ماذا لو انتهى بك الأمر وحيداً في غرفة مع بائعة هوى تظهر كل ما يُجذِب من جسدها، وها هي تتودد إليك؟
هل ستلاطفها كما تلاطف حبيبتك الطبيبة المرموقة؟ أم ستهاجمها بكل قسوة وقوة؟
أعتقد أنك ستتحول إلى مفترس على هيئة بشر تهاجم كل ما لذ وطاب من جسدها.
ليس لأنك مفترس بطبيعتك بل لأن من أمامك تبيع لك جسدها.
حسناً، هكذا قدم ريال مدريد نفسه لسوسيداد في ليلة الكأس. قدم نفسه كوجبة لذيذة على طبق من ذهب. ليتحول ريال سوسيداد أمام ريال مدريد إلى وحش مفترس بدلاً من أن يقبل بدور الفريسة المقاومة. ربما لأن ريال مدريد هو من أعطاه هذه الفرصة.
جميعنا نعلم بأن الضغط العالي هو أكثر أساليب الضغط خطورة، سواء على المنفذ أو على الخصم، فماذا لو كان المنفذ سيئاً في تلك العملية؟
بالتأكيد ستتحول كل محاولة بناء هجمات تبدأ من دفاعات سوسيداد إلى عملية تحول سريع.
اعتمد ريال مدريد نظام المراقبة رجل لرجل في الضغط العالي أي أن كل لاعب مكلف بمراقبة لاعب. لكن ماذا لو كان حارس المرمى أليكس ريميرو الذي أكاد أجزم بأنه من أفضل من رأيت في عملية الخروج بالكرة تحت الضغط، مستغلاً قدرته على كسر خطوط ضغط الريال سواء بتمريرة في العمق أو بتمريرة قطرية خلف كل من إبراهيم دياز فينيسيوس جونيور.
إذا ما كانت التمريرة في العمق ترى صانع الألعاب أوديغارد يسقط عدة أمتار للخلف، رفقة المهاجم ميرينو لاستقبالها مما يضطر قلب الدفاع راموس وأحياناً ميليتاو للخروج من مكانيهما وترك المساحات خلفهما، هنا تبدأ عملية تحول سوسيداد سريعاً.
في لقطة الهدف الأول، الريال يراقب الجميع لكن هناك مدافعاً خالياً من الرقابة تصل الكرة له، سيضطر فينيسيوس لترك مساحته والتقدم قليلاً لمقابلة هذا المدافع الذي سيمرر في المساحة خلف فينيسيوس الذي ابتلع الطعم، مما سيضطر مارسيلو لترك منطقته لمراقبة حامل الكرة الجديد.
عادة يكون خروج مارسيلو لمراقبة حامل الكرة أمراً معتاداً؛ لأن راموس سيتكفل بتلك المساحة، لكن لأن راموس ترك منطقته لمقابلة ميرينو المتقدم للأمام وحيداً ستظهر المساحة خلف مارسيلو كأكثر المناطق التي استغلها سوسيداد.
ولأن الأمر أكبر من تحميل غياب كاسميرو مسؤولية تفسير الهزيمة، وجب علينا البحث لمعرفة من أخطأ في قراءة المباراة، ووجدنا أن هناك من لم يتقن نهج مباراته؛ سواء على مستوى تطبيق الضغط العالي أو الخروج من ضغط سوسيداد.
مرة أخرى نحو إيطاليا، ماسيميليانو أليغري يتحدث عن كون وظيفة المدرب هي التعرف على خصائص لاعبيه، دعنا نبحث مرة أخرى في أسلوب توني كروس في مثل هذه المباريات.
أعلم أنك تقول بداخلك توني كروس هو المتحكم في إيقاع ورتم ريال مدريد وأنه "المايسترو" في مدريد. ورغم المبالغة ليس لدي مانع في أن تصفه بذلك، أو أن تصفه بمدير الاستحواذ المثالي، على كلٍ دعنا نخرج من عالم المسميات إلى عالم الوصف والتحليل.
توني كروس ليس أندريا بيرلو أو لوكا مودريتش في كسر خطوط الضغط، بل إنه غير قادر على أن يكون فعالاً تحت الضغط، تكمن جودته في محاولاته الهروب من الرقابة والاستلام تحت خط الضغط، وليس أمامه من ثم إدارة الاستحواذ عن بعد إذا صحت التسمية.
لكن
ماذا لو احتجته في عملية الخروج بالكرة من تحت الضغط؟
ستجد تحويلات سريعة لجهة اللعب على كلا
الجهتين يميناً و يساراً في مواقف قد تصل إلى "3 ضد 1" أو أنه سيمررها
سريعاً لمن بجانبه، وثم يبحث عن المساحة للهروب من الرقابة والاستلام دون ضغط.
لكنه لن يتعامل مع الضغط وجهاً لوجه.
تلك هي خصائصه، غياب لوكا مودريتش أو إيسكو أو هازارد معاً يكون كارثة تحل على ريال مدريد لأنك أبداً لن تكون مثالياً في بناء الهجمة، بل ستبحث دائماً عن كرات ثابتة أو لعبة فردية لتسجل هدفاً.
أعلم أن البعض قد يعتبر هذا نوعاً من الهذيان، خاصة وأن كروس لعب دوراً كبيراً في ثلاثية الأبطال التاريخية ،فكيف يكون غير مثالي في الخروج من الضغط؟
السبب ببساطة هو أنه في السابق كان سقوط لوكا مودريتش وكريم بنزيمة للمساندة في عملية البناء فعالاً، لأن أحدهم سيستغل تلك المساحات ويتحرك في ظهر دفاع الخصم تطويلاً وتوسيعاً للملعب، لكنه الآن في تورينو يحاول إيجاد الحلول لماوريسيو ساري.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.