوق، وأن صفقات الصندوق تخضع لتدقيق وفحص لجنة استثمار.
وقال: "في ظل قيادة ياسر الرميان، جمع صندوق الاستثمارات العامة فريقاً من الخبراء التنفيذيين البارعين يتكون من مديرين ماليين ورجال أعمال أثبتوا كفاءتهم ويحظون باحترام كبير من السعودية ومن دول أخرى"، فيما رفض الرميان الإجابة عن أسئلة لكتابة هذا المقال.
محور اقتصادي
يعود صندوق الاستثمارات العامة بشكله الحالي إلى عام 2015، عندما تولى الأمير محمد إدارة صندوق حكومي للاستثمارات المحلية وجعله محور خطته لتنويع الاقتصاد السعودي. إذ أراد الأمير أن يُنهي ما اعتبره اعتماداً مفرطاً من جانب بلاده على الأيدي العاملة من الخارج والاستعانة بصندوق استثمار مالي لتطوير صناعات جديدة، مثلما يقول أشخاص مطلعون.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ محمد بن سلمان عيَّن الرميان، المدير التنفيذي السابق لأحد البنوك السعودية والمعروف كذلك بمشاركته في مجتمع النخبة السعودية التي تمارس الغولف وتُحب السيجار الكوبي، على رأس إدارة الصندوق.
وقد قال بعض الأشخاص المطلعين على شؤون صندوق الاستثمارات العامة إنَّ بعض الاستثمارات تجري بناءً على مشاعر محمد بن سلمان والرميان.
فيما قال المتحدث باسم الصندوق: "في التزامٍ صارم بمواثيقنا، دائماً ما تُتَّخذ جميع القرارات المتعلقة بالوجهة المناسبة لاستثمار أصول صندوق الاستثمارات العامة من جانب لجان الاستثمار لدينا".
لكنَّ الصندوق استثمر مليارات الدولارات في الأسواق العالمية بقدرٍ قليل من الانضباط والضوابط المؤسسية المعتادة التي تحكُم صندوقاً استثمارياً بحجمه، بحسب ما ذكر أشخاصٌ مُطَّلعون على شؤون الصندوق. وقد كانت إحدى نتائج ذلك أنَّ بعض المستثمرين شكَّكوا في الاستثمار الذي ضخَّه الصندوق بقيمة 45 مليار دولار في صندوق رؤية سوفت بنك بعدما تعثَّرت بعض محافظ الاستثمار التابعة له مثل شركة WeWork.
وفي بعض الأحيان، طلب مكتب الرميان من فِرَق الاستثمار في صندوق الاستثمارات العامة مقابلة أشخاص لم يفهموا ماهية دورهم في المحادثات، كما قال بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في صندوق الاستثمارات العامة.
وهذا ينطبق على ما حدث مع كارلا ديبيلو في أوائل العام الماضي 2019، حين لم يستطع المديرون معرفة سبب اجتماعهم بها عندما أتت إلى مكاتب صندوق الاستثمارات العامة لعرض اتفاق الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد، حسبما ذكر أشخاصٌ شاركوا في المحادثات.
إذ لم تكن كارلا، التي قضت سنوات في مجال الترفيه، لديها خبرةٌ تُذكَر في التعامل المصرفي أو عقد الصفقات الرسمية، ولا يبدو أنها تحمل شهادة جامعية في هذا المجال. فصفحتها على موقع "لينكد إن" تُظهِر أنَّ الشهادة التعليمية الوحيدة التي حصلت عليها هي شهادة في أسواق رأس المال الخاصة، وهي دورة جامعية مدتها ثلاثة أيام فقط. وتذكر صفحتها أنَّها باعت شهادات تأمين لأفرادٍ ذوي أصولٍ صافية عالية في شركةٍ للتأمين على المبيعات والتخطيط العقاري.
وخلال المحادثات المتعلقة بصفقة الاستحواذ على نيوكاسل، كانت كارلا واثقةً وجذَّابة، على حد قول أحد الأشخاص الذين التقوا بها آنذاك. ففي المملكة العربية السعودية، حيث عادةً ما يكون مبرمو الصفقات رجالاً ذوي نفوذ محاطين بحاشية من حولهم، تطلَّب مجيء كارلا إلى صندوق الاستثمارات العامة بمفردها شجاعةً كبيرة منها، حسبما ذكر الشخص نفسه.
