أعربت السلطات الإيطالية عن انزعاجها من إلقاء السلطات المصرية القبض على الباحث المصري باتريك جورج زكي الذي يدرس في إيطاليا، عقب وصوله إلى القاهرة، وتخشى روما من أن يلقى باتريك مصيراً مشابهاً لطالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني.
المشهد عن قرب: وجّهت السلطات المصرية اتهامات لباتريك بـ "الإضرار بالأمن القومي"، وتم اعتقاله عقب وصوله إلى مطار القاهرة في زيارة عائلية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 9 فبراير/شباط 2020.
سرعان ما دقّت السلطات الإيطالية ناقوس الخطر بشأن اعتقال باتريك، وقالت وزارة الخارجية لوكالة الأنباء الإيطالية Ansa إن "وزير الخارجية لويجي دي مايو يتابع الموقف عن كثب وأجرى اتصالات بالفعل بالسفارة الإيطالية في القاهرة للحصول على معلومات بخصوص الطالب المعتقل".
من جانبها، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي تتخذ من القاهرة مقراً لها، وحيث يعمل باتريك جورج باحثاً في النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان، إن الباحث "اقتيد سراً من المطار واستجوب في منشآت تابعة للأمن الوطني المصري في القاهرة والمنصورة، مسقط رأسه".
أشارت المبادرة أيضاً إلى أن باتريك "تعرّض للصعق بالكهرباء والتهديد وسُئل عن مختلف القضايا المتعلقة بعمله ونشاطه".
قلق على مصير باتريك: يواجه الباحث المصري تهمة "الإضرار بالأمن القومي"، وغيرها من التهم مثل التحريض على التظاهر والعمل على إسقاط الدولة وبث أخبار كاذبة والترويج للإرهاب.
كان باتريك قد تحدث سابقاً عن الأعمال الانتقامية بحق الناشطين المصريين والمجتمع المدني في 2018، قائلاً لوكالة الأنباء الإيطالية Dire: "نناضل من أجل نشطائنا، ومن أجل جوليو ريجيني أيضاً.. تحاول مؤسسات الدولة منع الناس من الحديث. المظاهرات ممنوعة. منظمات المجتمع المدني تتعرض للتهديدات".
من جانبها، أصدرت أليساندرا باليريني، المحامية الإيطالية لعائلة ريجيني، بياناً مشتركاً مع رابطة طلاب الدكتوراه والباحثين في إيطاليا، وطلّاب من جامعة بولونيا، ورابطة The Link الطلابية.
طالب البيان حكومة إيطاليا "بضمّ مصر إلى قائمة البلدان غير الآمنة، واستدعاء السفير الإيطالي في مصر لاستشارته. وبهذه القضية الجديدة، تُظهر مصر مجدداً قسوة الديكتاتورية والاستبداد".
أما ريكاردو نوري، المتحدث باسم مؤسسة العفو الدولية في إيطاليا، فقال إن السلطات الإيطالية والجامعية تقع عليها مسؤولية حماية باتريك، مضيفاً: "إننا قلقون من قرار حبسه مدة 15 يوماً، إنها استراتيجية تستخدمها مصر لإسكات الأشخاص الذين يقبعون في السجون لشهور أو سنوات، حتى ينساهم العالم بالخارج".
ردّ مصري: دفعت التصريحات الإيطالية المطالبة بالإفراج عن باتريك السلطاتِ المصريةَ إلى إصدار تعليق على الحادثة، حيث قالت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات التابعة للحكومة، نقلاً بياناً مصدر أمني لم تذكر اسمه، قوله إن "باتريك مواطن مصري وأُلقي القبض عليه بناءً على طلب نيابة أمن الدولة التي قررت احتجازه 15 يوماً على ذمة التحقيق".
عودة إلى قضية ريجيني: أعاد اعتقال باتريك قضية مقتل الباحث الإيطالي ريجيني إلى الواجهة، وكان قد اختفى في 25 يناير/كانون الثاني 2016، بعد أربعة أشهر من وصوله القاهرة لإكمال بحث الدكتوراه عن النقابات العمالية.
عُثر على جثتة ريجيني وعليها علامات تعذيب وحشي على الطريق الصحراوي خارج القاهرة بعد تسعة أيام، وفي عام 2018 حدد المدعي العام الإيطالي خمسة أفراد من الشرطة المصرية وجهاز الأمن الوطني بوصفهم مشتبهاً بهم في اختفاء وقتل ريجيني.
ورغم التعاون بين البلدين في العديد من القضايا مثل الحرب الأهلية في ليبيا، تظل قضية ريجيني عقبة في سبيل العلاقات الإيطالية المصرية، ومن المحتمل أن يزيد الأمر سوءاً باعتقال باتريك جورج.
كانت إيطاليا قد سحبت سفيرها في القاهرة من أبريل/نيسان 2016 حتى سبتمبر/أيلول من العام التالي، كما قرر البرلمان الإيطالي تعليق العلاقات مع مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
حتى الآن لا يزال التحقيق البرلماني الإيطالي الجاري في قضية ريجيني، وكتب إراسمو بالازوتو، رئيس التحقيق البرلماني المعنيّ بمقتل ريجيني، على تويتر: "كيف لا تزالون تعدّون مصر دولة آمنة؟ لا يمكن للحكومة الإيطالية أن تواصل دفن رأسها في الرمال وتبقي على علاقاتها مع دولة تستمر في انتهاك حقوق الإنسان بتلك الطريقة".