وقد أثبتت كارلا مهارتها في تكوين علاقات في عالم الأعمال الخليجي. ففي منطقةٍ من النادر أن ترى فيها امرأة في موقع سلطة أو نفوذ، استطاعت كارلا بناء اسمٍ ومكانة عامة لنفسها، مما قادها إلى التعرُّف على سيدة أعمال غربية ناجحة أخرى تعمل في المنطقة: أماندا ستافيلي.
لكنَّها لم توضِّح سوى تفسيراتٍ روتينية لشروط الصفقة، ولم تستطع الإجابة عن الأسئلة اللاحقة حول العوائد والجدوى، بحسب ما ذكره الشخص نفسه.
الاستثمار في شركة أوبر
تجدر الإشارة إلى أنَّ الرميان ومحمد بن سلمان صديقان لترافيس كالانيك مؤسس شركة أوبر. وفي عام 2016، بعد مناقشة شراء حصةٍ بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة أوبر، رفع صندوق الاستثمارات العامة قيمة الاستثمار إلى 3.5 مليار دولار، حتى يتمكن الرميان من الحصول على مقعد في مجلس إدارة شركة أوبر، وفق ما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal في عام 2017.
وتبلغ قيمة حصة الصندوق في شركة أوبر حالياً حوالي 3 مليارات دولار. وقد رفض متحدث باسم الشركة التعليق على هذا الأمر.
وفي وقتٍ لاحق، عاد كالانيك إلى صندوق الاستثمارات العامة، مقترحاً عليه الاستثمار في شركةCloudKitchens لبناء المطابخ التجارية لطهي الوجبات وتوصيلها إلى المنازل. وقد رأى بعض مسؤولي صندوق الاستثمارات العامة الذين راجعوا الصفقة قبل اكتمالها في أوائل العام الماضي، أنَّها تحمل بعض خصائص الفقاعات الاقتصادية، بحسب ما ذكره أشخاصٌ شاركوا في الصفقة. وأضاف أولئك الأشخاص أنَّ كبار المسؤولين التنفيذيين في صندوق الاستثمارات العامة أوضحوا أنَّه حين أتى كالانيك المكتب، طرح عليه فريق الاستثمار بعض الأسئلة، وربما تفاوضوا معه بشأن قيمة الصفقة، لكنَّهم أتموا الصفقة في النهاية لأنَّ هذه كانت رغبة محمد بن سلمان والرميان.
وقال أحد الأشخاص الذين شاركوا في محادثات الصفقة إنَّ مارتن بوثا، مدير إدارة المخاطر في صندوق الاستثمارات العامة، حذَّر الرميان في أحد الاجتماعات من أنَّ هذه الصفقة محفوفة بالمخاطر. فوجَّه الرميان الشكر إلى بوتا، وطلب منه التوقف عن الحديث، حسبما ذكر الشخص نفسه. وفي نهاية المطاف، ضخَّ صندوق الاستثمارات العامة استثماراً قيمته 400 مليون دولار في شركة المطابخ التابعة لكالانيك، مُقيِّماً إيَّاها بـ5 مليارات دولار، ومن جانبه رفض كالانيك التعليق على هذا الأمر، بينما لم يرد بوتا على طلبات التعليق.
وفي عام 2016، وافق صندوق الاستثمارات العامة على أن يصبح أكبر مستثمر في صندوق رؤية سوفت بنك. وقد ساعدت استثمارات صندوق رؤية في رفع تقييمات بعض الشركات مثل شركة Wag لتطبيق تمشية الكلاب، التي شهدت انخفاضاً في قيمتها منذ ذلك الحين. فيما انضم الرميان إلى مجلس إدارة سوفت بنك.
وبعد مرور عام على استثمار صندوق الاستثمارات العامة في أوبر وسوفت بنك، كان الصندوق ما زال يجهل قيمة ممتلكاته بسبب سنوات من سوء إجراء عمليات المُحاسبة، حسبما أفادت صحيفة The Wall Street Journal في عام 2017. وقد تراوحت تقديرات المسؤولين الحكوميين السعودية لقيمة ممتلكات الصندوق آنذاك بين 180 مليار دولار و300 مليار دولار.
ويقول العديد من المديرين السابقين في صندوق الاستثمارات العامة إنَّ الصندوق عيَّن مديرين ماليين أجانب ذوي خبرة في مناصب رفيعة المستوى، لكنَّ الكثيرين منهم تركوا وظائفهم بعدما أدركوا أنهم لا يملكون القدرة على اتخاذ القرارات، وأنَّ الصندوق لم يكن يسير وفق المعايير التي توقعوها، وكان الكثيرون منهم منزعجين بشأن لقب "سيادتكم" المفضل لدى الرميان. وصحيحٌ أنَّ مطالبة الأشخاص المعروفين في الخليج بمناداتهم بمثل هذا اللقب ليست أمراً غريباً، لكنَّه لم يكن عادياً للمصرفيين الأجانب الذين اعتادوا مناداة رؤسائهم بأسمائهم الأولى مباشرةً.
علاقات كارلا ديبيلو
ترجع العلاقات بين كارلا والمملكة العربية السعودية إلى أحد جيرانها في مجتمع ساراسوتا المحاط بجدران وبوَّابات، الذي نشأت فيه منذ أكثر من 20 عاماً، وفقاً للسجلات العامة وتصريحاتها في الصحافة المحلية.
إذ كانت تسكن بجوار منزلٍ يملكه عصام غزاوي، مدير أموال أفراد عائلة الملك السعودي سلمان، والد محمد بن سلمان. وفي سن المراهقة، أصبحت مُقرَّبةً إلى ابنته عنود، التي كانت في أوائل العشرينيات من عمرها آنذاك، حسبما ذكر شخصٌ قضى بعض الوقت مع كارلا وعنود آنذاك.
ثم غادرت عنود فلوريدا متجهة إلى المملكة العربية السعودية قُبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وقد علم المحققون الأمريكيون لاحقاً أنَّ اثنين من المشاركين في الهجمات أمضيا وقتاً في منزل عائلة عنود بينما كانا يتلقيان دروساً في الطيران، وفقاً لوثائق تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي كُشِف عنها بموجب طلبات المعلومات ودعوى قضائية ضد الحكومة رفعها موقع Florida Bulldog الإخباري غير الربحي.
هذا ولم ترد عنود، التي لديها الآن شركة لتصميم العباءات المُفصَّلة في دبي، ولا والدها، على طلبات التعليق على هذه المسألة.
ثم انتقلت كارلا إلى لوس أنجلوس، حيث عملت لدى مُنتجٍ ترفيهي. وحين أصبحت في الحادية والعشرين من عمرها تقريباً عملت مُساعِدةً لدى ستيف وين، رجل الأعمال الشهير في مجال الفنادق وأندية القمار، حسبما كتبت في مقالة A Modern Role Model -أو "قدوة مثالية معاصرة"- التي نُشِرت في مجلة Harper's Bazaar Arabia في عام 2016.
وكتبت آنذاك: "ما زلت أشير إلى السنوات التي قضيتها في العمل مع ستيف وين بأنَّها "سنوات تعليم مجاني يُضاهي جامعة هارفارد". إذ منحني ذلك العمل أفضل تعليمٍ ممكن في مجال الأعمال". هذا ولم يرد محامي وين على طلبات التعليق على هذه المسألة.
علاقتها مع كيم كارداشيان
وفي لوس أنجلوس، عملت كارلا لدى مُنتِج أفلام، وساعدت لاحقاً في إنتاج مسلسل Keeping Up with the Kardashians. وقد تحدثت كارلا علانيةً عن صداقتها مع كيم كارداشيان وعملها في إنتاج المسلسل، وكتبت في مجلة Harper's Bazaar Arabia أنَّ كيم كارداشيان تُعَد واحدة من "أفضل صديقاتها"، وقال شخصٌ مقرَّب إلى كيم إنَّ كيم وكارلا لم يُعد بينهما اتصالٌ منتظم.
وبعد العمل على تنظيم مهرجان سينمائي أقيم في دبي في عام 2005، بدأت كارلا قضاء بعض الوقت في الخليج، حسبما كتبت في مجلة Harper's Bazaar Arabia. وذكر تقريرٌ نشر عنها في مجلة خليجية في العامة الماضي أنَّها تتردَّد على المملكة العربية السعودية منذ عام 2014.
وأنشأت كارلا شركتها الخاصة، CDB، في عام 2013، وهو العام الذي تركت فيه مسلسل Keeping Up with the Kardashians، وفقاً لصفحتها على موقع لينكد إن. ومنذ ذلك الحين، ازداد ظهورها العلني في الشرق الأوسط، حيث تكتب مقال رأي في النسخة المحلية من مجلة Harper's Bazaar Arabia، وتنشر صوراً لنفسها مع قادة المنطقة على إنستغرام.
وقالت في لقاءٍ صحفي أجري معها عبر الفيديو في العام الماضي: "أنا أعبِّر نوعاً ما عن الأشخاص الأجانب الغربيين الذين يأتون إلى الشرق". فيما ذكرت في لقاءاتٍ صحفية محلية أخرى أنَّها "ساعدت مجموعة استثمارية خاصة من الولايات المتحدة على جمع رأس المال" في المنطقة، وأنَّها تعمل على "صفقاتٍ بمبالغ مكوَّنة من تسعة أرقام".
وفي عام 2016، ظهرت كارلا وكريس جينر، والدة كيم كارداشيان، في دبي، للإعلان عن افتتاح فرعٍ محلي لجامعة Legacy Business School الهادفة إلى الربح، التي يقع مقرها في برج ترامب في ولاية نيويورك الأمريكية. ولم تستطع صحيفة The Wall Street Journal معرفة ما إذا كان فرع الجامعة في دُبي قد افتُتح بالفعل، ولم ترد الجامعة على طلبات التعليق على هذه المسألة في نهاية الأسبوع الماضي. فيما قال شخصٌ مُقرَّب إلى كريس جينر إنَّ ظهورها مع كارلا في هذا الإعلان كان مدفوع الأجر، وإنَّها ليس لها علاقة بالجامعة.
وعلى مرِّ العام الماضي، كثَّفت كارلا ظهورها العلني في المملكة. إذ ساعدت في إنتاج فيلم وثائقي عن استضافة المملكة العربية السعودية لسباق فورمولا إي للسيارات الكهربائية، وأقنعت شركة إنتاج في هوليوود بالمشاركة في إنتاج الفيلم. ونشرت على إنستغرام صورةً تجمعها بمحمد بن سلمان.
وذكر اثنان من الذين شاركوا في محادثات صفقة الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد أنهما ليس لديهما أي فكرة عن كيفية تمكُّن كارلا من الوصول إلى مكاتب صندوق الاستثمارات العامة حين ذهبت إلى هناك لتعرض عليهم الصفقة في أوائل العام الماضي. وقالا إنَّ أحد رؤسائهما أخبرهما بأنَّ مكتب الرميان يريد منهما أن يقابلاها. وذكر أحدهما أنَّ بعض المحللين الماليين السعوديين كانوا في حيرة، متسائلين ما الذين كانت تفعله كارلا هناك.
وقالت لهم كارلا آنذاك إنَّ مالك نيوكاسل يونايتد يريد بيع النادي، وإنَّها هي وأماندا ستافيلي تريدان التوصُّل إلى اتفاقٍ مع المملكة العربية السعودية بشأن شراء النادي، وإنَّهما ستؤديان دوراً في إدارة الصفقة مقابل الحصول على عمولةٍ وجزء من الأسهم، بحسب ما ذكره الشخص نفسه. هذا ورفض متحدث باسم نيوكاسل يونايتد التعليق على هذه المسألة.
وفي الشهر الماضي يناير/كانون الثاني، ذكرت صحيفة The Wall Street Journal أنَّ الصفقة على وشك الانتهاء، وأنَّ أماندا تعتزم شراء 10% من أسهم الفريق إذا تمت الصفقة. بينما لم تتمكن الصحيفة من تحديد ماهية المكافأة التي ستحصل عليها كارلا.